أضعف تظاهرة لـ"السترات الصفراء" في فرنسا: لماذا تراجع زخم الاحتجاجات؟

01 يونيو 2019
فضّلت معظم قيادات "السترات الصفراء" مقاطعة الانتخابات الأوروبية (Getty)
+ الخط -
يبدو أن تظاهرات حركة "السترات الصفراء" في انحسار ظاهر، أسبوعا بعد آخر، وهذا ما كشفت عنه إحصاءات عدد المتظاهرين، اليوم السبت، في عموم فرنسا، حيث أحصت وزارة الداخلية، 9500 متظاهر، من بينهم 1500 شخص في باريس، في الأسبوع التاسع والعشرين من الحراك. وكان عددهم في الأسبوع الماضي، حسب وزارة الداخلية 12 ألف و500 متظاهر، من بينهم 2100 في باريس.

في المقابل، كشفت حركة "السترات الصفراء"، عن عدد متظاهري اليوم، وقدمت رقم 23 ألفاً و622 متظاهرا. وهو رقم غير نهائي، كما تقول، في انتظار وصول أرقام أخرى من أنحاء فرنسا.

وعلى الرغم من الطقس الجيد، الذي تعرفه فرنسا، اليوم، إلا أن القليل فقط من الفرنسيين قرروا الخروج للتظاهر.

ولا شك في أن الإجراءات الاقتصادية الحكومية المتجلية في ضخ 17 مليار يورو لتعزيز القدرة الشرائية، ساهمت في دفع العديد للعودة إلى منازلهم، وخاصة المتقاعدين الذين كانوا على رأس الاحتجاجات، والذين كانوا في البداية متضررين من سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون، قبل أن يتراجع عنها ماكرون فيكونوا من بين المستفيدين من الإعلانات الرئاسية، وهو ما دفع قسما كبيرا منهم للتصويت لمصلحته في الانتخابات الأوروبية، إلى جانب تصويت قسم آخر منهم لحزب مارين لوبان، متخلّين عن ولائهم التاريخي لحزب "الجمهوريون"، اليميني، الذي دخل في ما يشبه الاحتضار الطويل.

يضاف إلى ذلك، دور "الحوار الوطني الكبير"، الذي استغله الرئيس ماكرون، بمهارة، كي يقنع الرأي العام الفرنسي، بأن الاحتجاجات كانت شرعية، وأن جواب حكومته في الطريق الصحيح، وبالتالي فإن على المتظاهرين أن يعرفوا كيف يوقفوا احتجاجاتهم.

وأخيرا، الدور الهدّام الذي لعبته خلافات زعماء الاحتجاج، وفشلهم في بناء كيان سياسي يدافع عن مطالبهم. وهي خلافات بدت، بشكل واضح، في نتائج الانتخابات الأوروبية حين فضّلت معظم قيادات الحراك مقاطعة الانتخابات الأوروبية، فيما عرفت الوجوه الأخرى التي دخلت الانتخابات سواء عبر لوائح مستقلة أو في لوائح حزبية، "انهضي، فرنسا"، و"الوطنيون"، فشلا ذريعا.  

 

تصميم على مواصلة الاحتجاجات

وعلى الرغم من هذا الانحسار في عدد المتظاهرين، إلا أن المتظاهرين وأيضا صفحاتهم في وسائل الاتصال الاجتماعي، تصر على أن الحراك مستمر، رغم ما تقوله وسائل الإعلام وما تتمناه الحكومة ورئيس الجمهورية، وأنه سيعود بحماس أكبر.

الكثيرون تحدثوا عن بعض الوهَن، الذي عرفه الحراك، منذ بضعة أسابيع، وهو أيضا موقف إيريك درووي، أحد وجوه الحراك الأكثر شعبية، والذي اعترف، اليوم، بضعف التعبئة، وأرجعها إلى تبني الاحتجاجات مطالب متعددة، في كل أسبوع، متخلية عن المطالب الأولى التي أعلن عنها يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

وتساءل درووي إن كان من الأفضل التوقف عن تنظيم مثل هذا النوع من التظاهرات المرخَّصَة، والعودة إلى احتلال تقاطُعات الطرق، وإلى تنظيم عمليات شل الحركة في الطرق السيَّارة، وإلى فتح هذه الطرق أمام أصحاب السيارات، مجاناً.

ومن جهة أخرى ستشهد باريس، صباح غد الأحد، مسيرة لمتظاهري "السترات الصفراء"، من الجرحى، ما بين الباستيل وساحة ناسيون.  

وكان مدعي الجمهورية، في باريس، ريمي هيتز، قد كسَّر الصمت، في لقاء له مع صحيفة لوباريزيان، بخصوص القضايا التي يتابع فيها رجال شرطة، بتهمة ممارسة العنف على المتظاهرين، معلنا أن لا أحد سيفلت من العقاب عند ثبوت المسؤولية، معترفا بفتح 174 تحقيقا قضائيا، وكاشفا أن بعضها سيتم تسليمه إلى قضاة التحقيق. ومنها ملف جيروم رودريغيز، أحد وجوه الحراك، الأكثر شعبية، والذي فقد عينه اليمنى بعد أن اخترقتها رصاصة أطلقتها الشرطة.

وعلى الرغم من اعترافه بأنه لم يتم لحد الآن، إيقاف أي شرطي ودركي إلا أنه طمأن بأن الأمور تسير وفق اللوائح المنظمة.

ومثلما هو موقف الرئيس إيمانويل ماكرون ووزرائه، فضَّل مدعي الجمهورية، ريمي هيتز، عدم استخدام مصطلح "العنف البوليسي"، مفضِّلا تعبير "عنف غير شرعي".

المساهمون