أزمة الأدوية تضاعف آلام الجرحى في غزة

29 ابريل 2018
يضطرون لشراء الأدوية على نفقتهم الخاصة(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
إلى جانب آلام الإصابة والجراح الخطرة، يعاني جرحى قطاع غزة البالغ عددهم نحو 7 آلاف جريح منذ بدء الهبة الشعبية لمسيرات العودة الكبرى على طول الشريط الحدودي لغزة، من نقص أصناف عدة من الأدوية والمستلزمات الطبية، ما يثقل كاهلهم بمزيد من الأعباء الجسدية والمادية.

إن أزمة نقصان الأدوية التي أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عنها أخيراً، وهي الأزمة الأكثر حدة، تضاعف وتزيد المخاطر على حياة الجرحى، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والمنهكة أصلاً، التي تفاقمت في قطاع غزة.

الجريح محمد حلس الذي أصيب بطلق ناري متفجر في قدمه شرق دوار ملكة شرقي مدينة غزة، من قناص إسرائيلي مساء الجمعة الأولى، من الأحداث التي انطلقت شرارتها في ذكرى يوم الأرض بتاريخ 30 مارس/ آذار، كان واحداً من سبعة آلاف إصابة تعاني من نقص الأدوية.

ويقول حلس لـ "العربي الجديد" إن إصابته كانت بالغة وخطيرة، إذ قطعت الشرايين والأنسجة، مشيراً إلى أنّ مجموعة من الشباب نقلوه إلى الإسعاف، ومن ثم إلى المستشفى لتلقي العلاجات اللازمة، وأجريت له عملية جراحية ولا يزال يتلقى العلاجات اللازمة منذ نحو شهر.

ويوضح حلس أنه يشتري الأدوية غير المتوفرة في المستشفى الحكومي على حسابه الشخصي لعدم توفر الأدوية اللازمة، والمطلوبة لبرنامجه العلاجي، مضيفاً: "العلاج القوي والمطلوب غير متوفر في المستشفى، لذلك نضطر إلى شرائه على نفقتنا الخاصة، مثل الحقن بقوة مليون، والمضادات الحيوية، والكوليستين، إلى جانب علاجات ومسكنات إضافية، ومستلزمات طبية لازمة".

بعض العلاجات نفدت بالكامل(عبد الحكيم أبو رياش) 


ويشابه حال الجريح محمد حلس مئات الجرحى، إذ يقول الجريح مهند اسليم( 20 عاماً)، الذي أصيب بطلق ناري في قدمه، في الجمعة الخامسة "جمعة الشباب الثائر" في منطقة كارني، شرق غزة، إنه كان بعيداً عن الحدود لحظة إصابته، ولم يشكل أي خطر على جنود الاحتلال المتمركزين خلف آلياتهم العسكرية، والمدججين بمختلف أنواع الأسلحة.

ويتابع اسليم أنه شارك بجانب آلاف المتظاهرين في المسيرات السلمية، التي خرجت للمطالبة بحقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي هجرتهم منها قوات الاحتلال الإسرائيلي عنوة عام 1948، مضيفاً: "نقلني أخي وصديقي لحظة الإصابة، وبعد خمس دقائق حملني ضابط الإسعاف لتلقي العلاجات اللازمة".


تضطر المستشفيات إلى إخلاء الجرحى بعد العمليات الجراحية(عبد الحكيم أبو رياش) 


ويشير بحديثه لـ "العربي الجديد" إلى أنه حصل على الإسعافات اللازمة، لكنه بدأ يشتري العلاجات والمسكنات على نفقته الخاصة أيضاً، لعدم توفر الأدوية والمضادات الحيوية والمسكنات، موضحاً أن "ثمن العلاج غالٍ، ويصل إلى 100 شيقل (الدولار 3.56 شيقل)، ونحن نعاني أساساً من أوضاع اقتصادية صعبة".

ويوضح أن أطباء المستشفى يداومون على المراجعة اليومية وتقديم العلاجات المتوفرة، وكتابة الأدوية اللازمة من أجل توفيرها على حسابه الشخصي، مبيناً أنه يحاول التغلب على الألم بالمسكنات، وأن فترة علاجه قد تصل إلى عامين.

إصابات بعضهم تحتاج لعلاج طويل(عبد الحكيم أبو رياش) 


ويبين مدير عام الاستقبال والطوارئ في مجمع الشفاء الطبي الدكتور أيمن السحباني، أن نقص الأدوية والمستلزمات الطبية موضوع "قديم جديد"، وأن وزارة الصحة عقدت مجموعة مؤتمرات صحافية لإنقاذ الوضع الصحي من الانهيار الشامل، لافتاً إلى أن مسيرات العودة، عمقت أزمة نقص الأدوية والمستلزمات الصحية، والتحاليل المخبرية.

ويضيف لـ"العربي الجديد": "تم إخراج المخزون الاستراتيجي للأدوية والعلاجات منذ بداية مسيرة العودة، ولكن هذا المخزون نفد نتيجة الأعداد الكبيرة للجرحى"، مبيناً أنه مع دخول الجمعة الخامسة لمسيرات العودة وصلت أعداد المصابين إلى سبعة آلاف إصابة، ثلثها بعيارات نارية حية، وأجريت لهم عمليات جراحية، ما استنزف المخزون الاستراتيجي للأدوية والمستهلكات الطبية.

7 آلاف جريح عدد هائل استهلك المخزون العلاجي(عبد الحكيم أبو رياش) 


ويؤكد السحباني أن الأدوية والمستلزمات الطبية وصلت إلى الخطوط الحمراء، بعجز وصل إلى 50 في المائة، أما الأدوية والمستهلكات الطبية فصار رصيدها "صفراً"، ما يعمق المشكلة، ويترك الطواقم الطبية حائرة في التعامل مع الأعداد الكبيرة للإصابات. ويضيف: "نحن نتحدث عن سبعة آلاف إصابة خلال شهر، وهو رقم كافٍ لانهيار أكبر المستشفيات، في أكبر البلدان المستقلة".



أما عن أبرز الأصناف الناقصة، فيبين السحباني أن كميات مثبتات العظم نفدت إلى جانب المحاليل الطبية، وأدوية الطوارئ والعناية الفائقة، وأدوية التخدير، وأدوية المسكنات بعد العمليات، والمضادات الحيوية، وبعض أنواع الخيوط اللازمة للعمليات الجراحية والقفازات، وغيرها.

ويوضح أن هذه الأزمة تضع الكوادر الطبية أمام معضلة حقيقية، متابعاً "نقوم بتسريح نسبة كبيرة من الجرحى إلى البيت بعد إجراء العملية الجراحية، لعدة أسباب، أولها الاكتظاظ داخل المستشفيات، ومن ثم نقص الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لاستكمال العلاج".
المساهمون