أعشاب مجهولة "تشفي كلّ الأمراض" في السعودية

19 ابريل 2016
زاد عددهم في معظم المدن السعودية (صلاح ملكاوي/ Getty)
+ الخط -

تعجّ المستشفيات السعودية بعشرات المرضى الذين يعانون من مضاعفات خطيرة بسبب هجرهم أدويتهم واعتمادهم في المقابل على خلطات من الأعشاب يزعم مروّجوها أنها تعالج كلّ الأمراض، بدءاً من الزكام الخفيف وصولاً إلى السرطان، مروراً بالضغط والسكري والعقم.

يعدّ طب الأعشاب أساسياً في كثير من المجتمعات، وتكشف تقديرات منظمة الصحة العالمية أنّ بعض الدول الآسيوية والأفريقية يستخدم 80 في المائة من سكانها الأعشاب كعلاج طبي أولي. فالأدوية مرتفعة الثمن عادة، أما الأعشاب فأرخص نسبياً. لكن ما يحدث في السعودية، ليس طباً بديلاً تقليدياً، بل ترويج لأعشاب وأدوية ليس لها أي فعالية.

أحد متاجر العطارة في سوق أوشيقر الشعبي وسط العاصمة السعودية الرياض، يروّج لزيت زيتون يزعم أنه يعالج القشرة وتقصّف الشعر ويغذيه من أول استخدام ويزيد من طوله ونعومته ولمعانه. بالقرب منه، يعلن متجر آخر عن علاج للسمنة الزائدة. وهو علاج يزعم مروّجه أنه مستخلص من نباتات صينية نادرة يسمّن مناطق معينة في الجسم، فينفخ الأرداف والخدود، ويسحب الدهون من الخصر والأفخاذ في الوقت نفسه. مثل هذا العلاج ليس رخيص الثمن، بل يزيد سعره على 180 دولاراً أميركياً.

تباع هذه المستحضرات من دون وثائق طبية، أو إشعار بمكوناتها ومخاطرها. ويكتفي مروّجها بكتابة "أعشاب صينية نادرة ليس لها أيّ مضاعفات جانبية".

أمام هذا السيل من الأوهام، بدأت "هيئة الغذاء والدواء السعودية"، وهي الجهة المختصة، عملها في فحص مستحضرات يُزعم أنها طبيعية. وثبت بالتحليل المخبري أنّها تحتوي على أدوية غير مرخصة، وقد أكد المسؤول الإعلامي للهيئة أحمد الفهيد أنّها بدأت في ملاحقة 151 شخصاً وموقعاً إلكترونياً، يبيعون عبر مواقع التواصل مستحضرات عشبية ودوائية "خطيرة".




يؤكد المختص في مجال الطب البديل الدكتور فوزي العمري أنّ نجاح الطب البديل في علاج كثير من الأمراض التي لا يعرفها الطب التقليدي أغرى عدداً كبيراً من المخادعين للجوء إلى هذا المجال، بهدف كسب المال عن طريق الغش والتحايل على المرضى. يقول لـ"العربي الجديد": "يعتقد بعضهم أنّ اللجوء إلى الأعشاب أو الطب البديل لا ضرر منه، وهذا خطأ كبير. الأعشاب قد تكون قاتلة، والاستخدام غير الملائم للطب التقليدي قد تكون له آثار سلبية. أيّ علاج، لا بد من إجراء الكثير من الأبحاث للتثبت من فاعليته وسلامته. هذا لا ينطبق على كثير من الممارسات العلاجية والنباتات الطبية المستخدمة في أساليب الطب البديل".

ينشط عدد كبير من تجار الوهم على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً موقع "إنستغرام" الذي يستغلونه كواجهة إعلانية لنشاطهم غير القانوني. تقول المواطنة هيا مبارك التي تعرضت إلى عملية خداع في شراء مستحضر مرتفع الثمن، إنّها كانت تثق كثيراً بتجار الأعشاب قبل أن تخدعها إحداهن. تضيف: "أعاني منذ سنوات من نزيف حاد، لم أجد له علاجاً في المستشفيات، فبدأت البحث عن خلطات طبيعية. أخبرتني إحدى صديقاتي عن معالجة شعبية للأمراض النسائية، فكلمتها وشرحت لها ما أعانيه. أكدت لي أنّ علاجي لديها. طلبت أن أحوّل لها مبلغ 1200 دولار، ثم أرسلت لي مع سائقها الخاص كيساً صغيراً يحتوي على بعض الأعشاب. بعد استخدامي لها طوال ثلاثة أشهر لم أجد أي فائدة تذكر، وذهب المبلغ هباء". لم تتعلم مبارك من الدرس المكلف، بل لجأت إلى أكثر من معالجة، وكانت النتيجة مزيداً من أكياس الأعشاب المجهولة، وأكثر من 10 آلاف دولار خسرتها من دون أيّ تقدم.

يروّج بعض تجار الأعشاب الذين زاد عددهم بشكل كبير في معظم المدن السعودية لأدوية تعالج كلّ شيء تقريباً. لا يقتصر الأمر على الخداع بالقدرات العلاجية، بل تطور إلى الغش عن طريق خلط أدوية للضغط أو السكري مع بعض أنواع العسل لإيهام المستهلك بأنها تغني عن العلاج، من دون النظر إلى الأضرار الجانبية التي يمكن أن تتسبب بها.

تؤكد رئيسة قسم التغذية وعلوم الأطعمة في جامعة أم القرى الدكتورة هيفاء حجازي على أهمية عدم استخدام أي منتج دوائي إلّا بعد التأكد من وجود ختم الصحة أو هيئة الغذاء والدواء عليه، حتى يكون المستهلك في مأمن عند استخدام الدواء. تقول لـ"العربي الجديد": "يحاول كثيرون اللجوء إلى الأعشاب الطبية اعتقاداً منهم أنها إذا لم تفد فإنّها لا تضر، وهو خطأ شائع".
من جهته، يحاول الدكتور خالد النمر استغلال شعبيته على مواقع التواصل الاجتماعي للتحذير من مخاطر الأدوية المجهولة التي يروج لها باعة الأعشاب الطبية. وينصح مرضى القلب خصوصاً بعدم تناول أي نوع من الأعشاب إلّا بعد أخذ رأي الطبيب المعالج.

دلالات