أزمة صرف المعاشات تهدد 5 ملايين تونسي

28 مارس 2016
مقترح برفع سن التقاعد إلى 65 عام (فرانس برس)
+ الخط -


تحتاج الصناديق الاجتماعية في تونس إلى خطة إنقاذ عاجلة، بعد أن دخلت منعرجا ماليا حرجا قد يصل إلى حدود العجز عن صرف رواتب المتقاعدين، وتأمين تغطية مصاريف العلاج لنحو خمسة ملايين تونسي.

وتعد أزمة الصناديق الاجتماعية من الملفات القديمة الجديدة، حيث تنبهت الحكومة إلى هذا الوضع المالي الحرج منذ سنة 2005، غير أن تأخر الحكومة والأطراف الاجتماعية في بحث الحلول أدى إلى تأزم وضعيتها، وهو ما جعل وزارة الشؤون الاجتماعية تقرع أجراس الخطر.

وبلغت قيمة عجز الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية (الصندوق المخصص لأعوان الدولة والموظفين الحكوميين)، نحو 426 مليون دينار سنة 2015، (213 مليون دولار) في حين بلغ عجز الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (صندوق موظفي القطاع الخاص والحرفيين والتجار) 310 ملايين دينار.

ورغم بعض الإجراءات التي انطلقت سنة 1995 من خلال رفع نسب المساهمات وإعادة النظر في شروط التقاعد المبكر وإتاحة الترفيع في سنّ التقاعد لأسباب شخصية من 50 إلى 55 بعد قضاء 30 سنة عمل، ظلّت هذه الإجراءات محدودة وتقتصر فقط على تضخيم موارد الصناديق لمدة قصيرة، دون التوصل إلى حلول جذرية تضمن ديمومة نظم الضمان الاجتماعي.

ومع استفحال الأزمة من سنة إلى أخرى تجد الحكومة التونسية صعوبة بالغة في إيجاد الحلول المناسبة لإعادة التوازن في صناديق المعاشات، وتأمين استمرارية خدماتها مع توقعات بإمكانية ارتفاع العجز إلى أكثر من 4600 دينار أي قرابة 2300 مليون دولار في غضون سنة 2020.

ويعتبر الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي، أن أسبابا عديدة فاقمت أزمة الصناديق الاجتماعية، متوقعا أن تجد الحكومة الحلول المناسبة قبل الوصول إلى مرحلة العجز عن سداد رواتب المحالين على المعاش.
وأبرز البدوي في تصريح لـ "العربي الجديد" أن السنوات العشر الأخيرة شهدت تراجعا حادا في نسب التغطية الاجتماعية، بسبب قلة فرص الشغل المحدثة في القطاعين الخاص والحكومي، زيادة على تأخر سن الإدماج المهني واعتماد الحكومة على آليات التشغيل الهشة التي تكون فيها نسبة التغطية ضعيفة أو منعدمة أساسا.


ويرى البدوي أن الحلول المقترحة بالرفع في سن التقاعد من 60 إلى 65 سنة غير كافية لتوفير موارد مالية هامة تغطي العجز الحالي، لافتا إلى أن هذه الصناديق في مرحلة عجز هيكلي ناتج عن أسباب تنموية، من أهمها تحسّن معدل الحياة وشيخوخة السكان وتهرّم الأنظمة وتأخر الاندماج في سوق الشغل الى غير ذلك من الأسباب وهو ما يستوجب خطة إنقاذ تعدد فيها مصادر الدخل المادي.

وتشير دراسات أجراها مكتب العمل الدولي إلى أن عجز الصناديق كان متوقعا منذ سنة 1985 لكن الحكومات المتتالية لم تواجه الصعوبات بجدية مما أدى إلى تدهور الوضع.

اقترحت الدراسة ذاتها منذ سبتمبر/أيلول 2010، إصلاح أنظمة التقاعد في تونس عبر الرفع في سن التقاعد على مرحلتين تصل فيها سن الإحالة على المعاش في مرحلة أولى إلى 62 سنة ثم إلى 65 سنة.

كما اقترحت مكتب العمل الدولي أياما قبل اندلاع ثورة يناير/كانون الثاني 2011 الزيادة في نسبة المساهمات المالية للأجراء والمؤجرين في القطاعين الخاص والحكومي وذلك على مرحلتين لتجاوز العجز المُتفاقم في الصناديق الاجتماعية التونسية وهو ما سبب جدلا شبيها بالجدل الذي يعيشه البرلمان اليوم بعد مطالبة الحكومة بالمصادقة على مشروع قانون رفع سن التقاعد.

ويصطدم مقترح الحكومة بالرفع في سن التقاعد بخمس سنوات إضافية برفض الاتحاد العام التونسي للشغل (منظمة الشغالين) التي تعتبر أنّ الحكومة قادرة على دعم الصلابة المالية للصناديق الاجتماعية دون اللجوء إلى إجبار الموظفين على العمل إلى سن 65.


اقرأ أيضا: نقابات عمالية تطالب بحلول جديدة لأزمة البطالة في تونس


المساهمون