أزمة السكن في الجزائر تهدد بانفجار اجتماعي

26 أكتوبر 2015
مشكلات مرتبطة باستنسابية توزيع المساكن (فرانس برس)
+ الخط -
دفعت أزمة السكن الخانقة التي تعيشها الجزائر بالحكومة، منذ سنة 2001، إلى انتهاج سياسة الإنفاق الكبير على المشاريع الضخمة في هذا القطاع، وهي السياسة التي تجسدت في مشروع بناء مليوني سكن خلال المخطط الخماسي 2009 / 2014 وقبله مشروع إنجاز 950 ألف وحدة سكنية من 2005 إلى 2009، كما خططت خلال الخماسي الحالي 2014/2019 لإنجاز نحو 1.6 مليون وحدة سكنية... فهل هذه المشاريع جسدت حلولاً لأزمة السكن؟ 
فقد عمدت الحكومة في إقامتها هذه المشاريع إلى مراعاة المستوى المعيشي لمختلف الفئات الاجتماعية، فقسمت الحصص السكنية إلى صيغ متنوعة، منها صيغة "السكن الريفي"، ( مشروع يستهدف قاطني المناطق الريفية)، حيث يدعم كل مستفيد بـ 10 آلاف دولار لإقامة مسكنه الخاص، ثم صيغة "السكن الاجتماعي" (الإيجاري العمومي)، وهي صيغة سكنية شبه مجانية، تمنحها الدولة للفئات ذات الدخل الشهري الأقل من 240 دولاراً شهرياً، مع الالتزام بدفع إيجار شهري رمزي بقيمة 30 دولاراً.

ارتفاع الأسعار

وبالنسبة للطبقة المتوسطة ذات الدخل الأكثر من 240 دولاراً والأقل من 1080 دولاراً شهرياً، فقد خصصت لها الدولة صيغة البيع بالإيجار، التابعة للمؤسسة الوطنية لتحسين السكن وتطويره "عدل"، حيث يقدر ثمن الشقة من ثلاث غرف بنحو 25 ألف دولار، يدفعها المستفيد على أقساط شهرية، مدة لا تزيد عن 30 سنة، على أن يتملكها إذا ما أتم دفع ثمنها.
ثم صيغة السكن "العمومي الترقوي" (LPP) الموجهة للفئة التي يزيد دخلها عن 1080 دولاراً ويقل عن 2010 دولارات شهرياً، تبلغ قيمة الشقة الواحدة من ثلاث غرف 85 ألف دولار، يدفع المستفيد منها قسطاً بقيمة 15 ألف دولار على مرحلتين، ليتم المبلغ دفعة واحدة عند تسلمه مفتاح شقته، وله حرية الاقتراض المصرفي إن شاء.

اقرأ أيضاً:الحكومة الجزائرية تعيد قروض الاستهلاك لدعم "رينو"؟

وعلى الرغم من هذه الصيغ السكنية المختلفة، إلا أن مشكل السكن ما زال يقض مضاجع العديد من الأسر والشباب الجزائريين، وهو الواقع الذي وقفت عليه المقررة الخاصة للأمم المتحدة حول السكن اللائق، راكيل رولنيك، خلال زيارتها الجزائر نهاية 2011 ولقائها عدداً من المواطنين، حيث أشارت إلى تسجيلها نقصاً في الشفافية في آلية توزيع المساكن، بالإضافة إلى وجود تمييز في التوزيع، الأمر الذي يفسر حسبها الحركات الاحتجاجية الشعبية المسجلة بمختلف مناطق البلاد أثناء توزيع المساكن، خصوصاً ما تعلق بصيغة السكن الاجتماعي. وقد استحدثت الحكومة، أخيراً، نظام البطاقة الوطنية للسكن، التي توفر بنك معطيات وطنياً عن كل مواطن حول استفادته من أي صيغة سكنية بأي ولاية وغيره.
وبحسب الخبير الاقتصادي، عبدالرحمن مبتول، فإن قطاع السكن في الجزائر يواجه مشكلة كبيرة، تتمثل في قلة الأوعية العقارية لإنجاز المشاريع السكنية، بالإضافة إلى تحايل المواطنين في الاستفادة من السكنات أكثر من مرة، إضافة إلى اعتماد الحكومة التقنيات القديمة في بناء المساكن، في حين يوجد تقنيات جديدة يمكن اعتمادها من شأنها توفير الإسمنت والحديد، بالإضافة إلى تقنيات بناء أخرى توفر نحو 30% من الاستهلاك الطاقوي.

غياب الموارد

ودعا الدكتور مبتول الحكومة إلى مراعاة هذا الجانب، وأن تضع في حسبانها أنه من الممكن في حدود سنة 2030 ستكون الجزائر بلا بترول ولا غاز طبيعي، مشدداً على ضرورة حل المشكل الاقتصادي للبلاد بالتوازي مع حل أزمة السكن. وتخوف مبتول من حدوث انفجار اجتماعي في حال القضاء على أزمة السكن وبقاء المشكل الاقتصادي قائماً. وشرح أن العديد من العائلات الجزائرية تعيش حالياً في بيت واحد يتعاون فيه أفرادها على متطلبات الحياة ودفع فواتير الكهرباء والغاز والماء، وفي حال استقلالية الأسر في مساكن خاصة، عندها لا يمكن لأسرة تعيش بنحو 350 دولاراً شهرياً أن تلبي جميع متطلبات المعيشة، فتحدث الكارثة.
من جهته، رأى الخبير الاقتصادي، محمد بوجلال، أن القول، إن أزمة السكن ستحل نهائياً في الجزائر مع نهاية سنة 2016، قول غير منطقي لا في الجزائر ولا في أي دولة، مشيراً إلى أن نسبة النمو الديمغرافي في تزايد مستمر وبالتالي ستكون هناك طلبات جديدة على السكن، مع أنه في الجزائر حالياً تبذل جهود جبارة للتقليص من حدة هذه الأزمة.

اقرأ أيضاً:1200 نقطة سوداء تخنق سكان الجزائر

ونفى الدكتور بوجلال، أن تزول أزمة السكن نهائياً، مستطرداً، أن القول، إن تلبية طلبات السكن الحالية غير ممكن، وأعطى مثالاً على ذلك، ما تعلق بصيغة مساكن برنامج "عدل"، حيث ما زالت الحكومة منشغلة بتلبية طلبات 2001 و2002، ولا تزال طلبات 2013 منتظرة دورها.
المساهمون