عندما كان خليل الله محمد لاجئاً في أحد مخيّمات باكستان، تابع دراسته حتى بلغ الثانوية العامة. بعدها، لم يواصل تعليمه بسبب الظروف السيئة التي عرفتها أسرته. بدأ العمل في إحدى الشركات الخاصة في بيشاور لقاء راتب لا بأس به، لكنّه بعد مدّة أقيل من عمله. حاول العثور على آخر، لكن من دون جدوى. وفي إحدى زياراته للمناطق الحدودية مع وطنه، أفغانستان، وتحديداً لمديرية شينواري في بداية فترة حكم طالبان (1996)، وجد أن الناس يعانون من أمراض كثيرة ومنها المعدية في غياب الأطباء. خلال وجوده هناك، راح يساعد الناس في وصف الأدوية والعلاج، إذ إنّه متعلّم وملمّ بالأدوية. وبعد مغادرته المنطقة، خطر في باله لو أنّه بقي هناك وعمد إلى مساعدة الناس. في بيشاور، تعلّم خليل كيفية القيام ببعض الإجراءات الطبية، وعاد إلى تلك القرية وفتح عيادة في منزل أحد معارفه. وصار خليل "طبيب" القرية الوحيد.
خليل واحد من مئات في أفغانستان جعلتهم الأحوال والظروف أطباء من دون تعليم ولا شهادات. وفي حين أنّهم ساعدوا الناس أحياناً فإنّهم أضرّوا بهم في أحيان أخرى، وتُسجّل وفيات كثيرة نتجية تلقي العلاج على أيدي هؤلاء "الأطباء". ويأتي ذلك إلى جانب مسائل أخرى لشرح التدهور في المجال الصحي في البلاد خلال العقود الأربعة الماضية. ومن المسائل الصحية الأخرى، نذكر الأدوية التي تصنّع في المنازل والعيادات التي هي أشبه بمراكز تجارية تلعب بحياة الناس. ويعود ذلك إلى الوضع الأمني المتدهور والحروب التي أدّت إلى غياب السلطات في المناطق النائية، وإلى عدم توفّر الرقابة وانتشار الفساد في المدن والأماكن التي تخضع إلى سيطرة الحكومة.
اقــرأ أيضاً
ويبدو أنّ الحكومة بدأت تعمل، ولو ببطء لتحسين الأمور في هذا القطاع. في السياق، أطلق الرئيس الأفغاني أشرف غني وعوداً بالقضاء على الفوضى في هذا المجال، وأنشأ على الأثر مؤسسة طبية تحت اسم "الشورى الطبي الأفغاني" لضبط المسائل الطبية و تطبيق القانون.
تقول رئيسة الشورى، الدكتورة نسرين أورياخيل، إنّ "الهدف هو تطبيق القانون في النواحي الطبية والرعاية الصحية في أفغانستان. وهذا النوع من الكيانات الطبية موجود في كل دول المنطقة والعالم. ونحن نستفيد من تجارب من سبقنا لتقديم أفضل خدمة للمواطن الأفغاني".
تضيف أورياخيل أنّه "في الوقت الحالي، تعمد المؤسسة إلى تسجيل جميع الأطباء الموجودين في أفغانستان والتحقق من شهاداتهم ومراقبة وتقييم ما يقدّمونه من خدمات. ومن لا يقدّم أوراقه كاملة، تُلغى رخصته ويُمنع من مزاولة المهنة. كذلك، تمنح المؤسسة الرخص للأطباء، ويكون ذلك وفق آلية متكاملة وبعد التدقيق الكامل بالشهادات والمستندات وبالتنسيق مع الجهات التعليمية ووزارة الصحة". وتتابع أنّ "من مهام الشورى كذلك، النظر في كل المخالفات القانونية قبل أن تصل الأمور إلى المحاكم والقضاء. وعندما تستدعي الحاجة، تحوّل الشورى القضايا إلى السلطات القضائية المختصة".
واليوم، تبدو المشكلة الأساسية في أفغانستان، وفي كابول تحديداً، الانتشار الكبير للأطباء الذين لا يملكون شهادات والذي يجلس بعضهم على قارعة الطرق. وهؤلاء الذين يتحملون مسؤولية انتشار أمراض عدّة، بعضهم حصل على رخص في مقابل المال وبعض آخر لا يملك الرخص. فيقول الطبيب الأفغاني، الدكتور محمد صابر سلطانزاده، إنّ "مشكلة هؤلاء الأطباء كبيرة وهم أخطر ممّا نتصوّر"، شارحاً أنّ "كثيرين منهم ليسوا أطباء، وبعضهم ممرّضون صاروا مع مرور الوقت وبحكم الظروف أطباء. بالتالي، فإنّ التحقيق في شؤون هؤلاء سوف يضع حداً لهم". يضيف أنّ "الشورى الطبي أو أيّ هيكل لتطبيق القانون على الأطباء وفي مجال الصحة، أمر ضروري جداً. ومن أفضل ما فعلته الحكومة في هذا الشأن هو تأسيس هذا الشورى". ويتابع أنّه "على الرغم من وجود مشكلات، فإنّ النتائج في المستقبل سوف تكون مهمة، ولا سيّما أنّ المؤسسة تنوي وضع آلية للممرضين والممرضات ولاستيراد الأدوية. كذلك، فإنّها حسناً فعلت عند إعادة النظر في العيادات والمراكز الصحية التي حصلت على الرخص، إذ إنّ بعضها مجرّد مراكز تجارية تسلب الناس مالهم بذريعة أو أخرى".
في السياق، كان وزير الصحة الدكتور فيروز الدين فيروز قد صرّح في خلال اجتماع للأطباء والمختصين في المجال الصحي، بأنّ الحاجة كانت ماسة إلى تأسيس الشورى وبأنّ ثمّة ضرورة لتسجيل الأطباء والتحقق من شهاداتهم وضبط عملية منح الرخص. وأشار إلى أنّ أربعة آلاف طبيب فقط مسجّلون لدى الوزارة، بينما ثمّة أضعاف مضاعفة من الأطباء في البلاد، وبالتالي فإنّ كل ذلك يتطلّب جهداً. وشدد فيروز على ضرورة التنسيق بين الشورى والوزارة للإحاطة بكل الجوانب المتعلقة بالصحة وبالرعاية الصحية. يُذكر أنّ الوزارة تعتزم في المستقبل، بحسب فيروز، تأسيس شورى مثيل خاص بالتمريض والممرضات، لأنّ تلك الساحة تحتاج كذلك إلى الضبط وتطبيق القانون.
اقــرأ أيضاً
تجدر الإشارة إلى أنّ الرئيس الأفغاني أكد مراراً في تصريحاته أنّه يعوّل كثيراً على الشورى الطبي وعلى الإجراءات والتغييرات في مجال الرعاية الصحية، ولا سيّما محاربة الفساد. بالنسبة إليه، الأطباء الذين لا يملكون الشهادات يلعبون بحياة الناس ومحاكمتهم ضرورية. يُذكر أنّ المناطق الخاضعة إلى سيطرة الحكومة سوف تبلغها إجراءات الشورى الطبي أو غيره من مؤسسات، لكن ثمّة مناطق خاضعة إلى سيطرة المسلحين أو حركة طالبان، بالتالي فإنّ مثل هذه الإجراءات لا يمكن تنفيذها هناك.
خليل واحد من مئات في أفغانستان جعلتهم الأحوال والظروف أطباء من دون تعليم ولا شهادات. وفي حين أنّهم ساعدوا الناس أحياناً فإنّهم أضرّوا بهم في أحيان أخرى، وتُسجّل وفيات كثيرة نتجية تلقي العلاج على أيدي هؤلاء "الأطباء". ويأتي ذلك إلى جانب مسائل أخرى لشرح التدهور في المجال الصحي في البلاد خلال العقود الأربعة الماضية. ومن المسائل الصحية الأخرى، نذكر الأدوية التي تصنّع في المنازل والعيادات التي هي أشبه بمراكز تجارية تلعب بحياة الناس. ويعود ذلك إلى الوضع الأمني المتدهور والحروب التي أدّت إلى غياب السلطات في المناطق النائية، وإلى عدم توفّر الرقابة وانتشار الفساد في المدن والأماكن التي تخضع إلى سيطرة الحكومة.
ويبدو أنّ الحكومة بدأت تعمل، ولو ببطء لتحسين الأمور في هذا القطاع. في السياق، أطلق الرئيس الأفغاني أشرف غني وعوداً بالقضاء على الفوضى في هذا المجال، وأنشأ على الأثر مؤسسة طبية تحت اسم "الشورى الطبي الأفغاني" لضبط المسائل الطبية و تطبيق القانون.
تقول رئيسة الشورى، الدكتورة نسرين أورياخيل، إنّ "الهدف هو تطبيق القانون في النواحي الطبية والرعاية الصحية في أفغانستان. وهذا النوع من الكيانات الطبية موجود في كل دول المنطقة والعالم. ونحن نستفيد من تجارب من سبقنا لتقديم أفضل خدمة للمواطن الأفغاني".
تضيف أورياخيل أنّه "في الوقت الحالي، تعمد المؤسسة إلى تسجيل جميع الأطباء الموجودين في أفغانستان والتحقق من شهاداتهم ومراقبة وتقييم ما يقدّمونه من خدمات. ومن لا يقدّم أوراقه كاملة، تُلغى رخصته ويُمنع من مزاولة المهنة. كذلك، تمنح المؤسسة الرخص للأطباء، ويكون ذلك وفق آلية متكاملة وبعد التدقيق الكامل بالشهادات والمستندات وبالتنسيق مع الجهات التعليمية ووزارة الصحة". وتتابع أنّ "من مهام الشورى كذلك، النظر في كل المخالفات القانونية قبل أن تصل الأمور إلى المحاكم والقضاء. وعندما تستدعي الحاجة، تحوّل الشورى القضايا إلى السلطات القضائية المختصة".
واليوم، تبدو المشكلة الأساسية في أفغانستان، وفي كابول تحديداً، الانتشار الكبير للأطباء الذين لا يملكون شهادات والذي يجلس بعضهم على قارعة الطرق. وهؤلاء الذين يتحملون مسؤولية انتشار أمراض عدّة، بعضهم حصل على رخص في مقابل المال وبعض آخر لا يملك الرخص. فيقول الطبيب الأفغاني، الدكتور محمد صابر سلطانزاده، إنّ "مشكلة هؤلاء الأطباء كبيرة وهم أخطر ممّا نتصوّر"، شارحاً أنّ "كثيرين منهم ليسوا أطباء، وبعضهم ممرّضون صاروا مع مرور الوقت وبحكم الظروف أطباء. بالتالي، فإنّ التحقيق في شؤون هؤلاء سوف يضع حداً لهم". يضيف أنّ "الشورى الطبي أو أيّ هيكل لتطبيق القانون على الأطباء وفي مجال الصحة، أمر ضروري جداً. ومن أفضل ما فعلته الحكومة في هذا الشأن هو تأسيس هذا الشورى". ويتابع أنّه "على الرغم من وجود مشكلات، فإنّ النتائج في المستقبل سوف تكون مهمة، ولا سيّما أنّ المؤسسة تنوي وضع آلية للممرضين والممرضات ولاستيراد الأدوية. كذلك، فإنّها حسناً فعلت عند إعادة النظر في العيادات والمراكز الصحية التي حصلت على الرخص، إذ إنّ بعضها مجرّد مراكز تجارية تسلب الناس مالهم بذريعة أو أخرى".
في السياق، كان وزير الصحة الدكتور فيروز الدين فيروز قد صرّح في خلال اجتماع للأطباء والمختصين في المجال الصحي، بأنّ الحاجة كانت ماسة إلى تأسيس الشورى وبأنّ ثمّة ضرورة لتسجيل الأطباء والتحقق من شهاداتهم وضبط عملية منح الرخص. وأشار إلى أنّ أربعة آلاف طبيب فقط مسجّلون لدى الوزارة، بينما ثمّة أضعاف مضاعفة من الأطباء في البلاد، وبالتالي فإنّ كل ذلك يتطلّب جهداً. وشدد فيروز على ضرورة التنسيق بين الشورى والوزارة للإحاطة بكل الجوانب المتعلقة بالصحة وبالرعاية الصحية. يُذكر أنّ الوزارة تعتزم في المستقبل، بحسب فيروز، تأسيس شورى مثيل خاص بالتمريض والممرضات، لأنّ تلك الساحة تحتاج كذلك إلى الضبط وتطبيق القانون.
تجدر الإشارة إلى أنّ الرئيس الأفغاني أكد مراراً في تصريحاته أنّه يعوّل كثيراً على الشورى الطبي وعلى الإجراءات والتغييرات في مجال الرعاية الصحية، ولا سيّما محاربة الفساد. بالنسبة إليه، الأطباء الذين لا يملكون الشهادات يلعبون بحياة الناس ومحاكمتهم ضرورية. يُذكر أنّ المناطق الخاضعة إلى سيطرة الحكومة سوف تبلغها إجراءات الشورى الطبي أو غيره من مؤسسات، لكن ثمّة مناطق خاضعة إلى سيطرة المسلحين أو حركة طالبان، بالتالي فإنّ مثل هذه الإجراءات لا يمكن تنفيذها هناك.