أزمة نفط الجزائر

10 سبتمبر 2015
تراجع أسعار النفط يضغط على الجزائر (Getty)
+ الخط -
في عام 1986 نزلت أسعار النفط إلى أقل من تسعة دولارات للبرميل، كانت تلك هزة اقتصادية عنيفة ضربت الاقتصاد العالمي، لكنها كانت أعنف بالنسبة للاقتصاد الجزائري، الذي كان يعتمد كلياً على عائدات النفط بنسبة قاربت 92%.
قبل الأزمة النفطية بسنوات كانت الجزائر مزهوة بالعنفوان الثوري، الذي رافق مسار بناء الدولة الحديثة مع الرئيس الراحل، هواري بومدين، ومنتشية بالمكانة السياسية والثقل الذي باتت تتمتع به إقليمياً وعربياً ودولياً، وأسهم ارتفاع أسعار النفط في السبعينيات وبداية الثمانينات في دعم هذا الثقل، وفي إشاعة الأريحية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، إلى درجة التبذير والترف، وإلى مستوى دفع الحكومة حينها إلى إطلاق حملات تحث الجزائريين على عدم التبذير، لتصطدم البلاد بعدها بأزمة انهيار أسعار النفط عام 1986.
لم تلبث تداعيات هذه الأزمة أن ظهرت على محيا البلاد والناس، فقد نفد احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وشحت الخزينة العمومية ولم تجد الدولة ما تسد به رمق الجزائريين من الغذاء والدواء، واخترقت الأزمة الجسم المجتمعي، وبدا التعب الاجتماعي على الناس، خصوصاً في المدن الداخلية، وتدهورت الأوضاع المعيشية للجزائريين، واختفت المواد الغذائية الأساسية من الأسواق، كالخبز والزيت والقهوة والسكر ونفد المخزون الاستراتيجي من المواد الحيوية والقمح.
في تلك الفترة كانت الجزائر تسير بنظام اشتراكي كلاسيكي تحتكر فيه الدولة وسائل الإنتاج، وكانت توزع المواد الغذائية عبر ما يعرف بأسواق الفلاح، وهي عبارة عن محلات تجارية كبيرة، وكانت تشهد طوابير كبيرة من الجزائريين بشكل يومي للحصول على الطحين والمواد الغذائية، ووجد الجزائريون أنفسهم أمام حالة من الغبن، دفعتهم إلى الخروج من بيوتهم قبل الفجر للحصول على رغيف الخبز من المخابز.
لا ينسى الجزائريون هذه المشاهد المؤلمة، والتجربة القاسية اجتماعياً واقتصادياً، في بلد نفطي ويزخر بثروات مادية وبشرية هائلة، فقد حفر ذاك الغبن في ذاكرة الجزائريين عميقاً، وكان واضحاً أن البلاد مقبلة على تغييرات اجتماعية واقتصادية وسياسية عميقة.
ومع نهاية سنة 1988، كانت الجزائر مع زلزال اجتماعي عنيف مع أول انتفاضة شعبية تعم البلاد.
ويبدو أن التاريخ يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، ويحاكي أحداثاً مرت ويعيد رسمها بتفاصيلها مع تهاوي أسعار النفط عالمياً منذ نحو عام.

اقرأ أيضا: الجزائر: 20 مليار دولار تراجعاً في احتياطي النقد الأجنبي
المساهمون