حذرت هيئة حقوقية جزائرية من تفاقم مشكلة البطالة في جنوبي الجزائر، بسبب التداعيات الاجتماعية والأمنية الخطيرة على هذه المنطقة.
وأفاد تقرير نشرته الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن نسبة البطالة في مدن ومناطق الجنوب الجزائري تجاوزت 30 بالمائة لدى الشباب، لعدم استفادتها من مشاريع تنموية كافية تسهم في توفير مناصب شغل.
ولفت التقرير إلى المفارقة المثيرة المتعلقة بواقع هذه المدن، على الرغم من كونها مصدر ثروات النفط والغاز التي تدر 98 بالمائة من المداخيل المالية للجزائر.
وأكد التقرير أنه "بعد 16 سنة من البحبوحة المالية، وجد سكان الجنوب أنفسهم الآن في عهد التقشف، ووسط محيط معزول يميزه غياب المشاريع التنموية، ما جعل شباب الجنوب ينتفضون للمطالبة بحق الاستفادة من أموال الدعم".
وتعاني مدن الجنوب من أزمة جدية في مجال التشغيل، ما يدفع الشباب إلى تنظيم احتجاجات بشكل متواصل، وإلى قطع الطرقات واحتجاز شاحنات الوقود، تعبيراً عن رفضهم للمواقع المزري وعدم استجابة السلطات لمطالبهم وتنفيذ وعودها السابقة بخصوص توفير فرص عمل، خاصة في الفترة الأخيرة جراء ما تشهده البلاد من انهيار أسعار البترول وحالة الركود الاقتصادي.
واتهم التقرير الحكومات المتعاقبة بالعجز عن وضع السياسات الكفيلة بخلق ما يكفي من الوظائف لامتصاص الأعداد الوافدة إلى سوق الشغل، بالإضافة إلى أن تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي أدى إلى خفض الاستثمار الحكومي في خلق طاقات إنتاجية جديدة تستوعب البطالة في الجنوب.
وطالبت الرابطة الحقوقية السلطات الجزائرية بوضع مقاربة للتنمية في الجنوب تسهم في فك أزمة التشغيل، وتفكك القنابل الموقوتة، والتي من شأنها إدخال البلاد في دوامة من المخاطر.
وانتقدت الرابطة غياب التنمية المحلية في مناطق الجنوب، وغياب الاستثمار، وضعف عائدات العمل الفلاحي في الصحراء بسبب الجفاف وارتفاع أسعار الكهرباء لسقي المنتوجات الفلاحية، وركود السياحة في جنوب الجزائر بسبب عزوف السيّاح الأجانب، وما ترتب عنه أيضاً من بطالة أكثر من 30 ألف عامل بالمنشآت السياحية.
واعتبرت الرابطة الجزائرية لحقوق الانسان أن "غلق الحدود بين الدول الجوار انعكس على التبادل الحر أو ما يسمى في الجنوب بتجارة المقايضة مع دول الجوار، التي كانت قائمة بين تجار وسكان مناطق الصحراء، والتي كانت توفر نشاطاً تجارياً واقتصادياً ومناصب شغل هامة لسكان تلك المناطق.
وتجارة المقايضة نظام للتبادل التجاري أقرته الجزائر والنيجر ومالي، يتيح لسكان المناطق الصحراء والحدود بين هذه الدول تبادل السلع التجارية دون أموال.
وانتقد التقرير غياب الشفافية في التوظيف تفشي مظاهر المحسوبية والمحاباة في تقسيم مناصب العمل، وإخفاق السلطات الجزائرية في فرضها على الشركات الأجنبية منح أولوية التوظيف للعاطلين عن العمل من المنطقة الجنوب، بدل إحلال اليد العاملة المنافسة من المهاجرين غير الشرعيين، خاصة من الدول الأفريقية، محل العمالة الجزائرية وبأجور منخفضة.
ولفتت الرابطة إلى أن البطالة في الجنوب أثرت على السلوك المجتمعي لدى السكان المعروفين بالأخلاق العالية وحسن الضيافة"، وأشارت إلى أنها كانت قد "نبهت الحكومة مرات عدة بأن المنافسة غير الشرعية التي تقوم بها المؤسسات الاقتصادية في الجنوب تؤدي إلى حالة الرفض والعداء تجاه الأفارقة.
وكانت سلسلة من الحوادث والمواجهات وقعت بين السكان المحللين والمهاجرين الأفارقة في مدن الجنوب كورقلة وبشار.