أكبر صدمة في تاريخ البرازيل "ماراكانازو" أم "مينيرازو"؟

09 يوليو 2014
سقطت البرازيل مجدداً بعد نكسة 1950 (Getty)
+ الخط -

لن يستفيق البرازيليون وعشاق منتخبهم الكروي حول العالم من صدمة الخسارة الكارثية (7 ـ 1)، من ألمانيا، لكن المجال يسمح لطرح سؤال: أيهما أسوأ "ماراكانازو" أم "مينيرازو"؟

تخوّف البرازيليون ومحبو "السيليساو"، قبل المونديال، من تكرار نكسة "ماراكانازو" التي ترجع للعام 1950، نسبة الى خسارة راقصي السامبا للمباراة النهائية لأول بطولة كأس عالم يستضيفونها على أرضهم، وذلك امام الأوروجواي على ملعب "ماراكانا"، ومن هنا جاءت التسمية للتضخيم من هول الفاجعة التي شهدها هذا الملعب.

وبعد مرور 64 عاماً على تلك الكارثة، عادت البرازيل لتنظم كأس العالم للمرة الثانية، وكان من المنتظر أن يحتضن ملعب "ماراكانا" المباراة النهائية من جديد، وحلم أبناء البلد اللاتيني بتضميد الجرح العميق بعد كل تلك السنوات، والظفر بالكأس على المستطيل الأخضر الملعون.

لكن الألمان عطّلوا مسيرة البرازيل وأطاحوا بالبلد المنظّم من نصف النهائي بأسوأ سيناريو ممكن وبأكثرها إذلالاً، بعد فوزهم بسبعة أهداف، ليتكبّد "السيليساو" أكبر خسارة في تاريخه المديد، ويتعرض لأكبر هزيمة في تاريخ مباريات المربع الذهبي للمونديال.

نكسة السباعية تمت على أرض ملعب "مينيراو" بمدينة بيلو هوريزونتي، لتنتشر إعلامياً بعد المباراة مباشرة تسمية "مينيرازو" لتوصيفها، وتبدأ المقارنات مع "ماراكانازو"، بعدما كانت البرازيل تنتظر لعقود استضافة المونديال من أجل إنهاء عقدة "ماراكانا" في ريو دي جانيرو، لكن العار لم يمحَ، بل تلطخت سمعة البرازيل مجدداً وبأسوأ ذكرى مونديالية في تاريخهم.

وبالعودة الى التساؤل الرئيسي: هل "مينيرازو" أسوأ لدى البرازيليين أم "ماراكانازو"؟ هل خسارة لقب المونديال في النهائي وفي الدقائق الاخيرة أمام الأوروجواي أشد قسوة؟ أم الخروج من النصف نهائي أمام ألمانيا بنتيجة قياسية؟ وفي كلتا الحالتين كانت تدعمه الأرض ومئات الآلاف من الجماهير.

يمكن استنتاج إجابة منطقية لهذا السؤال من خلال خمس نقاط:

1 - أكبر صدمة معاصرة:

تشير البيانات الى أن 63% من الشعب البرازيلي لم يكن قد ولد قبل مباراة ماراكانازو، بالتحديد قبل تاريخ 16 يوليو/ تموز 1950، حيث شاهد المباراة من الملعب 174 ألف مشجع، وبضعة ملايين تابعوها آنذاك عبر "الإذاعة" أو عرفوا عنها من خلال صفحات الصحف أو بالنقل الشفهي، حسب "الفيفا".

أما مباراة "مينيرازو"، فقد باتت أكبر كابوس يعيشه الأحياء من شعب البرازيل حالياً، وباتت الحدث الأبرز في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام حول العالم، وتفاصيلها واضحة ومعروفة للجميع، ما يثقل الفضيحة.

2 - ثورة الجماهير:

يتحدث ألسيديس جيجيا، صاحب هدف فوز الأوروجواي على البرازيل في "ماراكانا"، عن رد فعل جمهور "السامبا" بعد الهدف، فيقول إن الصمت كان مخيفاً، رغم أنه وزملاؤه لم يكن بإمكانهم سماع أنفسهم من ضجيج الجمهور وتشجيعه الحماسي في الملعب قبل هدفه.

لكن ردة الفعل مختلفة في ليلة "مينيرازو"، حيث أطلق كثير من المشجعين صافرات استهجان ضد اللاعبين والمدرب، لويز فيليبي سكولاري، وحاول بعضهم الاعتداء على رأس الحربة الأساسي، "فريد"، صاحب الأداء المتواضع طوال البطولة، وفي المقابل قاموا بالتصفيق للاعبي ألمانيا، وهتفوا بكلمة: "أوليه" الشهيرة. وعقب المباراة، رصدت العديد من أحداث الشغب.

3 - تباين الأداء:

قدمت البرازيل في مونديال 1950 مسيرة رائعة خلال البطولة، وحققت فوزاً كاسحاً على اثنين من أكبر المنافسين، حيث سحقت السويد (7 – 1) وإسبانيا (6 – 1). ولم ترضِ البرازيل 2014 عشاقها في أي مباراة، حيث سقطت في فخ التعادل أمام المكسيك في الدور الأول، وخدمها الحظ أمام تشيلي في ركلات الترجيح بدور الـ16، ونجت بأعجوبة من كولومبيا في ربع النهائي.

4 - غرور الصحافة:

لم تضع صحف البرازيل عام 1950 منتخبها ضمن المرشحين للقب، حيث لم يسبق له التتويج به، وكان أقرب مركز وصل اليه "الثالث" في مونديال فرنسا 1938، ورغم ضياع اللقب، إلا أن الوصول للنهائي كان في حد ذاته إنجازاً للمنتخب "الأصفر".

أما صحف البرازيل المعاصرة، فاحتفلت قبل الأوان، واعتبرت أن منتخبها سيفوز بالكأس حتى بعد إصابة النجم والهداف الأول نيمار، في وقت عنونت بعض الصحف صفحاتها الرئيسية بعبارة: "البرازيل بطلة العالم"، ما جعل الهزيمة أمام "الماكينات" غير متوقعة تماماً، حتى لو كان بنتيجة أقل، والدليل أن بكاء المشجعين انهمر بعد الهدف الثاني والثالث "للمانشافت".

5 - مستقبل مجهول:

بعد تجاوز صدمة ماراكانا، ساد شعور بالتفاؤل إزاء إمكانية التعويض في أقرب فرصة، وبالفعل تحقق حلم الكأس الأولى على يد بيليه ورفاقه بعد ثمان سنوات فقط على أرض السويد عام 1958.

على النقيض، تسود حالة من الغموض والتشاؤم في البلد اللاتيني، بعدما تيقّن الشعب الكروي أن الجيل الحالي هو الأضعف والأكثر تواضعاً في تاريخ السيليساو، وأن اللاعبين، رغم صغر أعمارهم، فإنهم لم يكشفوا عن مهارات أو إمكانات أو شخصيات قوية تبشّر بمستقبل واعد، كما أن سكولاري عجز عن لعب دور القائد خارج الخطوط، رغم أنه الأكثر خبرة وشهرة بين نظرائه في البرازيل. 

المساهمون