أماكن مقدّسة!

19 نوفمبر 2019
(سانتا ماريا ماجوري)
+ الخط -

لم تعد تلك الإشارات المعلّقة في البوّابة، بالتزام الصمت أو عدم التصوير، تنفع في شيء. فقد بات السيّاح أكثر عدداً من الرهبان والمصلّين داخل "كنيسة سانتا ماريا ماجيوري". حركة دؤوبة لا تتوقّف بين مذهول من زخرفة الأعمدة، وناظر يتأمّل رسومات السقف، وآخر يبحث في رمزيات مبعثرة ضمن مشهد إنجيلي في لوحة عملاقة. بذلك لم يعد السائح دخيلاً على هذا "المكان المقدّس".

كيف كانت هذه الكنيسة منذ سنوات؟ هل يمكن مع هذه الجلبة أن نتخيّل هدوءها القديم الذي لا تقطعه سوى دقّات النواقيس موقِّعةً ساعات يومها، أو ترانيم العاكفين على طقس من الطقوس؟

يقال إنَّ كنيسة سانتا ماريا ماجيوري هي أقدم كنيسة في روما مشيّدة باسم مريم العذراء، حيث يعود بناؤها الأول إلى القرن الرابع ميلادي، ويُروى أن تاجراً غنياً قد اعتنق المسيحية وحضرته مريم العذراء في المنام طالبةً منه تشييد كنيسة، فلما تحدّث بما جاء في منامه علم أن البابا ليبيريوس شاركه نفس الحلم، ليبدأ في بنائها.

من المؤكّد اليوم أن البناء الأول قد اختفى تحت طبقات عديدة من التشييدات اللاحقة، حيث تنافس المهندسون والنحّاتون، خصوصاً في عصر النهضة، على تطوير أبهتها، حتى أصبحت التحفة التي تبهرنا اليوم.

لولا هؤلاء، هل كان السيّاح سيأتون مُسرنمين إليها؟ هؤلاء الفنّانون الذين كانوا يجتهدون في تجسيد المقدّس، ولم يعلموا بأنهم قد بدأوا في حجبه.

دلالات
المساهمون