أفتحُ النهار وأمشي فيه

26 مارس 2015
أسامة دياب / فلسطين
+ الخط -

يتلقّى
يتلقّى نصيبَه من الصفعات هذا الوجه، من ريحٍ تحمل أنفاسَ الشياطين. الشجـرة: قامة فلكٍ صارمٍ؛ ضاربةٌ جذوره في الأعماق [روحي أو الأرض] كلاهما مؤنثٌ وجسدي وحده يتلقـّى الضربة من ريحٍ تعبر غاضبةً من زقاقٍ صامت.

2012/8/31


وداعك
ودّعتُكَ في الظهيـرة وعدت لم أشاهدك واقفاً في وجهة الريح أيُّها الكرسيّ. قوائمُكَ الخشبية تتجذر في روحي. غامضاً أمشي والنهار حشيشيٌّ يستظلُّ شجرة. أراني ضائعًا في قميصيَ الفضفاض والبابُ المغلقُ، يدٌ تطرقه غائبةٌ تطرق حين ودّعتكَ في الظهيـرة.

31/8/2012


تمتدّ.. تمتدّ
قميصي مشنوق على المشجب. شايٌ يتعفن في حلق الفنجان. يدٌ مكسورة تعود إلى قدحٍ أثريًّ هنا وهناك حيوانٌ صامتٌ: شبيهٌ بالكرسيّ الذي أكلت ظهره الشَّمْس. نوافذكِ مفتوحة للنهار، ضاربًا للحُمرة. أعناقكِ تمتدُّ بيني وبين ما لا أرى. الغائبُ: صـرخة من حنجرةٍ حادة. تمدّين. تمدّين. تمدّين: عنقك ويدك وجسدك،، نحو جسدي الملفوف مثل لبلابةٍ وتذهبين... تذهبين...  تذهبين وتصفعين... تصفعين... تصفعين الغصن والعامل والعائد ثانيةً إلى جدته السلحفاة.

31/8/2012


سجادتي المندرسة

سجادتي العجوز عصيَّةٌ على التعبير عن حبَّها. سجادتيَ الفارسيَّة التي شهدت حربًا وسلمًا. تربّى على صـدرها أطفالٌ غادروا البيت. سجادتي تطيرُ بي أحياناً وتحطُّ: أنا سليمان الجنوبيّ. سجادتي الصامتة أبدًا؛ الناطقة بشموسها وحدائقها  التي لا تذبلُ، تعلو وتعلو ثم تتداخل. تتعالى بي وتصيح: يا فتـى... ها أنا سدرة المنتهى .

31/8/2012


صوتُك
أفتحُ النهارَ فأراه صندوقاً من حديدٍ صدئ؛ النهار الوحيدُ في زقـاق، تفتش فيه عجوزٌ عن أديم؛ النهارُ الذي يصـرخ فيه الهواء واللبلابة تبكي على كتف الجدار.
أفتحُ النهارَ وأمشي فيه. أنا جيوبٌ تحمل رسائل حُبًّ والنهارُ حناجـر مثقوبة. لم أر النهـرَ بعد والجُبُّ قريبٌ. أفتحُ النهارَ وأعود إلى صوتك نائمُا في مرآةٍ صدئة.

22/9/2012


خِلقين
في الظلام تأتي كلماتٌ. أكتب ما لا أرى وأفكـَّرُ بك يا كلماتي. سيكون شيءٌ هنالك يشبه حجرًا، أو صباح الخيــر وقتما تموت الخفافيش؛ والخفاشُ والشَّمْسُ صنوان. على هذه العُملة وجهكَ منقوش منذ دهــرٍ والغليونُ مهجورًا، تصفّر فيه ريحٌ قديمة، وليس أراك في المكان ذاته، كأنك تغيَّرت مع التراب وكأن الجسر تعب من إيصال قدميك إلى الجهة الثانية.

14/10/2012


عابر
يلقي عابرُ سبيلٍ، نخامة صدره. يمرُّ كالنملة، لا أسمع وقع خطاه - صَوْتُ ديكةٍ - وصنبور الماء نائمٌ. الساهرُ وحده يعرف معنى النَّوْم ومتعة أن ينام ولا يحلم.
الزقاق يعبرُ عنّي حاملاً أحاديث موتى لذيذين ويذهب إلى حقـول ذابلة.

15/10/2012


جفَّ
جفَّ نهْرٌ في سُرَّة امرأةٍ
جفَّ غصنٌ
جفت الحنفيات
جفَّ ريقُك
جفَّ القلمُ. نونُ القدح
وصفاءُ النهار
كفني. من أين جئت
أيُّها الميَّت
تصعد إليَّ السُّلم
وتذهبُ بطقطقة عظامي
جفَّ الغروب
في دمعة عجوز
ينتظر المَوْت
جفَّت الأغاني.

16/10/2012


هل تعرف
أنت تتهجـّى الكلمات، بطريقةٍ غريبة. تتهجّى كما لو أنك مطرٌ في ضاحيةٍ قصيّة. أنتظر أن تبعث لي من أقصى المدن، طيور "الفِنج". فنجاني يكاد أن يفرغ، وأنت تضحك باكيًا في مهبّ الريح، عليّ. تتهجّـى الكلماتِ غريبةً، بأسلوبٍ غريب؛ وأنا أتهجاك في المطر الذي لم يعد يهطل مع الرسائل، تحمل شوقك إلى أيام، كنا نشرب القهـوة، في رواق الكوابيس.

24/11/2012


قال طيفك
يأتي الآن لصٌّ، ويخيف الفتى الذي في داخلي. سيسرق مني البراءة وضوعَ الأغاني. أخاف من رفة عينٍ، من الصوت الذي يصدرعن هذا الجدار. لستُ في المطر ذلك الطفل المترنح؛ فأنت زورقٌ يحمل الموتى إلى عالمهم المجهـول. في هذا الباب واقفٌ ملكان، ونحن في صفًّ طويلٍ، ننتظر أن يفتحوا الباب لنا. سوف يأتي الذي يحمل في كلماته، زقـزقة نورسٍ، ويأخذني إلى حيث أتيت.

24/11/2012


هذه عمـورا
رأسُك بين يدي، باكيًا، أغسل. الرمح يبكي عليك. يا يسوع هذا ابنُك المحزوز رأسُه؛ المذبوح فتاه من الوريد إلى الوريد. أقسمُ أنّك الغريبُ عن جسدك ــ النور. أغسل الشَّمْسَ في صومعتي، والطفل يبكي طويلاً في حضن العذراء. غدًا أفارقك، وسأنتظرك، لعلّك تمرّ ببابي الحـزين عليك.

24/11/2012


هل أنت كاتبٌ
دعيني وشأني أيّتُها الحاملة أخبار الطيف، لا تفتحي الباب، وافعلي ما تشائين. خلف الشجرة، يكمن لصٌّ، فأصـرخ عليه من شدة الخوف. دعيني  في خلوات هذا الزقاق، أدخـن سجائري الرطبة، وأطلّ على النائمين: الشجـر، الجدار، الباب وتلك الوردة التي ترفض أن تضوع، في هذا الليل. دعيني وشأني، حين تفتحين الباب ويئن مقبضه الوحيد.

25/11/2012


سأختفي
في نقطةٍ، في سراديبَ حلزونيّةٍ
سأختفي.
طار عن الغصن
وذرق العصفـور
على كرسيًّ ينتمي لجنديّ معدوم.
سأختفي في قصعتك
في بطن سلحفاةٍ.
الموسيقى. ليلٌ يلطّخ السجاجيد. جنّتي البعيدة. أذنُكِ الساهية. قـرن وعلٍ اصطاده الهنود. عينان برّاقتان بين أغصانٍ متشابكةٍ. هذه اللغة تعلو أنفاسُها.
سأختفي في عشًّ
في أذنِكِ التي تليق بصوتي
سأختفي فيك يا حقل القصب.

8/12/2012


كتب، كتب
بائعٌ جوّال، يوزّع الكتب على الأبواب وجدران البيوت. كتبٌ عن الغرام، كتب عن الأرض، عن الروح والتين، وعن تلك التي اختفت في جحر أفعى، عن التراب وأشكال العظام، عن فيزيا الوردة. بائعٌ جوّال مرّ من بابنا ودخل في بيتٍ لولبيّ. كتبٌ، اقتلعت بي الطائرة فأعادتني إلى زمنٍ كان بالإمكان أن يكون زمني. هنا مخبزٌ يوزّع الرسائل على العصافير، وهنالك أثري، كلما تقدّمت، نبت عليه حقلٌ. بائعٌ جوّال امتطى زورقاً وغاب.

18/12/2012


* شاعر ومترجم من مواليد الأهواز (1983)

المساهمون