أعتذر لأني..."مسيحية"!

06 يناير 2015
كنيسة المهد حيث وُلد المسيح (Getty)
+ الخط -
تردّدت قبل كتابة مقالتي هذه، وليست حكايتي، لكن عدداً من حكايات العيد في موقع "العربي الجديد"، كانت عن احتفال المسيحيين الآخرين بالعيد، ومظاهر الترف التي رافقت هذه الاحتفالات، ما جعلها غريبة عن أهل البلد.

ما وصف في بعض المقالات لا يمت بأيّ علاقة باحتفال عائلتي بالعيد، لأنّنا لم نطبخ يوماً ديكاً رومياً، ولم يزرنا بابا نويل، ولم نلبس ثياباً جديدة، لأنّ أمي كانت تعيد تدوير ملابس أولاد خالي الأكبر منّا، أو تحيك لنا من كنزاتهم المستعملة ملابس لنا.

حكايات جعلتني أشعر أنّه يتوجّب عليّ الاعتذار لأنّي وُلدت مسيحية، على الرغم من أنّي لم أقرّر مسبقاً بيئة ولادتي.نشأت وترعرعت في بيت عربي فلسطيني "قح". أم متديّنة جداً، كان حلمها أن تصبح راهبة، وأب علماني شيوعي الفكر، عربي الانتماء.

لم يكن في بيتنا أي أيقونة أو أي رمز ديني. كانت أمي تجرّنا إلى الكنيسة أيام الأحد لتصلي، لكن الأهم، لتنال قسطاً من الراحة والهدوء. اعترضت مرة على مرافقتها، فأعفتني لاقتناعها أنّ الايمان لا يُنال رغماً عن الانسان.

كنا نحتفل بعيد الميلاد تحديداً، لأنّه كان فرصة للفرح والاستمتاع بمأكولات كنّا محرومين منها طوال العام، وخصوصاً المشاوي. وفي الفصح، كنّا نسلق البيض ونلوّنه من دون الصوم 40 يوم قبله، أو نذهب إلى الكنيسة للصلاة في يوم العيد. بالإضافة إلى صناعة كعك العيد المحلي، وهو متشابه عند الجميع في عيدي الفصح والأضحى.

لسنوات كثيرة، أخفيت هويتي المسيحية التي هي جزء من هويّاتي المتعددة، وذلك لشعوري أنّ هذا الجزء من هويتي يتناقض مع انتمائي لعروبتي وفلسطينيتي، إلى جانب إحساسي أنّه عليّ بذل جهد مضاعف لإثبات إخلاصي لوطني وقضيتي على خلفية صعود الاسلام السياسي والتديُّن الذي ساد البلاد ولا يزال منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي.

مع مرور الوقت، اقتنعت أنّ هويتي الدينية، على الرغم من علمانيتي، هي جزء مني رغم إنكاري لها، وحاولت العيش بسلام مع وجودها في حياتي. لكن يبدو أنّ بعض الحكايات تثير حفيظتي وتشعرني بنقصان انتمائي لهذا الشرق اللعين.
المساهمون