يعمل كثيرون من المهاجرين الأفارقة في قطاعي البناء والزراعة في الجزائر، في ظل رفض الشباب الجزائري العمل فيهما، وإن كان عملهم يحتاج إلى شرعنة
يتّجه معظم العمّال الأفارقة إلى قطاعي الزراعة والبناء في الجزائر، ما يوفّر أيدي عاملة لهذين القطاعين اللذين يعانيان نقصاً في الأيدي العاملة. هذه الحاجة تُساعد على دمج هؤلاء في المجتمع الجزائري، وتحسين ظروفهم الحياتية، غير أنّ عملهم يحتاج إلى تأطير قانوني من قبل الحكومة.
في العاشر من مايو/ أيار في عام 2017، وصل محمدو عبد الله إلى العاصمة الجزائرية بعد شهرين من خروجه من بلدته الصغيرة بانيال قرب مدينة أغاداس في شمال النيجر، على الحدود مع الجزائر. كان يحلم بالوصول إلى منطقة وهران غرب الجزائر، ليستقل أحد قوارب الهجرة السرية إلى أوروبا. لكن انتهى به المطاف إلى مزرعة في منطقة سيدي راشد في ولاية تيبازة، 70 كيلومتراً غرب العاصمة الجزائرية. في هذه المزرعة، تعلّم محمدو عبد الله جني الزيتون، هو الذي لم يعرف هذا العمل في بلدته بسبب طبيعتها الصحراوية. "لم أكن أعرف جني الزيتون، إذ لا نزرعه في بلدتنا شمال النيجر. لكن شيئاً فشيئاً تعلمت العمل، وأصبحت أُتقن جني الزيتون والبرتقال". يضيف أنه يفضّل العمل على التسوّل "الجزائريّون طيبون ويحبون العامل الذي يتقن عمله".
في هذه المزرعة حظيرة لتربية الأبقار، يعمل فيها خمسة شباب أفارقة. أصحاب المزارع في الجزائر الذين أرهقهم البحث عن أيدي عاملة، وجدوا في العمالة الأفريقية حلّاً مناسباً لضمان سير العمل في المزارع، خصوصاً بالنسبة لتلك التي تضم أكثر من عمل زراعي على امتداد العام. وبالنسبة لمحمد باركي، صاحب أرض زراعية في منطقة الحطاطبة في ولاية تيبازة، فقد استعان بـ 17 مهاجراً أفريقياً في مزرعته لضمان الإنتاج وتأمين أيدٍ عاملة دائمة. وبعد رفض الشباب الجزائري العمل في الزراعة، يقول: "استعنت بخمسة شباب أفارقة للعمل في المزرعة. أحتاج إلى أيدٍ عاملة ومستقرة بشكل يومي كون هناك زراعة حبوب وحمضيات وغيرها. هذا كلّه يحتاج الى متابعة يومية سواء للقطاف أو نزع الأعشاب الضارة أو السقي وغيرها". يضيف: "اقترح عليّ شباب أفارقة توظيف أصدقائهم الذين يبحثون عن عمل، فقبلت على الفور، ووفرت لهم بيتاً للسكن"، لافتاً إلى أنهم يقومون بعمل جيد ولم يجد أية مشاكل معهم.
اقــرأ أيضاً
وكان باركي يحرص على ألّا يخرج المهاجرون الأفارقة من عمال المزرعة إلى الطريق العام بشكل دائم، تلافياً للشرطة التي تدقق في الهويات. يضيف: "أحاول مساعدتهم في الحصول على عمل مفيد لهم ولي في مزرعتي. وبصفتي ممثل لاتحاد المزارعين في ولايتي، طلبت من الهيئة العليا للمزارعين تقديم طلب إلى السلطات الحكومية لمنحنا حق تشغيلهم في المزارع ما دام الجزائريون يرفضون العمل في المزارع".
في منطقة درارية وعين البنيان والعاشور وبئر خادم في ضواحي العاصمة الجزائرية، كثيراً ما تجد شبّاباً أفارقة يعملون في ورشات البناء المنتشرة في هذه المناطق. يقف عشرات العمال الأفارقة في منطقة بئر مراد رايس، ومعهم بعض المعدات، وينتظرون من يأتي من المقاولين لأخذهم للعمل. كذلك، يستعين مواطنون بهم لترميم البيوت أو شحن وتفريغ مواد البناء والحديد وأشياء أخرى. ولا يرفض الشباب الأفارقة أيّاً من هذه الأعمال. ما يهمهم هو الاتفاق على أجر يومي يعينهم على العيش، وادّخار بعض المال لإرساله إلى أهلهم، أو لدفع تكاليف رحلة الهجرة السرية عبر قوارب الموت علّهم يحققون الحلم الأوروبي الذي يبقى وجهتهم الأخيرة.
يُشير كثيرون إلى أهميّة شرعنة عمل الأفارقة في البلاد، خصوصاً أنّ عددهم يتجاوز 30 ألف شاب أفريقي من 17 جنسية، ويمكن لهم أن يشكّلوا قوة إيجابية تساهم في الاقتصاد من جهة، وتسمح لهم بتوفير قوت يومهم وتحسّن ظروفهم المعيشية وترفع العبء الاجتماعي عن الدولة من جهة أخرى. وفي شهر يوليو/ تموز الماضي، أعلن رئيس الحكومة السابق عبد المجيد تبون عن خطة حكومية لمنح حق الإقامة المؤقتة وتراخيص عمل مؤقتة للمهاجرين الأفارقة، في إطار تنظيم تواجدهم في الجزائر ومساعدتهم. إلّا أن هذه الخطة لم تُنفّذ بسبب التغييرات التي طرأت على الحكومة، وما زال الأمر يحتاج إلى إطار قانوني رسمي، علماً أن القانون الجزائري يحدّد ضوابط معينة للترخيص للاستعانة بالأيدي العاملة الأجنبية. كما أن منافسة هذه العمالة للشباب الجزائري في أنشطة زراعية قد تشكل قلقاً بالنسبة للحكومة، على الرغم من أن الشباب الجزائري يرفض العمل في هذه النشاطات. إلا أن الحكومة الجزائرية تغض النظر حتى الآن عن تشغيل المهاجرين الأفارقة بشكل موسمي، إلى حين إيجاد حل شامل للمهاجرين الأفارقة بشكل عام.
يتّجه معظم العمّال الأفارقة إلى قطاعي الزراعة والبناء في الجزائر، ما يوفّر أيدي عاملة لهذين القطاعين اللذين يعانيان نقصاً في الأيدي العاملة. هذه الحاجة تُساعد على دمج هؤلاء في المجتمع الجزائري، وتحسين ظروفهم الحياتية، غير أنّ عملهم يحتاج إلى تأطير قانوني من قبل الحكومة.
في العاشر من مايو/ أيار في عام 2017، وصل محمدو عبد الله إلى العاصمة الجزائرية بعد شهرين من خروجه من بلدته الصغيرة بانيال قرب مدينة أغاداس في شمال النيجر، على الحدود مع الجزائر. كان يحلم بالوصول إلى منطقة وهران غرب الجزائر، ليستقل أحد قوارب الهجرة السرية إلى أوروبا. لكن انتهى به المطاف إلى مزرعة في منطقة سيدي راشد في ولاية تيبازة، 70 كيلومتراً غرب العاصمة الجزائرية. في هذه المزرعة، تعلّم محمدو عبد الله جني الزيتون، هو الذي لم يعرف هذا العمل في بلدته بسبب طبيعتها الصحراوية. "لم أكن أعرف جني الزيتون، إذ لا نزرعه في بلدتنا شمال النيجر. لكن شيئاً فشيئاً تعلمت العمل، وأصبحت أُتقن جني الزيتون والبرتقال". يضيف أنه يفضّل العمل على التسوّل "الجزائريّون طيبون ويحبون العامل الذي يتقن عمله".
في هذه المزرعة حظيرة لتربية الأبقار، يعمل فيها خمسة شباب أفارقة. أصحاب المزارع في الجزائر الذين أرهقهم البحث عن أيدي عاملة، وجدوا في العمالة الأفريقية حلّاً مناسباً لضمان سير العمل في المزارع، خصوصاً بالنسبة لتلك التي تضم أكثر من عمل زراعي على امتداد العام. وبالنسبة لمحمد باركي، صاحب أرض زراعية في منطقة الحطاطبة في ولاية تيبازة، فقد استعان بـ 17 مهاجراً أفريقياً في مزرعته لضمان الإنتاج وتأمين أيدٍ عاملة دائمة. وبعد رفض الشباب الجزائري العمل في الزراعة، يقول: "استعنت بخمسة شباب أفارقة للعمل في المزرعة. أحتاج إلى أيدٍ عاملة ومستقرة بشكل يومي كون هناك زراعة حبوب وحمضيات وغيرها. هذا كلّه يحتاج الى متابعة يومية سواء للقطاف أو نزع الأعشاب الضارة أو السقي وغيرها". يضيف: "اقترح عليّ شباب أفارقة توظيف أصدقائهم الذين يبحثون عن عمل، فقبلت على الفور، ووفرت لهم بيتاً للسكن"، لافتاً إلى أنهم يقومون بعمل جيد ولم يجد أية مشاكل معهم.
وكان باركي يحرص على ألّا يخرج المهاجرون الأفارقة من عمال المزرعة إلى الطريق العام بشكل دائم، تلافياً للشرطة التي تدقق في الهويات. يضيف: "أحاول مساعدتهم في الحصول على عمل مفيد لهم ولي في مزرعتي. وبصفتي ممثل لاتحاد المزارعين في ولايتي، طلبت من الهيئة العليا للمزارعين تقديم طلب إلى السلطات الحكومية لمنحنا حق تشغيلهم في المزارع ما دام الجزائريون يرفضون العمل في المزارع".
في منطقة درارية وعين البنيان والعاشور وبئر خادم في ضواحي العاصمة الجزائرية، كثيراً ما تجد شبّاباً أفارقة يعملون في ورشات البناء المنتشرة في هذه المناطق. يقف عشرات العمال الأفارقة في منطقة بئر مراد رايس، ومعهم بعض المعدات، وينتظرون من يأتي من المقاولين لأخذهم للعمل. كذلك، يستعين مواطنون بهم لترميم البيوت أو شحن وتفريغ مواد البناء والحديد وأشياء أخرى. ولا يرفض الشباب الأفارقة أيّاً من هذه الأعمال. ما يهمهم هو الاتفاق على أجر يومي يعينهم على العيش، وادّخار بعض المال لإرساله إلى أهلهم، أو لدفع تكاليف رحلة الهجرة السرية عبر قوارب الموت علّهم يحققون الحلم الأوروبي الذي يبقى وجهتهم الأخيرة.
يُشير كثيرون إلى أهميّة شرعنة عمل الأفارقة في البلاد، خصوصاً أنّ عددهم يتجاوز 30 ألف شاب أفريقي من 17 جنسية، ويمكن لهم أن يشكّلوا قوة إيجابية تساهم في الاقتصاد من جهة، وتسمح لهم بتوفير قوت يومهم وتحسّن ظروفهم المعيشية وترفع العبء الاجتماعي عن الدولة من جهة أخرى. وفي شهر يوليو/ تموز الماضي، أعلن رئيس الحكومة السابق عبد المجيد تبون عن خطة حكومية لمنح حق الإقامة المؤقتة وتراخيص عمل مؤقتة للمهاجرين الأفارقة، في إطار تنظيم تواجدهم في الجزائر ومساعدتهم. إلّا أن هذه الخطة لم تُنفّذ بسبب التغييرات التي طرأت على الحكومة، وما زال الأمر يحتاج إلى إطار قانوني رسمي، علماً أن القانون الجزائري يحدّد ضوابط معينة للترخيص للاستعانة بالأيدي العاملة الأجنبية. كما أن منافسة هذه العمالة للشباب الجزائري في أنشطة زراعية قد تشكل قلقاً بالنسبة للحكومة، على الرغم من أن الشباب الجزائري يرفض العمل في هذه النشاطات. إلا أن الحكومة الجزائرية تغض النظر حتى الآن عن تشغيل المهاجرين الأفارقة بشكل موسمي، إلى حين إيجاد حل شامل للمهاجرين الأفارقة بشكل عام.