"لا يمكن بعد هذه السنوات من الوقائع العنيفة في البلاد العربية، أن لا تدخل محركات هذه الأحداث في عمل الفنان"، يقول الفنان في حديث لـ "العربي الجديد"، مضيفاً "مهمتي أن أسلّط المزيد من الضوء على السلطة والاقتصاد والاستغلال الذي ما زالت أفريقيا بعد عقود الكولونيالية تعاني منه".
في لوحة "حلم أفريقيا" نجد ذلك التنوّع والغنى اللوني في خارطة القارة، لكنها ألوان تذوب وتنزف، عن ذلك يشرح عمار "إنها مفارقة أفريقيا الكبرى، القارة الأغنى بثرواتها الطبيعية وتعدّدها الثقافي والحضاري، لكن بلادها تعاني الفقر والمرض والصراعات، كلّ شيء موجود في أفريقيا لكن يبدو الأمر كما لو أن كلّ شيء مفقود فيها أيضاً". تحضر أفريقيا من خلال رموزها ايضاً، على شكل فيل ووحيد القرن والطقوس والألوان والشخصيات المتشظية.
لوحة الكرسي، والتي يقابلها تجهيز كرسي في المعرض، تعبر عن السلطة؛ يقول عمار "في تونس بعد 2011، زالت السلطة القديمة ولكن السؤال ما هو شكل السلطة التي لدينا اليوم، ثمة لوحة أخرى فيها شخصية مهيمنة بأربعة وجوه، كلما نظرت إليه من زاوية ترى وجهاً، هذه في نظري هي السلطة اليوم".
يرسم عمار بروح فن البوب وبخطوط التكعيبية وبالألوان التونسية الحارة، نسأله عن مزاجة ألوانه التي لا تستبعد ولا تقصي أي لون فيقول، إنها "مزج البيئة والطبيعة والعمارة التونسية، عشت فترة في كندا، لكني حين عدت إلى تونس اكتشفت قوة حضور اللون فيها"، يكمل "ثمة فنانين أخذوا الانطباع نفسه حين زاروا تونس، من بينهم بول كلي الذي يقول "عرفت أن الألوان موجودة حين ذهبت إلى تونس" وهذا يدلّ على التأثير لهذا القوس قزح الموجود في الحياة اليومية، وبشكل خاص الأبيض والأزرق".
يرى عمار أن هناك ثلاثة أسرار للتعامل مع اللون وهي "سرّ أنك فنان، وهذا أمر يخصّ كل فنان وحده وكيف يبني علاقته باللون، ثمة سر آخر متعلق بالعمل والتكرار والتجريب فهذا يتدخل في خياراتك اللونية، أما الثالث فهي الطبيعة في تونس والتي تفرض عليك أن تتأمل التعدّد اللوني والتغيّرات التي تقع عليه من وقت إلى آخر ومن زاوية إلى أخرى".
الفن في تونس بعد 2011، نسأل عمار كيف يراه بوصفه فناناً شاباً، فيجيب "لدينا المزيد من الحرية والقليل من الدعم، زادت القدرة والقوة على التعبير وزادت الأزمة الاقتصادية أيضاً"، يتابع "الدعم الثقافي في تونس يقتصر على نشر الكتب وإنتاج المسرح وبشكل خاص السينما التي تدعم بمئات الآلاف، لكن الفن التشكيلي في آخر قائمة اهتمامات المؤسسة الرسمية هذا إن كان موجوداً أصلاً".
يكمل عمار "أنا كفنان شاب بحاجة إلى المشاركة في معارض خارج البلاد مثلاً، لكني لن أحصل على دعم من أي نوع لو حاولت، كل ما أفعله أعتمد فيه على نفسي"، متسائلاً "لماذا لا يُلتفت إلى دعم الفنان التشكيلي مثله مثل المسرحي والسينمائي والكاتب؟".
بما أن موضوع الهيمنة والسلطة والاقتصاد هي ثيمات المعرض الحالي، كيف تعمل هذه الثيمات اليوم في سوق الفن المعاصر، نطرح السؤال على عمار الذي يجيب "لا شك أنه وبعد 2011 فتح سوق كبير للفن العربي المعاصر في أوروبا وأميركا والعالم عموماً، أنا يهمني أي نوع من الفن الذي يجري الالتفات إليه، وعلى الفنان أن يسأل لماذا، ثمة فن تجاري فعلاً تحول إلى عالمي في هذا السوق، لكن تظل ثمة تجارب حقيقية، وهذا ما أود أن أتتمي إليه، الانهماك في علاقة الفن بالراهن بشكل عميق وعلى نحو متأمل وناقد".