أشهر 3 منتخبات لم تفز بكأس العالم (1)

05 يونيو 2014
المدافع الفرنسي يتصدى لتصويبة النسماوي اشتون شول (getty)
+ الخط -

كرة القدم لعبة الفوز والهزيمة، هي ليست كذلك فقط، بل هناك مفهوم أشمل وأدق وأوضح من ذلك بمراحل، إنها تلك الفلسفة التي لا يحكمها أي منطق أو عقل في بعض الأحيان لذلك عرفت بالساحرة المستديرة التي تأسر قلوب محبيها وتأخذ عقولهم إلى زمن آخر... ووسط الأبطال الذين فازوا بكأس العالم، هناك بعض الأجيال التي خسرت البطولة دون سابق إنذار، ولا نعلم حتى الآن، من خسر الآخر، هذه الفرق أم البطولة المونديالية الكبيرة ؟


وسنبدأ في الحلقة الأولى ذكر بعض الفرق التي قدمت أداءً مميزاً جداً لكنها فقدت البطولة في اللحظات الأخيرة، هناك نماذج عديدة لكن سنلقي الضوء أولاً على أشهر منتخبات لم تفز أبداً بكأس العالم، وحينما جاءتها الفرصة، فرّطت بها بغرابة شديدة وأعطتها إلى خصومها على طبق من ذهب .

 نمسا 1934

إذا كان فيتوريو بوزو هو عراب الكرة الواقعية في ثلاثينيات القرن العشرين فإنّ النمساوي هوجو مايزل هو أسطورة الحلم والخيال في كرة القدم... الملعب بالنسبة له مثل اللوحة الفنية التي يجب أن تكون ممزوجة بألوان ملفتة ومبهجة حتى تنال رضا المتابعين، لذلك هو باختصار أحد السحرة الذين جعلوا من اللعبة معبودة لملايين الجماهير على مر العصور .


عاشت كرة القدم عصراً ذهبياً بعد الحرب العالمية الأولى، وكان مايزل واحداً من أولئك الذين أيدوا فكرة إضفاء الطابع الاحترافي على هذه الرياضة ، فمن منصب الأمين العام، لعب مايزل دوراً رئيسياً في بناء فريق وطني، برفقة صديقه الانجليزي جيمي هوجان، الذي يرجع له الفضل إلى حد كبير في جلب ما كان يعرف آنذاك باسم "كرة القدم الاسكتلندية" ونشر ذلك النمط عبر مختلف أنحاء القارة، فقد كانت فلسفته تقوم على "إبقاء الكرة قريبة من العشب"، وهو ما استهوى النمساويين بشكل خاص في الثلاثينيات ومن بعدهم سحرة المجر في الخمسينيات.


واعتبر معظم المراقبين فريق الأحلام النمساوي كأفضل فريق في أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية، وبعد فوزه 2-1 على تشيكوسلوفاكيا في 12 أبريل 1931، رفع المنتخب النمساوي سجله إلى 14 مباراة دون خسارة، محققاً 11 انتصاراً 3 تعادلات، علماً أن هذه السلسلة من النتائج الباهرة شملت أيضاً فوزين ساحقين على ألمانيا، كان الأوّل بنتيجة 6-0 في برلين والثاني بنتيجة 5-0 في فيينا. وكان من بين الضحايا كذلك منتخب اسكتلندا الذي خسر 0-5 في 16 مايو 1931 في فيينا، فضلاً عن المجر التي تلقت هزيمة مذلة 8-2، بينما سقطت سويسرا 1-8 في بازل.


لكن سلسلة الانتصارات الرائعة توقفت في 7 ديسمبر 1932، عندما مني فريق مايزل بخسارته الأولى من أصل 15 مباريات متتالية، وكان السقوط على يد انجلترا بنتيجة 4-3 في مهد كرة القدم على أرضية ستامفورد بريدج في لندن، وعلى الرغم من الهزيمة، إلا أن النمساويين ظهروا بمستوى رائع بفضل نظام لعب البريطاني هوجان، الذي كان مفتاح الفوز الكاسح الذي حققه منتخب المجر على إنجلترا بنتيجة 6-3 في عام 1953.


شكل كأس العالم إيطاليا 1934 قمة الأمجاد النمساوية، حيث أكد فريق الأحلام حظوظه في الفوز بالنسخة الثانية من بطولة كأس العالم بمفاجأة أصحاب الأرض 2-4 عشية انطلاق النهائيات في مباراة ودية على ملعب موسوليني بمدينة تورينو.


لم يكن من الغريب إذن أن يدخل فريق مايزل إلى النهائيات وسط توقعات كبيرة، ولكن الحظ خانه في المسابقة، إذ بعدما فاز على فرنسا 3-2 بعد وقت إضافي في تورينو، تمكن منتخب النمسا من إقصاء المجر في دور الثمانية بالفوز عليها 2-1 في بولونيا، ليشق طريقه إلى مباراة نصف النهائي ضد إيطاليا في ملعب سان سيرو بمدينة ميلانو، واحتجاجاً على كثرة الإصابات في صفوف فريقه بعد ملاقاة المجر، قال في تصريح مفاجئ إنه يجب "أن نسميها مشاجرة، وليس مباراة في كرة القدم".


"ليس لدينا خيار"... بهذه الكلمات علق مايزل قبل موقعة نصف النهائي ضد منتخب إيطاليا، الذي كان يدربه فيتوريو بوزو، صديقه القديم ورفيقه في درب الابتكار، وقد فتحت نوافذ السماء كما لو انها كانت تنتظر تلك اللحظة، فبدأت الأمطار الغزيرة تتهاطل إلى درجة إغراق الملعب في الوحل.


شكل سوء الأحوال الجوية ضربة كبيرة للنمساويين، الذين يحبذون اللعب الأرضي والاستحواذ على الكرة. ومما زاد الطين بلة غياب رئة الفريق هورفاث يوهان بداعي الإصابة، وعلى الرغم من أن النمسا خلقت العديد من الفرص، (بعض الروايات تقول إن حارس المرمى الإيطالي جيامبيرو كومبي تصدى لما يقرب من عشرين تسديدة)، استمر تقدم الأزوري بهدف جوايتا في الدقيقة 10، ليحافظ أصحاب الأرض على النتيجة حتى النهاية، مما حرم مايزل، وسيندلار وبقية أعضاء فريق الأحلام من كتابة صفحة ذهبية في تاريخ كأس العالم.

المساهمون