تتسارع الأزمات في قطاع غزة المحاصر، ومعها تجد حركة "حماس" التي تسيطر على القطاع، نفسها في وضع لا تُحسد عليه، فتوالي الأزمات قد يوصل إلى احتقان وغضب شعبي، ربما يتحوّل مع زيادة الضغط إلى انفجار في كل الاتجاهات. ووصل الاحتقان أشده مع توفير 3 إلى 4 ساعات من الكهرباء فقط يومياً لمليوني فلسطيني يعيشون في القطاع، في ظل أجواء شديدة البرودة. وعلى الرغم من أنّ أطرافاً عدة تتحمل مسؤولية الأزمة ومنها "حماس" والسلطة الفلسطينية في رام الله، إلا أن الشارع الغزّي يوجّه غضبه تجاه حاكميه الفعليين.
ولا تقتصر الأزمات على الكهرباء، والتي تلازم الغزيين منذ عشر سنوات، لكنها تطاول جميع نواحي الحياة تقريباً، فالبطالة في ارتفاع مطّرد، وآلاف الخريجين بلا عمل، والبنية التحتية باتت أكثر اهتراءً من ذي قبل، والمياه غير صالحة للشرب، وفق تقارير متعددة للأمم المتحدة.
وسبقت أجهزة الأمن في غزة بعض الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر احتجاجاً على أزمة الكهرباء، باعتقال الداعين لها، وفق نشطاء، قالوا إنّ الأمن في القطاع اعتقل عدداً من الداعين للتظاهر والاحتجاج على الأزمات وأزمة الكهرباء تحديداً. وشهد وسط القطاع مسيرة حاشدة وقبل ذلك خرجت جموع غفيرة في رفح.
وأقر النائب عن "حماس" في المجلس التشريعي، يحيي موسى، بوجود غضب شديد في الشارع الفلسطيني بسبب استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي منذ سنوات عدة، مشيراً إلى أنّ المواطن الفلسطيني في غزة بحالة ضيق شديد. وقال موسى لـ"العربي الجديد" إن "حماس" لم تترك باباً إلا وطرقته منذ عام 2007 من أجل الوصول إلى زيادة مصادر الكهرباء والطاقة الموجودة في القطاع، وإنهاء أزمة انقطاع التيار الكهربائي.
وأوضح أنّ مصادر الطاقة في غزة ثابتة ولم تجرِ زيادتها، خصوصاً أنّ كل الحلول الممكنة لزيادتها تحتاج إلى موافقة رسمية من قِبل السلطة الفلسطينية التي ترفض ذلك، سواء عبر الخطوط المصرية أو الإسرائيلية أو توسعة محطة توليد كهرباء غزة.
وأشار موسى إلى أنّ هناك جهات، لم يسمها، تحاول استغلال الأزمة والغضب الشعبي الشديد بفعل أزمة الكهرباء للضغط على "حماس" في غزة، والتي تعاني من الحصار المفروض عليها منذ وصولها إلى سدة الحكم عام 2006. وأكد القيادي في "حماس" أن حركته مستعدة لتسليم قطاع الطاقة بكامله إلى السلطة الفلسطينية لإدارته في غزة، إلا أنها رفضت وترفض ذلك، على الرغم من وجود اتفاق سابق معها باستلامها قطاع الطاقة والكهرباء في غزة.
وعن التظاهرات والغضب السائدين في الشارع الغزي، شدد موسى على أن التظاهر ضد حركة "حماس" أو شركة توزيع الكهرباء لن يعود بفائدة، كون الأولى تعاني من حصار إسرائيلي عليها، والشركة تعمل على توزيع الطاقة التي تصلها من المصادر فقط. ولفت إلى ضرورة أنّ يكون الغضب موجّهاً وواعياً تجاه الأطراف التي ترفض الحلول، وتعيق إتمام أي زيادة في مصادر الكهرباء التي تصل إلى القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006.
من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله، أن "حماس" تحاول التعامل مع حالة الغضب القائمة حالياً في الشارع الغزّي عبر إعطاء قدر متدنٍ من الفسحة لتعبير السكان عن غضبهم، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حماس" تخشى انفلات الأمور لتتحوّل إلى مرحلة جديدة تجبرها على استخدام وسائل عنفية بحق المتظاهرين، لذلك تحاول أن تبقي هذه التظاهرات في إطار المسيطر عليها.
وأشار إلى أنّ الأيام الأخيرة شهدت تظاهرات تزامنت مع اعتقالات في صفوف الداعين لها وبعض المشاركين، من أجل استمرار حالة التحكم في الغضب الشعبي الموجود لدى الشارع الغزي بفعل أزمة انقطاع التيار الكهربائي. ورأى أن "حماس" تشعر بحجم الأزمة وعمقها وتسعى للوصول إلى حلول لها، في الوقت الذي ترفض فيه السلطة الفلسطينية التجاوب مع هذه الحلول، من أجل ممارسة ضغط على الحركة التي سيطرت على قطاع الطاقة بعد فترة طويلة من سيطرتها على القطاع. وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية تريد من "حماس" تقديم المزيد من التنازلات للتعاطي مع أي حلول ممكنة لأزمة التيار الكهربائي، من ضمنها عدم استمرار إدارة غزة بالواقع الحالي الذي تجري عليه إدارته من قبلها.
اقــرأ أيضاً
من جهته، قال مدير مركز "أبحاث المستقبل"، إبراهيم المدهون، لـ"العربي الجديد"، إن "حماس" استطاعت تجاوز تداعيات الحصار الخانقة إلا أنها عجزت أمام مشكلة الكهرباء، وما زالت هذه المشكلة الأخطر التي تواجه الحركة. ولفت المدهون إلى أنّ خطورة المشكلة تكمن في أنها تدخل كل بيت وتمس كل شخص وأثرت على مزاج المجتمع بل وأثرت تأثيراً بالغاً على الرأي العام ووجهته، ومعظم حنق الغزيين تجاه "حماس" يعود إلى أزمة الكهرباء.
وما زالت خيارات "حماس" في التعامل مع أزمة الكهرباء محدودة، بل تزداد الأزمة يوماً بعد يوم، حتى إنها أضحت لا تأتي إلا ثلاث ساعات خلال اليوم وهو ما لا يحتمله المجتمع، وفق المدهون، والذي رأى أنّ الأطراف المحاصِرة وجدت ضالتها بأزمة الكهرباء فمنعت أيّ حل منطقي لها. واعتبر أن السلطة تتلكأ بأي حل يمكن أن يريح "حماس"، كما أنّ الاحتلال الإسرائيلي يجد أنّ هذه الأزمة تعيق من نمو "حماس" وفرض نموذجها المقاوم كنموذج ناجح يحتذى به، كما أن الطرف المصري يرفض التعاطي ويحاول أن يستغل هذه الأزمة لزيادة الضغط على الحركة للاستجابة لمطالبه خصوصاً الأمنية منها.
وقال المدهون إنه "في حال استمرت الأزمة فلا شك أنّ التحرك الشعبي سيزداد، خصوصاً أنّ الفصائل والقوى في القطاع تؤجج حالات الغضب عبر إعلامها ومراكزها"، غير أنه اعتبر أن "حماس" ما زالت تملك حضوراً جماهيرياً قوياً وهي قادرة على استباق أي تحرك للنزول إلى الشارع، كما أن الناس يدركون أن الحركة لا تتحمل المسؤولية مجتمعة بل إن المسؤولية الأكبر سياسية، لهذا فإن التحرك قد يكون محدوداً ضد الحركة.
لكنّ الأخطر، وفق المدهون، أنّ تؤدي أزمة الكهرباء إلى انفجار آخر تجاه الاحتلال الإسرائيلي في حال حاولت السلطة الفلسطينية اللعب بالملف وتعدي الخطوط الحمراء، لأنّ "حماس" لا تقبل أن ينجو المتسبب الرئيس بهذه الأزمة، وتقع غزة في حالة فوضى وانفلات تكون إسرائيل المستفيدة منها. ولفت إلى أن الاعتماد على هذا الخيار يُعتبر مخاطرة كبيرة يحاول الجميع تجنّبها، لهذا تحاول "حماس" في الفترة الأخيرة مشاركة الكل الفلسطيني بتحمل مسؤوليته والبحث عن مخرج آمن وحل للأزمة.
اقــرأ أيضاً
ولا تقتصر الأزمات على الكهرباء، والتي تلازم الغزيين منذ عشر سنوات، لكنها تطاول جميع نواحي الحياة تقريباً، فالبطالة في ارتفاع مطّرد، وآلاف الخريجين بلا عمل، والبنية التحتية باتت أكثر اهتراءً من ذي قبل، والمياه غير صالحة للشرب، وفق تقارير متعددة للأمم المتحدة.
وسبقت أجهزة الأمن في غزة بعض الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر احتجاجاً على أزمة الكهرباء، باعتقال الداعين لها، وفق نشطاء، قالوا إنّ الأمن في القطاع اعتقل عدداً من الداعين للتظاهر والاحتجاج على الأزمات وأزمة الكهرباء تحديداً. وشهد وسط القطاع مسيرة حاشدة وقبل ذلك خرجت جموع غفيرة في رفح.
وأوضح أنّ مصادر الطاقة في غزة ثابتة ولم تجرِ زيادتها، خصوصاً أنّ كل الحلول الممكنة لزيادتها تحتاج إلى موافقة رسمية من قِبل السلطة الفلسطينية التي ترفض ذلك، سواء عبر الخطوط المصرية أو الإسرائيلية أو توسعة محطة توليد كهرباء غزة.
وأشار موسى إلى أنّ هناك جهات، لم يسمها، تحاول استغلال الأزمة والغضب الشعبي الشديد بفعل أزمة الكهرباء للضغط على "حماس" في غزة، والتي تعاني من الحصار المفروض عليها منذ وصولها إلى سدة الحكم عام 2006. وأكد القيادي في "حماس" أن حركته مستعدة لتسليم قطاع الطاقة بكامله إلى السلطة الفلسطينية لإدارته في غزة، إلا أنها رفضت وترفض ذلك، على الرغم من وجود اتفاق سابق معها باستلامها قطاع الطاقة والكهرباء في غزة.
وعن التظاهرات والغضب السائدين في الشارع الغزي، شدد موسى على أن التظاهر ضد حركة "حماس" أو شركة توزيع الكهرباء لن يعود بفائدة، كون الأولى تعاني من حصار إسرائيلي عليها، والشركة تعمل على توزيع الطاقة التي تصلها من المصادر فقط. ولفت إلى ضرورة أنّ يكون الغضب موجّهاً وواعياً تجاه الأطراف التي ترفض الحلول، وتعيق إتمام أي زيادة في مصادر الكهرباء التي تصل إلى القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006.
من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله، أن "حماس" تحاول التعامل مع حالة الغضب القائمة حالياً في الشارع الغزّي عبر إعطاء قدر متدنٍ من الفسحة لتعبير السكان عن غضبهم، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حماس" تخشى انفلات الأمور لتتحوّل إلى مرحلة جديدة تجبرها على استخدام وسائل عنفية بحق المتظاهرين، لذلك تحاول أن تبقي هذه التظاهرات في إطار المسيطر عليها.
وأشار إلى أنّ الأيام الأخيرة شهدت تظاهرات تزامنت مع اعتقالات في صفوف الداعين لها وبعض المشاركين، من أجل استمرار حالة التحكم في الغضب الشعبي الموجود لدى الشارع الغزي بفعل أزمة انقطاع التيار الكهربائي. ورأى أن "حماس" تشعر بحجم الأزمة وعمقها وتسعى للوصول إلى حلول لها، في الوقت الذي ترفض فيه السلطة الفلسطينية التجاوب مع هذه الحلول، من أجل ممارسة ضغط على الحركة التي سيطرت على قطاع الطاقة بعد فترة طويلة من سيطرتها على القطاع. وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية تريد من "حماس" تقديم المزيد من التنازلات للتعاطي مع أي حلول ممكنة لأزمة التيار الكهربائي، من ضمنها عدم استمرار إدارة غزة بالواقع الحالي الذي تجري عليه إدارته من قبلها.
من جهته، قال مدير مركز "أبحاث المستقبل"، إبراهيم المدهون، لـ"العربي الجديد"، إن "حماس" استطاعت تجاوز تداعيات الحصار الخانقة إلا أنها عجزت أمام مشكلة الكهرباء، وما زالت هذه المشكلة الأخطر التي تواجه الحركة. ولفت المدهون إلى أنّ خطورة المشكلة تكمن في أنها تدخل كل بيت وتمس كل شخص وأثرت على مزاج المجتمع بل وأثرت تأثيراً بالغاً على الرأي العام ووجهته، ومعظم حنق الغزيين تجاه "حماس" يعود إلى أزمة الكهرباء.
وما زالت خيارات "حماس" في التعامل مع أزمة الكهرباء محدودة، بل تزداد الأزمة يوماً بعد يوم، حتى إنها أضحت لا تأتي إلا ثلاث ساعات خلال اليوم وهو ما لا يحتمله المجتمع، وفق المدهون، والذي رأى أنّ الأطراف المحاصِرة وجدت ضالتها بأزمة الكهرباء فمنعت أيّ حل منطقي لها. واعتبر أن السلطة تتلكأ بأي حل يمكن أن يريح "حماس"، كما أنّ الاحتلال الإسرائيلي يجد أنّ هذه الأزمة تعيق من نمو "حماس" وفرض نموذجها المقاوم كنموذج ناجح يحتذى به، كما أن الطرف المصري يرفض التعاطي ويحاول أن يستغل هذه الأزمة لزيادة الضغط على الحركة للاستجابة لمطالبه خصوصاً الأمنية منها.
لكنّ الأخطر، وفق المدهون، أنّ تؤدي أزمة الكهرباء إلى انفجار آخر تجاه الاحتلال الإسرائيلي في حال حاولت السلطة الفلسطينية اللعب بالملف وتعدي الخطوط الحمراء، لأنّ "حماس" لا تقبل أن ينجو المتسبب الرئيس بهذه الأزمة، وتقع غزة في حالة فوضى وانفلات تكون إسرائيل المستفيدة منها. ولفت إلى أن الاعتماد على هذا الخيار يُعتبر مخاطرة كبيرة يحاول الجميع تجنّبها، لهذا تحاول "حماس" في الفترة الأخيرة مشاركة الكل الفلسطيني بتحمل مسؤوليته والبحث عن مخرج آمن وحل للأزمة.