يتساوى الطفلان الفلسطينيان محمد صيام وأحمد مناصرة في عمرهما الذي لم يتجاوز 14 عاماً، إلا أن الأول يعيش في قطاع غزة دون قيود حقيقية تكبل حركته، بينما الثاني يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ منتصف الشهر الماضي أكتوبر/تشرين الأول بتهمة تنفيذ محاولة طعن.
مقاطع الفيديو والصور التي كشفت عن تعرض الطفل مناصرة لتعذيب بدني ونفسي أثناء تحقيق جنود الاحتلال معه، دفعت محمد للمشاركة في وقفة احتجاجية، اليوم الأحد، نظمت أمام مقر المندوب السامي للأمم المتحدة، وسط مدينة غزة، بدعوة من وزارة الأسرى والمحررين.
وللشعور بحال الأطفال الأسرى، اختار صيام الدخول إلى قفص حديدي نصب أمام المقر، مرتدياً الزي الخاص بالأسرى، ومن خلف القضبان الحديدية التي أحيطت بأسلاك شائكة، بين محمد لـ"العربي الجديد" أنه يشعر بالغضب الشديد لاعتقال الاحتلال للأطفال دون اعتبار لصغر سنهم ولقتلهم في الشوارع.
اقرأ أيضاً: تحذير فلسطيني من عقاب جديد بحق الأسرى الأطفال
وصب المشاركون في الوقفة جام غضبهم تجاه المؤسسات الدولية التي تلتزم الصمت تجاه الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأطفال، رافعين في الوقت ذاته شعارات تطالب بحرية الأسرى عامة والأطفال خاصة، مثل: "أطلقوا سراح إخواننا"، "أطفال العالم يلعبون وأطفالنا في السجون يضربون"، "لا للعنف، الحرية للأسرى".
وصعدت قوات الاحتلال منذ اندلاع الهبة الشعبية قبل قرابة الشهرين، من حملات الاعتقال التي تستهدف الأطفال الفلسطينيين، وذلك في مخالفة صريحة لكل المواثيق الدولية التي أكدت حقوق الطفل ومنعت التعرض له أو اعتقاله، إلا في أضيق الحالات، وبما يضمن عدم إلحاق الأذى به جسدياً أو نفسياً.
وقال وكيل وزارة الأسرى والمحررين في غزة، بهاء الدين المدهون، في كلمته على هامش الوقفة الاحتجاجية: "جئنا اليوم لنسمع مؤسسات حقوق الإنسان صوت أنين الأطفال الأسرى في اليوم العالمي للطفل وفي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني"، مضيفاً "خلال الفترة الأخيرة اعتقل الاحتلال مئات الفلسطينيين من مختلف الفئات العمرية، وما زال يعتقل نحو 400 طفل منهم خمسة أطفال مصابين بالرصاص الحي"، لافتا إلى أن الحكومة الإسرائيلية هي التي ترعى عمليات اعتقال الأطفال وتصدر القوانين التي تدعو إلى ذلك.
اقرأ أيضاً: تحذير فلسطيني من التنكيل الإسرائيلي بالأسيرات والأسرى
ووفقا لتقارير صدرت عن مؤسسات تهتم بشؤون الأسرى، فقد بلغ عدد الأطفال القاصرين الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال من مختلف بلدات ومدن الضفة الغربية ومدينة القدس، منذ مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول قرابة 800 طفل، فضلا عن تحويل بعض الأطفال إلى الاعتقال الإداري.
بدوره، أوضح الناشط الحقوقي والخبير في القانون الدولي، صلاح عبد العاطي، في كلمته على هامش الوقفة، أن الاحتلال يخترق بشكل يومي قواعد القانون الدولي من خلال اعتقال الأطفال وتعرضهم لمعاملة لا إنسانية وأشكال متعددة من التنكيل والتعذيب، والتي وصلت إلى حد قتلهم بدم بارد.
أما ممثل حركة "فتح" في لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية، نشأت الوحيدي، فقال لـ"العربي الجديد" إن الأطفال في مدن الضفة الغربية يعانون من اعتداءات إسرائيلية فاقت كل الحدود وتجاوزت كافة الأعراف الإنسانية والديمقراطية، داعياً المؤسسات الحقوقية إلى إلزام الاحتلال بتطبيق المواثيق العالمية الخاصة بالأطفال.
يشار إلى أن وزارة القضاء الإسرائيلية بدأت منذ منتصف الشهر الجاري نوفمبر/ تشرين الثاني بتحضير مذكرة قانون جديد يسمح باعتقال الأطفال تحت 14 عاماً، وذلك لضمان الحكم على الطفل أحمد مناصرة بالسجن، بعدما تبين أنه من الممكن أن يتفادى الأسر، بسبب صغر سنه.
اقرأ أيضاً: سجن "جفعون": رحلة عذاب الأشبال الفلسطينيين