تجدها في كلامهم وفي حياتهم وتاريخهم كذلك. عكست تجاربهم وأدوار أسلافهم التاريخية، وفي ذات الوقت تجسد تجاربهم: الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية والفكرية وتحمل في معانيها أسلوب التعاملات والمعاشرات الاجتماعية.
لا يعرفون قائلها، ويجهلون أحيانا قصتها ومع ذلك يتندرون بها شغفا. كثيرة هي لا حصر لها، رسخت في عقولهم، على اختلاف أجيالهم وثقافاتهم وميولهم ومعيشتهم ومكانتهم. تكون في كلامهم، وتختصر تجاربهم في الحياة، وتجسد ما قاله العرب قديما "المثل في الكلام كالملح في الطعام"!
لا يعرفون قائلها، ويجهلون أحيانا قصتها ومع ذلك يتندرون بها شغفا. كثيرة هي لا حصر لها، رسخت في عقولهم، على اختلاف أجيالهم وثقافاتهم وميولهم ومعيشتهم ومكانتهم. تكون في كلامهم، وتختصر تجاربهم في الحياة، وتجسد ما قاله العرب قديما "المثل في الكلام كالملح في الطعام"!
هي "الأمثال الشعبية"، صدى تتميز به النفس العراقية فتنطق به على شكل قصة معبرة عما يدور بداخلها؛ بشعور مشابه لحال قائله في سالف الأزمان.
يُشخص المثل الشعبي في العراق؛ حالة المجتمع ومشاكله السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية بما فيها من علاقات وسلوكيات، تحدد لكل فردٍ من أفراده، أو جماعة من جماعاته؛ مساوئ ومحاسن: السلطة والسياسة، المال والاقتصاد، الرجال والأعمال، الغنى والفقر، الطمع والتبذير، القناعة والتدبير، البيع والشراء، وأنواع العمل وأساليب الحياة المختلفة.
فهي انعكاس لحياة الإنسان؛ بخيرها وشرها، حلوها ومرها، ولكل مثل منها هدف واضح ومقصود، تستعرض الخير والشر؛ وتدفع بالإنسان إلى الأول وتحذره من الثاني، مستخدمة وسائل عدة، بدءاً بالنصيحة، مرورا بالتهجم، وانتهاء بالتهكم والسخرية.
ولعل الجانب السياسي المضطرب في العراق، هو من أبرز القضايا التي يتندر بها العراقيون بأمثالهم الشعبية، وعادة ما ينال هذا الجانب الكثير من التهجم والتهكم والسخرية من رجال السياسة والدولة في البلد، ومن أبرز تلك الأمثال "حاميها حراميها" وهو ما يضرب على وعود الساسة المتمثلة بالمبادرات والإصلاح الموعود.
وغالبا ما تنتهي جلسات النقاش العراقية التي تناقش تصريحات المسؤولين السياسيين في البلد بهذا المثل "حجي (كلام) الليل يمحيه النهار"، وهو ما يعبرون فيه عن فقدان ثقتهم بتصريحات المسؤولين الذين كثرت وعودهم بلا تنفيذ، وفيما إذا كان الأمل ممكنا تجاه وعود وتصريحات المسؤولين فيعبر العراقيين ساخرين عن تلك الحالة بهذا المثل "عيش يا حمار إلى ان ليجيك (يأتي) الربيع".
"أطرش بالزفه" قد يكون هذا المثل من أقسى الأمثال التي تضرب على أدوار السياسيين، والبرلمانيين، ورجال الدولة العراقية، الذين وضعوا في مكانٍ يجهلون دورهم فيه، فتجدهم حائرين لا يعرفون ما أوكل إليهم، فهم لا يقومون بواجبهم كما هو مطلوب منهم.
ومن أبرز الأمثال التي تتعلق بنزاهة زعماء العراق ورجالاته ذلك الذي يقول: "ودع البزون (قطة) شحمه"، فهو يلخص ما يعانيه العراقيين من أزمة الثقة بين المجتمع والمسؤولين بعد محطات عديدة ساهمت بفقدانها، وعادة ما يختتم النقاش حول تلك المواضيع بمثل عراقي غاضب لما يحدث في البلد "خل يأكلون بحال خالهم". وفي تلك الأجواء الغاضبة، يحاول هذا المثل "خيرها بغيرها" أن يخفف على العراقي الغاضب غضبه، وأن يخفف عليه انفعاله، فيعده بأن القادم سيكون أفضل من دون شك.
(العراق)