ربما لم تشهد السينما الأميركية، في تاريخها، حالة تخريب لعالم سينمائي ولأجزاء متتابعة، كهذا الذي جرى في الجزء الختامي من سلسلة "إكس مِن" X-Men، بعنوان Dark Phoenix، لسيمون كينبرغ. بدأت السلسلة عام 2000، بمجموعة أحداث وشخصيات وصراعات. لكن، بعد فشل فيلمين متتاليين، اتّخذت شركة "فوكس" قرارًا ذكيًا للغاية، تمثّل في إعادة إحياء السلسلة بأفلام جديدة، تتناول أحداثًا تجري قبل الفيلم الأول بأعوام، وتمهِّد لماضي الشخصيات وبداياتها بممثلين جدد. بعد نجاح First Class لماثيو فون (2011) وDays of the Future Past لبراين سينغر (2014)، عاد الانحدار مجدّدًا، ووصل إلى مستوى غير مسبوق في الفيلم الأخير.
أبرز سمة في هذا التخريب، هي تجاوز أيّ خطّ زمنيّ منطقيّ، يربط أحداث الأفلام بعضها ببعض، كأنْ تموت شخصيات، رغم أنها ركائز أساسية في أفلام لاحقة زمنيًا، أو كأنْ تأخذ شخصياتٌ مسارات لا تتّسق نهائيًا مع مصائرها اللاحقة، المعروفة في أفلام أخرى، عند محاولة الربط بالسلسلة القديمة، أو بفيلم سينغر نفسه، وبشكل غير مُفسَّر تمامًا، كأنّ صناعها قرّروا تدمير كلّ شيء بقرارٍ واعٍ.
إذا تمّ تجاوز النظر إلى الفيلم في إطار عالمه السينمائي، وهذا غير منطقي، لكن لنفترض حدوثه، فإنّ الفيلم نفسه ضعيف للغاية في مستوياته كلّها. دراميًا، لا تكمن المشكلة فقط في أنّ الأحداث شوهدت سابقًا، وإنْ بمعالجة مختلفة، كما في The Last Stand لبْرَت راتنر (2006)، الذي يُعتبر أصلاً أضعف الأجزاء السابقة؛ بل في أنّ الأحداث تقفز، بشكل مبتور ومتعجّل للغاية، فتظهر غير مترابطة. كما أنّه لا يمكن قبول تغيير شخصية "البروفسور إكس" (تشارلز اكزافيير) إلى شخص مغرور، يخاطر بالمجموعة من أجل مجد شخصي، بجملةٍ تقول هذا التغيير. ولا يمكن استيعاب نظرية القوّة الكونية، التي قضت على أحد الكواكب، والمتجسّدة في "جين غراي" بمشهد واحد ضعيف، يُشرح فيه كلّ شيء على عجل، من دون أن يتصل بعالم الفيلم الذي نعرفه.
الأهمّ هو غراي نفسها التي قرّر صنّاع الفيلم أن تكون بطلة الأحداث، استغلالاً لشهرة الممثلة صوفي تيرنر ونجاحها في المسلسل التلفزيوني "صراع العروش" Game of Thrones، وهذا برهان تجاري بحت، من دون أنْ يوازيه أي جهد في الكتابة لإقناع المُشاهد بغضبها ومعاناتها وانقلابها على كلّ شيء. بهذا كلّه، يفقد الفيلم روحه ومصداقيته، إلى درجة أنّ موت شخصيات أساسية، معروفة لأعوام مديدة عبر الأجزاء، لا يثير مشاعر حزن أو عاطفة، لفرط افتعال تنفيذ الموت، وغرابة إخراجه.
اقــرأ أيضاً
إلى ذلك، دفع الفيلم والسلسلة معًا ثمن قرار غريب آخر للشركة، تمثّل في إسناد الإخراج لسيمون كينبرغ، في أول عمل له، ففقدت قراراته كلّها، حتى البسيطة منها كحوارٍ بين شخصين في غرفة، الحِرفية والإيقاع والدقّة، ما يظهر في أوضح صورة، أي في مَشاهد الحركة، الفقيرة تنفيذًا وأفكارًا، رغم امتلاء الفيلم بها، فإذا بها نقلٌ لشكل المعارك في أجزاء سابقة، من دون لمحة ابتكار أو مفاجأة أو جودة.
وصولاً إلى إدارته الممثلين، ذوي الأداءات الممتازة للشخصيات نفسها سابقًا، كجيمس مكافوي ومايكل فاسبندر وجينيفر لورانس، الذين يظهرون في صُوَر باهتة، كأنهم غير قادرين على تصديق النص، أو التفاعل مع تصرّفاتهم في الأحداث. في المقابل، فشلت صوفي تيرنر في منح شخصية جين غراي ألقها، رغم المساحة الكبيرة لدورها.
الآن، ينتهي فصلٌ من تاريخ السلسلة، مع انتقال ملكية الشخصيات وحقوق اقتباسها من "فوكس" إلى "مارفل"، تمهيدًا لانضمامها إلى العالم السينمائي لـ"أفنجرز" في أعوام قليلة مقبلة، ليكون "دارك فونيكس" أسوأ ختام يُمكن تصوّره لسلسلة جماهيرية، بشكل لا تستحقه أفلام X-Men، التي ساهمت في عودة الأبطال الخارقين إلى الواجهة الهوليوودية قبل عقدين.
إذا تمّ تجاوز النظر إلى الفيلم في إطار عالمه السينمائي، وهذا غير منطقي، لكن لنفترض حدوثه، فإنّ الفيلم نفسه ضعيف للغاية في مستوياته كلّها. دراميًا، لا تكمن المشكلة فقط في أنّ الأحداث شوهدت سابقًا، وإنْ بمعالجة مختلفة، كما في The Last Stand لبْرَت راتنر (2006)، الذي يُعتبر أصلاً أضعف الأجزاء السابقة؛ بل في أنّ الأحداث تقفز، بشكل مبتور ومتعجّل للغاية، فتظهر غير مترابطة. كما أنّه لا يمكن قبول تغيير شخصية "البروفسور إكس" (تشارلز اكزافيير) إلى شخص مغرور، يخاطر بالمجموعة من أجل مجد شخصي، بجملةٍ تقول هذا التغيير. ولا يمكن استيعاب نظرية القوّة الكونية، التي قضت على أحد الكواكب، والمتجسّدة في "جين غراي" بمشهد واحد ضعيف، يُشرح فيه كلّ شيء على عجل، من دون أن يتصل بعالم الفيلم الذي نعرفه.
الأهمّ هو غراي نفسها التي قرّر صنّاع الفيلم أن تكون بطلة الأحداث، استغلالاً لشهرة الممثلة صوفي تيرنر ونجاحها في المسلسل التلفزيوني "صراع العروش" Game of Thrones، وهذا برهان تجاري بحت، من دون أنْ يوازيه أي جهد في الكتابة لإقناع المُشاهد بغضبها ومعاناتها وانقلابها على كلّ شيء. بهذا كلّه، يفقد الفيلم روحه ومصداقيته، إلى درجة أنّ موت شخصيات أساسية، معروفة لأعوام مديدة عبر الأجزاء، لا يثير مشاعر حزن أو عاطفة، لفرط افتعال تنفيذ الموت، وغرابة إخراجه.
إلى ذلك، دفع الفيلم والسلسلة معًا ثمن قرار غريب آخر للشركة، تمثّل في إسناد الإخراج لسيمون كينبرغ، في أول عمل له، ففقدت قراراته كلّها، حتى البسيطة منها كحوارٍ بين شخصين في غرفة، الحِرفية والإيقاع والدقّة، ما يظهر في أوضح صورة، أي في مَشاهد الحركة، الفقيرة تنفيذًا وأفكارًا، رغم امتلاء الفيلم بها، فإذا بها نقلٌ لشكل المعارك في أجزاء سابقة، من دون لمحة ابتكار أو مفاجأة أو جودة.
وصولاً إلى إدارته الممثلين، ذوي الأداءات الممتازة للشخصيات نفسها سابقًا، كجيمس مكافوي ومايكل فاسبندر وجينيفر لورانس، الذين يظهرون في صُوَر باهتة، كأنهم غير قادرين على تصديق النص، أو التفاعل مع تصرّفاتهم في الأحداث. في المقابل، فشلت صوفي تيرنر في منح شخصية جين غراي ألقها، رغم المساحة الكبيرة لدورها.