كشف مسؤول أردني، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن الجهات المختصة في بلاده تتابع حاليا حيثيات طلب الملحق التجاري الأميركي لدى الأردن، بنجامين ثومسون، من رجال أعمال وتجار وصناعيين أردنيين، عدم التعامل نهائيا مع الجانب السوري، وتهديدهم بالعمل ضدهم في حال استمروا في إقامة علاقات اقتصادية وتجارية مع سورية.
وأضاف المسؤول الأردني، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الجهات المعنية تقوم بمتابعة لقاءات الملحق التجاري لدى السفارة الأميركية بعدد من رجال الأعمال من تجار وصناعيين، وطلبه منهم عدم التعامل مع سورية.
وقال رجل أعمال أردني بارز يملك واحدة من أكبر الشركات الصناعية في الأردن، لـ "العربي الجديد"، إن الملحق التجاري قام بزيارة عدة شركات أردنية وطلب منها ضرورة الالتزام بالعقوبات التي تعتزم الولايات المتحدة فرضها على سورية.
وأضاف رجل الأعمال، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الملحق التجاري أكد أن العقوبات التي ستفرض على سورية وينتظر إقرارها من قبل الكونغرس الأميركي ستكون مشددة وبدرجة لا تقل عن العقوبات المفروضة على كل من إيران وكوريا الشمالية.
وقال إن الملحق التجاري الأميركي يتوقع صدور تلك العقوبات وتطبيقها خلال الأسابيع المقبلة، مشيرا إلى أن العقوبات ستشمل كافة التعاملات الاقتصادية مع سورية، بما في ذلك مشاريع إعادة الإعمار.
وحسب رجل الأعمال، فإن الملحق التجاري قال إنه ربما يتم السماح للتعاملات التجارية الإنسانية فقط التي تهم الشعب السوري مثل الأغذية، وأن ذلك سيحتاج إلى أذن خاص من قبل الحكومة الأميركية، ليتم السماح للشركات بالقيام بهذا النوع من التبادلات التجارية.
وزاد أن الملحق التجاري الأميركي قال إنه سيتم فرض عقوبات على الشركات الأردنية وأي شركات أخرى تتعامل مع سورية، ومن ذلك منعها من التعامل مع الولايات المتحدة، وحظر تحويلاتها المالية من خلال البنوك بالدولار.
ونقل رجل الأعمال عن الملحق التجاري قوله أيضا إن "الباب متاح للأردن للتعامل مع العراق وفلسطين، وأما سورية فلا".
وقال إن رجال الأعمال الأردنيين أبدوا اعتراضهم على طلب الملحق التجاري الأميركي، كون سورية أحد شرايين اقتصاد البلاد، والتعاملات التجارية مع العراق لا تزال في الحدود الدنيا وغير متاحة في السوق الفلسطيني الذي يخضع لسيطرة كاملة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
إلى ذلك، هاجم عضو مجلس النواب الأردني، النائب عبد الكريم الدغمي، الملحق التجاري في السفارة الأميركية في عمان، مشيرا إلى أن الملحق هدد تجارا وصناعيين أردنيين لثنيهم عن العمل مع سورية.
وقال الدغمي، خلال جلسة لمجلس النواب، أول من أمس، إن الملحق التجاري في السفارة الأميركية هدد تجار الأردن وحذّرهم من التعامل مع التجار السوريين، واصفا تصرّف الملحق التجاري خلال اجتماع جمعه بالتجار بـ"البلطجة، والتصرف الأرعن"، بحسب تعبيره.
واستنكر الدغمي هذا التصرف قائلا: "أستنكر البلطجة التي يمارسها الملحق التجاري للسفارة الأميركية في عمّان، وتنبيهه على التجار بلغة غير مقبولة"، مضيفا: "هذا التصرف يخالف كافة الأعراف الدبلوماسية".
يذكر أن الأردن والولايات المتحدة وقّعا مذكرة تفاهم، مدتها خمس سنوات، تعهدت بموجبها الولايات المتحدة بتقديم 1.275 مليار دولار سنوياً من المساعدات الخارجية من 2018 إلى 2022، أي ما مجموعه 6.375 مليارات دولار.
وزاد الكونغرس الأميركي في 2018 من المساعدات المتعهد بها إلى 1.525 مليار دولار. يشمل هذا التمويل 1.08 مليار دولار كمساعدات اقتصادية، إضافة إلى دعم بقيمة 425 مليون دولار للجيش الأردني.
وكانت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الناطقة الرسمية باسم الحكومة الأردنية، جمانة غنيمات، أعلنت، في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن فتح معبر جابر نصيب الحدودي بين الأردن وسورية.
وتمكّن جيش النظام السوري، في يوليو/تموز الماضي، من استعادة السيطرة على معبر نصيب، الذي أغلق في 2015 بسبب المعارك ضد فصائل المعارضة.
وألقى فتح الحدود البرية مع سورية بظلال إيجابية على الاقتصاد الأردني، من حيث تدفّق السلع في الاتجاهين، خاصة الغذائية، وانتعاش أسواق الصرافة بسبب الإقبال الكبير على الليرة السورية، إضافة إلى تحريك القطاعات اللوجستية كالنقل والتخليص وغيرها.
ويرى الخبير الاقتصادي مازن مرجي، أن تشديد العقوبات الاقتصادية على سورية ومطالبات الملحق التجاري، ستلحق الأذى بشكل كبير بالقطاع الخاص الأردني الذي انتظر بفارغ الصبر إعادة فتح الحدود مع الجانب السوري.
وقال مرجي لـ"العربي الجديد" إن تحركات المسؤول الأميركي مستغربة، ولا يجوز أن تتم مطالبة الشركات الأردنية بهذا الشكل، مؤكدا أهمية مراعاة الظروف الاقتصادية للبلاد التي تعاني بسبب أزمات المنطقة، خاصة استضافتها حوالي 1.4 مليون لاجئ سوري.
وصرح رئيس جمعية المصدّرين الأردنيين، عمر أبو وشاح، لـ"العربي الجديد"، بأن تشديد فرض عقوبات على سورية سيؤدي إلى آثار سلبية كبيرة على الأردن من الناحية الاقتصادية، خاصة أن صادرات البلاد تواجه معاناة في الدخول إلى العراق وفلسطين وغيرها، بسبب الاضطرابات في المنطقة.
وأضاف أن إغلاق الحدود مع كل من سورية والعراق تسبب في تراجع الصادرات الأردنية بنسبة وصلت إلى 10% في السنوات الأخيرة، مؤكدا أن قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والشحن البري والخدمات اللوجستية ستستفيد كثيرا من فتح الحدود مع البلدين.