ألغاز اغتيال قادة "أحرار الشام" تتفاقم

14 سبتمبر 2014
إخفاء حقيقة وحيثيات عملية الاغتيال (أحمد علي/الأناضول/Getty)
+ الخط -

لا تزال حركة "أحرار الشام" تفرض طوقاً أمنياً مشدداً حول مقراتها الواقعة إلى الشمال الغربي من بلدة رام حمدان، في ريف إدلب، والتي حصل فيها التفجير الذي أودى بحياة ثمانية وعشرين من قيادات الحركة بالإضافة إلى عشرات من عناصر الحماية الخاصة بهؤلاء القادة الذين كان في مقدمتهم حسان عبود، المعروف بأبي عبد الله الحموي، الذي شغل منصب القائد العام للحركة ورئيس المكتب السياسي لـ"الجبهة الإسلامية".

ويروي شاهد من سكان بلدة رام حمدان، التي تقع على بعد مئات الأمتار فقط من المقر السري الذي حصل فيه التفجير، وهو المقر الذي يُعرف باسم "المقر صفر"، لـ"العربي الجديد"، أنه كان "ماراً بسيارته على الأوتوستراد الواصل بين معبر باب الهوى وبلدة معرة مصرين في طريقه إلى بيته، حين شاهد دخاناً أبيض ينبعث من مقرات حركة (أحرار الشام)، الواقعة إلى يسار الطريق في مباني البحوث الزراعية الموجودة إلى الشمال الغربي من رام حمدان، والتي تُعرف بين السكان باسم مباني (الريجي)"، في إشارة إلى مستودعات الشركة السورية العامة للتبغ والتي حوّلتها كتائب الثوار إلى مقرات لها بعد انطلاق الثورة.

ويوضح شاهد العيان أنه استغرب "لامبالاة عناصر الحاجز التابع لحركة (أحرار الشام)، الواقع على الأوتوستراد قرب باب البحوث الزراعية، بسحابة الدخان الضخمة التي انبعثت من المقر صفر"، ويشير إلى أن "عناصر الحاجز كانوا يشربون الشاي عند مروره قربهم في الوقت الذي كان ينبعث فيه الدخان من المقر صفر".

واستمرت عملية انبعاث الدخان لأكثر من ساعتين من الساعة الرابعة وعشرين دقيقة حتى الساعة السادسة والنصف قبل أن تحصل حالة كبيرة من الفوضى في المنطقة عند انتشار خبر بين السكان عن حصول تفجير أثناء اجتماع لقيادة حركة "أحرار الشام"، الأمر الذي أدى لدفع المئات من الشبان من القرى والبلدات المحيطة للتوجه نحو المقر لاستطلاع الأمر.

ويقول أحد عناصر "فيلق الشام"، ياسين عبد الحميد، لـ"العربي الجديد"، لحظة وصوله إلى المقر صفر: "كان هناك العشرات، وربما المئات، من الشبان المسلحين الذي تجمعوا في مقرات البحوث الزراعية الذي يتبع "المقر صفر" لها، وكان عناصر حركة (أحرار الشام) يمنعون أي أحد من الاقتراب من المقر".

ويضيف أنه "على الرغم من تجاوزنا للحاجز الأخير الذي يفصل المقر السري، الواقع تحت الأرض، عن باقي المباني التي تبعد عنه نحو 300 متر، إلا أن مقاتلي حركة (أحرار الشام) رفضوا السماح لنا بالدخول للمساعدة في عملية استخراج الجثث. لكنيّ تمكنت من رؤية آثار دمار في مدخل المقر تشير إلى حصول انفجار قوي، وهو على الأكيد الانفجار الوحيد الذي سُمع صداه في المنطقة في الساعة الرابعة وعشرين دقيقة".

والمقر صفر هو عبارة عن قبو واسع يتم النزول إليه بأكثر من ثلاثين درجة، كانت تستخدمه الشركة العامة للتبغ كمستودع لمادة التبغ، قبل أن يحوله قائد "لواء بدر"، أبو أيمن بدوي، إلى مقر قيادة للوائه، وكانت تجري فيه في ما بعد معظم الاجتماعات السرية لقيادة حركة "أحرار الشام".

والمصادفة الغريبة من نوعها، كانت خلوّ المقرات القريبة من "المقر صفر" من عناصر الثوار، فقد أكدت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن "جيش المجاهدين قام بإخلاء مقره في البحوث الزراعية منذ نحو أسبوعين بسبب توجه كتائبه لتعزيز جبهات حلب الساخنة، كما أفرغ فيلق الشام مقره في البحوث الزراعية منذ أيام بعد إرساله لهم إلى حلب أيضاً لتعزيز قوات الثوار هناك، لتبقى مباني البحوث خالية إلا من مقاتلي حركة أحرار الشام، الأمر الذي شجع قيادتها على عقد اجتماع كهذا في هذا المكان".

وأثارت صور الجثث التي بثّها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أظهرت قادة "أحرار الشام" وقد فارقوا الحياة من دون إصابتهم بأي جروح، العديد من الأسئلة، حيث بيّنت الصور الجثث منتفخة ومتلونة بالأزرق بالإضافة إلى خروج دم من أفواه المتوفين. وقال الطبيب باسيل جنيدي، لـ"العربي الجديد": "يبدو من الأعراض الظاهرة على الجثث أن الإصابة ذات طبيعة كيميائية غازية بسبب أعراض الاختناق الواضحة على الجثث لجهة تمزيق المتوفين لثيابهم واللون الأزرق البادي على وجوههم. ومن المستبعد أن تكون الإصابة ناتجة عن استنشاق أحد أنواع الفوسفات العضوية أو السارين، ويرجح أن تكون الإصابة ناتجة عن استنشاق غاز الخردل، بسبب وضوح حصول نزيف رئوي لدى المتوفين أدى لخروج الدماء من أفواههم".

ولم تصدر "أحرار الشام" إلى الآن بياناً توضح فيه ملابسات الحادثة، كما أنها استعجلت دفن المتوفين من قادتها من دون إجراء فحوصات طبية على الجثث قبل دفنها، وما زالت تفرض إلى الآن طوقاً أمنيا مشدداً على المكان في محاولة للتكتم على ملابسات ما جرى.

دلالات
المساهمون