1-
انتحبتُ ذات ليلة، لماذا يطفو القمر على الماء؟ جسد البحر المالح
أضاع قطرات دموعي. انظرْ، أنت بحاجة إلى سمائك
لتنتحب. لا يمكنني البكاء لأن لا نافذة لي، من أين يمكنني الحصول
على جهاز تهوية في هذا البيت المائي؟
لماذا تعلّمني دروس البكاء؟ السماء اليوم ملبّدة بالغيوم
والبحر مصاب بالقلق.
انظر إلى فتيات المحار! كم هن سعيدات بما وفّرن في
الأرحام. إنهن أشبه بطحالب خضراء، متعة طافية!
لو يظهر القمر الليلة! لو يرتجف الماء مثل
أجفان فتاة!
لولؤة روحي ملح البحر، هناك غيوم
في حنجرتي.
ولكن لا أملك نافذة لأجلس جانباً، لأنتحب.
2-
هي مزحة؛ انظرْ، لديّ ثديان، ولكن إن ألقيتَ شبكةً
في الماء لن تحصل إلا على قشور سمكة. لا أملك رئة في
جسدي، بل خيشوماً بدلاً من ذلك، وعالماً مائياً.
يقترب مني كثير من الشبان الصغار يدفعهم ماء الجسد الجديد،
وأعترف أنه خطأي.
أعرضُ جسدي ليجف تحت ضوء القمر، مالك الحزين المحاصر
لا يحظى بشيء تحت سرتي. لا وجود لزناةٍ على الأرض مثل هؤلاء ليناموا
مع سمكة. يتبدد تماماً غضب أسنان وأظافر الشبان المخفقين. لم يأت حتى صبية الأسماك
ربما لأنهم اشتمّوا رائحة البشر وأصابهم الخوف.
الخوف؟ بل الرعب! دمُ الأسماك أحمر أيضاً، ولكننا لم نلتق سوية.
تحت القمر سمعت اليوم: بعض من مختلطي الجنس يضحكون. ومن ضحكاتهم
تنبثق الدموع.
3-
رويتَ لي ذات يوم حكايات المدينة.
ولزمن طويل حدّقتُ بالأفق حيث تأتلق أضواء المساء. راقبتُ العربات المهيبة تعبر حاملة الملح وأحببتُ سماع
الحكايات عن فتياتك. لديهن شعر طويل تزيّنه عظام الأسماك.
وذات يوم، والبحر هادئ، راقبت وجهي على مرآة المياه، محدّقة
بصورتي، إلى أن جاءت موجة لتكسرها.
يا لسعادة فتيات المدينة! صورهن لا تتكسّر أبداً. ضوء المساء الأصفر
يسقط على مباني المدينة، وتبدأ فتياتك
بتمشيط شعرهن. ولكن.. أنظر إلى البحر، هنا
الأمسيات غارقة في الوحدة.
تتكسّر الصور. هل تعرف فتيات مدينتك أن لون السماء البنفسجي يعني الألم؟
حكايات المدينة بالغة العذوبة، وذات يوم رويت لي حكاية المدينة،
فاحتفظتُ بعظمة في جناحي لتزيّن أي فتاة من فتياتك
شعرها بهذه العظمة ذات يوم.
4-
خلال نافذة قصر الحجر يُشاهد القمر في السماء
وفي هذه الليلة هنالك مدٌّ عالٍ يرتفع في البحر
على وجه القمر تتناثر رغوة الأمواج، فتيات السمك يتراكضن فوق قمم تلال الأمواج
متضاحكات، متناسيات أسنان أسماك القرش.
والماءُ لا تقيّده سلاسل من أي نوع
لماذا أنا في هذه المدينة؟ هذه البناية تحبسني، وكذلك قفص الطابوق هذا.
آه أيها الباب الخشبي، أرجوك دعني أخرج، حرّرني
من السلسلة الذهبية
ثمينٌ هذا الفراش الحليبي الأبيض الناعم، ولكن هذا ليس فراشاً من ماء.
فنية المهد بلا فائدة، لا تطاق.
المرجان والقواقع في خزانة العرض لا مشكلة لديها من أي نوع
والأسماك الملونة في الحوض الزجاجي تضحك، لا تمتلك
أي ذاكرة
في عينيّ ملح،
لا أستطيع نسيان غرفة الماء وألعاب الماء وموسيقى الماء
والطفولة. لو جمّعتُ كل دموعي لتلاشى هذا البيت.
* Anisul Hoque روائي ومسرحي وشاعر وكاتب سيناريوهات سينمائية وصحافي بنغلاديشي من مواليد عام 1965. أصدر حتى الآن ست مجموعات شعرية.