أنا كعينة سورية قبل الثورة

20 مارس 2018
+ الخط -
• التقت عيني بعين ضابط الأمن أكثر من مرة وأنا أنتظر دوري في طابور تجديد البيعة للرئيس، وعندما حان دوري ومددت يدي منتظراً شكة الدبوس بإبهامي (كانت البصمة بالدم ومازالت)، وأنا أراقب ورقة الاقتراع سمعت صوت ضابط الأمن وهو يقول (الدائرة الخضراء يا بني) في حين لم أكن ألحظ سوى الدائرة السوداء.

شعرت بأن المسافة التي ستقطعها إبهامي لتصل إلى الدائرة السوداء طويلة جداً، قبل أن يمسك ضابط الأمن يدي ويضغط بقوة على الدائرة الخضراء وهو يردد (لا تنس تأخذ قطعة حلو)، بعدها بيومين فقط نُقِلتُ أمنياً إلى مكان آخر.

• التقيت مصادفة بأحد عناصر الأمن فسألته عن نتائج إحدى المسابقات التي كانت قد أعلنت عنها الدولة، وكنت قد اجتزت الامتحان الكتابي والشفهي ولم يبق سوى ما كان يسمى وقتها  "الدراسة الأمنية".

سألني عن اسمي، قلت: فايز مشعل تم.. قبل أن أكمل صرخ كثعلب ساخر، لك أنت ابنه لمشعل التمو، لكان أبشر، شغلتك عندي.


بقيت بعدها لمدة خمس سنوات أتنقل من عمل إلى آخر في القطاع الخاص، بعيدا كل البعد عن تخصصي.

• في فرع فلسطين سألني المحقق: اسمك الثلاثي؟
فايز مشعل تمو.
- بدأنا بالكذب.
- أين الكذب بالاسم.
- أنت بتعرف.
- الـ الـتمو عفواً.

- احكي لنا عن مشاركتك بالمظاهرات التخريبية بالقامشلي عام 2004. ( هذا الكلام في 2008).

يدخل رجل الغرفة يقترب من المحقق يلقي نظرة على الأوراق الملقاة على طاولة المحقق ثم يقول: هذا ابنه لـ( مع حركة برأسه كمن لا يريد إفشاء سر)، يجيبه المحقق هو بذاته، يسأل الرجل دون أن ينظر إلي: كيف سترث حزب والدك.

أنا لا أحب الأحزاب ولا السياسة، ولماذا علي أن أرث حزبا سياسيا.
- لأنها عادة.
عادة؟؟؟؟

• أرسلت قصة قصيرة إلى إحدى الصحف السورية، ولما تأخر الرد والنشر وبما أن ذلك سبق عصر الإنترنت والبريد الإلكتروني فما كان مني إلا أن اتصلت على رقم هاتف رئيس التحرير:

- بعد أن عرفت عن نفسي وسألت عن قصتي وأين انتهى بها الحال...
قال من أين حضرتك؟
- من القامشلي؟
- كردي.
- نعم.

ضحك طويلا وقال: من القامشلي وكردي، هذه لوحدها قصة، وأغلق الهاتف.
0F3B27E0-DE82-45C0-A690-F648BD89D32A
فايز مشعل التمو

سوري مقيم في ألمانيا... أكتب القصة القصيرة، صدر لي "مجموعة ديمقراطية أبي".يقول: تقع على عاتقي مسؤولية ما، دون أن أكون مسؤولا!

مدونات أخرى