أطفال فلسطين بكماشة الاحتلال

18 نوفمبر 2014
الاحتلال ينتهك القوانين بقتله الأطفال واعتقالهم (عبد القادر عقل)
+ الخط -
لم يكن الطفل الفلسطيني، ميماتي جابر، يعلم أنّ لهوه قد يقوده لاعتقال الإسرائيليين له. فقد تفاجأ والده جابر باقتحام منزلهم، ومطالبته بتسليم ميماتي الذي لا يزيد عمره على عامين. هذا الموقف ليس ضرباً من الخيال، بل حدث في بلدة سلوان المقدسية.
يقول والد الطفل ميماتي: "يوم الجمعة الأخير من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي تفاجأت بقوات الاحتلال في محيط البناية السكنية التي نقطنها مع العائلة. وكنت أنا وطفلي ميماتي ابن العامين فوق السطح، وكانت الأمور طبيعية فكلنا نعرف تواجد الاحتلال الدائم في منطقة سلوان وأحياء القدس كافة".
ويتابع: "لكن ما لم يكن طبيعياً اقتحام قوة إسرائيلية من المشاة للمنزل فجأة، وبدأوا بالسؤال عن أطفال العائلة". ويضيف: "اتضح أنّ طفلي ميماتي كان يلهو فوق السطح معي، وألقى حجراً دون علمنا بوجود الجنود في محيط
المنزل، فانتبهوا للحجر وجاءوا لاعتقاله". ويتابع "قال الجنود لنا: عليكم تربية أطفالكم كي لا يلقوا الحجارة علينا".
يشير إلى أنّ القوة لم تكتف بذلك، بل شرعت بتفتيش جيوب طفلٍ آخر من العائلة هو عز الدين جابر، ويبلغ من العمر 9 أعوام. ويقول بسخرية: "فتّشوا عز الدين بدعوى وجود حجارة ملونة وحاولوا اعتقاله، ثم تبين أنها قطع حلوى".
معاملة لا قانونية.
من جهته، يكشف مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، فؤاد الخفش، عن زيادة معدلات اعتقال الاحتلال للأطفال والقاصرين خلال العامين الماضيين. ويقول إنّ "معظم المعتقلين من الأطفال تلاميذ، يعتقلون بلا ذنب، إلا أن الاحتلال يجرّمهم ويسارع لاتهامهم بتهم لا أساس لها من الصحة".
ويتابع: "مئات الأطفال الفلسطينيين يدخلون إلى السجون الإسرائيلية. ويعتقلهم الاحتلال في الضفة والقدس ضارباً بعرض الحائط القوانين الدولية عامة وبنود اتفاقية جنيف خاصة، ولا يوجد عددٌ ثابت للأطفال في السجون نظراً لكثرة معدلات الاعتقال والإفراج شهرياً"
ويشير الخفش إلى المعاملة السيئة والظروف القاسية التي يتعرض لها الأسرى. ويوضح أنّ هؤلاء الأطفال الأسرى يرفضون خلال الاحتجاز الاعتراف بشيء. فيحضر لهم الاحتلال ورقة تحمل اتهامات مزيفة، (تكون مكتوبة باللغة العبرية التي لا يفهمها الأطفال)، ويجبرون على التوقيع عليها، تحت الضغط والتخويف والترهيب وتهديدهم بالضرب والاغتصاب.

ويذكر أنّ مخالفات جسيمة يرتكبها الاحتلال باحتجازه القاصرين الفلسطينيين، تتمثل في أماكن الاحتجاز التي لا تراعي أعمارهم وأوضاعهم، والرعاية الطبية السيئة المقدمة لهم. وكذلك من خلال المحاكم الخاصة التي يعرضون أمامها. وهو ما يشكل مخالفة لجميع القوانين الدولية.
ويضيف الخفش أنّ "سلطات الاحتلال تستغل الأطفال الأسرى وأهاليهم. وتجبرهم على دفع مبالغ وغرامات مالية كبيرة، مما يثقل على الأهالي الذين يضطرون لدفع تلك المبالغ، مقابل الإفراج عن أطفالهم".

"توجيهي" مع وقف التنفيذ
الفتى محمد تيسير عبد الله لم يُكمل عامه الثامن عشر، وكان ينتظر بدء سنته الدراسية الأخيرة، هذا العام عندما اعتقل في أغسطس/آب الماضي. يقول شقيقه فراس عبد الله لـ "العربي الجديد": "كان جميع أفراد العائلة ينتظرون التحاقه بمقاعد الصف الثاني عشر أملاً في اجتياز دراسة الثانوية العامة والالتحاق بالجامعة، لكن الاحتلال اختطف حلمه وحلم العائلة".
ويشير عبد الله الذي يسكن في محافظة سلقيت إلى أنّ شقيقه الأسير محمد كان متطوعا في الدفاع المدني الفلسطيني.
وحول معاناة العائلة بعد اعتقال ابنها محمد يقول عبد الله: "الأهل يعانون نفسياً لغياب محمد عن جو الأسرة خاصة أنّ أول الشهور تخللها انقطاع عن الزيارة، والأسابيع الأولى كانت صعبة بسبب عدم معرفة ظروف محمد".
ويتابع: "الآن جاء فصل الشتاء، وسجن هشارون كغيره يفتقر لوجود الأغطية والثياب الكافية للأسرى، كما حرم من استكمال تعليمه".
من جهته، يقول الناشط الشبابي عبد القادر عبد العزيز، إنّ عدد الأطفال الأسرى حالياً يصل إلى 280 طفلاً. ويقبعون في ثلاثة سجون هي مجدو وعوفر وهشارون. ويشير إلى أن سلطات السجون خصصت قسمين منفصلين للأسرى الأطفال في سجني مجدو وعوفر. أما في سجن هشارون فهم يقبعون في قسم النساء، وقسم الجرائم الجنائية المخصص لليهود.
ويرى عبد القادر أنّ المؤسسات التي تتابع قضايا الأسرى الأطفال، لا تقوم بجهد كاف يتناسب مع مستوى قضية الأسرى.
المساهمون