أميركا تغزو أفريقيا "استثمارياً" عبر المغرب والجزائر

06 اغسطس 2014
استضاف أوباما ممثلي 50 دولة أفريقية (فرانس برس/Getty)
+ الخط -
عُقدت القمة الأفريقية الأميركية الأولى، في العاصمة الأميركية، واشنطن، أمس الإثنين، والتي حملت في ظاهرها عنوان "بحث سبل تنمية وتطوير دول القارة، حتى تتمكن من اللحاق بركب الدول المتقدمة". إلاّ أن كواليسها، ركّزت على الدورين المغربي والجزائري، اللذين سيمهدان الطريق أمام واشنطن لغزو القارة السمراء، التي تنافسها عليها كل من فرنسا والصين.
وحضر القمة رؤساء وممثلي 50 دولة أفريقية، بينما تغيّب الملك المغربي، محمد السادس، والرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، وناب عنهما رئيسا الحكومتين، وهما على التوالي عبد الإله بن كيران، وعبد الملك سلال.
وحمل الوفد المغربي معه، إلى القمة الأولى، ورقة الاستثمارات، إذ تنظر واشنطن بعين الرضا إلى نتائج زيارات العاهل المغربي المتكررة إلى عدد من البلدان الأفريقية، ودعوته إلى تحقيق نموذج اقتصادي ناجح في القارة السمراء.
هذا ما يفسر تركيز رئيس الحكومة المغربية، في مداخلته في القمة، على ما أسماه "الدور الريادي الذي يضطلع به الملك محمد السادس، في منح أفريقيا استقراراً، سيساعدها على إطلاق مشاريع، لتحقيق التقدم والتنمية المستدامة والمتضامنة، في إطار تعاون فعّال"، وفق تعبيره.
ويعتبر اللوبي الاقتصادي في الولايات الأميركية أنه يمكن لواشنطن أن تعتمد بكل ثقة على الورقة المغربية الحاضرة بقوة في أفريقيا، من أجل تمهيد الطريق أمام شركاتها الكبرى إلى الأسواق الأفريقية الخصبة، في خضم منافسة شديدة مع فرنسا الحليف التقليدي للأفارقة، والصين الصاعدة في المنطقة.
ويبدو أن المغرب يعي جيداً أهمية الورقة الدبلوماسية والاقتصادية التي يمتلكها، المتمثلة في علاقاته المتميزة مع دول أفريقية عديدة، خصوصاً في الغرب، فضلاً عن الشراكة الاقتصادية التي أرساها مع تلك البلدان، إذ كثف رجال الأعمال المغاربة من استثماراتهم في تلك الدول.
وفي هذا السياق، أفادت رئيسة "الاتحاد العام لمقاولات المغرب"، مريم بنصالح، أن "المملكة باتت بوابة رئيسية، لا غنى عنها لمن يريد إقامة مشاريع اقتصادية في أفريقيا". وأشادت بدور الدبلوماسية الرسمية، التي جعلت من الرباط، شريكاً ذا مصداقية كبيرة، يُمكن للمستثمرين الأميركيين أن يعتمدوا عليه في أفريقيا.
وتتضمن الرؤية المغربية الرسمية للشراكة الإستراتيجية، إرساء دعائم تعاون ثلاثي بين المغرب والقارة الأفريقية والولايات المتحدة؛ ولعل هذه الرؤية المتقدمة دفعت إدارة أوباما لاستدعاء المغرب إلى القمة، على الرغم من أنه ليس عضواً في منظمة الاتحاد الأفريقي.
وربما تختلف الجزائر في رؤيتها قليلاً عن المغرب، بما تقدمه من أوراق للولايات المتحدة عبر الطاقة والمعادن، وهو ما يؤشر عليه الوفد الرسمي، الذي حلّ في واشنطن للمشاركة في القمة الأولى، فبالإضافة إلى رئيس الحكومة، تواجد وزير الطاقة، يوسف اليوسفي، ووزير الصناعة والمناجم، عبد السلام بوشوارب.
غيّر أنّ واشنطن ترى في الجزائر أكثر من الإغراءات المتعلقة بالغاز ومواد الطاقة، فهي تعوّل عليها لتمهيد الطريق من أجل اقتحام أفريقيا، من خلال الورقة الأمنية ومحاربة الإرهاب، بالاستناد إلى "نجاح" الدبلوماسية الجزائرية في احتضان وساطة سياسية تسمح بتبنّي الحلّ للأزمة المتشعبة في دولة مالي.
وتراقب الإدارة الأميركية عن كثب جهود الجزائر في مكافحة الجماعات الإرهابية، خصوصاً تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي"، وباقي التهديدات الأمنية في الشمال والساحل الأفريقي، ما يجعلها مرجَحة لحمل الراية الأميركية وبسط مصالحها الجيو ــ سياسية داخل القارة السمراء.
وعلى الرغم من الدلائل التي تثبت استخدام واشنطن الورقة المغربية والجزائرية، من أجل إيجاد موطئ قدم في القارة الأفريقية، إلاّ أن بعض المحللين لا يعتبرون أن المغرب والجزائر قد يشكلان أهمية كبيرة في الخطط الأميركية المستقبلية داخل أفريقيا.
وبالنسبة لوجهة النظر هذه، فإن واشنطن تهتم أكثر بقلب أفريقيا، أكثر من اهتمامها بشمالها الممثل بالمغرب والجزائر وتونس، كما تركز على الاتحاد الأفريقي الذي لا تنتمي إليه الرباط.