بمغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم السبت، إلى مصيفه الشمالي في ولاية نيوجرسي، تدخل واشنطن رسمياً في إجازة الصيف. الكونغرس بدأ عطلته قبل أكثر من أسبوع، على أن تُستأنف دورة العمل السياسي - الحكومي في مطلع سبتمبر/ أيلول القادم.
عادة، في مثل هذه الفترة، تدخل الحياة السياسية الأميركية في حالة من الاسترخاء والركود النسبي. لكن ليس هذه المرة، فالأزمات العالقة كبيرة، وبعضها من النوع الفاصل - المحلية منها والخارجية - وقد تفاقمت لأن معالجاتها جرت بصورة بهلوانية وبـ"التلزيق"، في غياب الجدّية والمصداقية اللتين باتتا بضاعة نادرة في الزمن السياسي الأميركي الراهن. بنتيجة ذلك كان من الطبيعي أن تستفحل المشكلات ويزداد اضطراب القرار الداخلي والخارجي على حد سواء، مع ما قد يترتب على ذلك من تداعيات مكلفة تثير مخاوف غير مبالغ فيها.
عادة، في مثل هذه الفترة، تدخل الحياة السياسية الأميركية في حالة من الاسترخاء والركود النسبي. لكن ليس هذه المرة، فالأزمات العالقة كبيرة، وبعضها من النوع الفاصل - المحلية منها والخارجية - وقد تفاقمت لأن معالجاتها جرت بصورة بهلوانية وبـ"التلزيق"، في غياب الجدّية والمصداقية اللتين باتتا بضاعة نادرة في الزمن السياسي الأميركي الراهن. بنتيجة ذلك كان من الطبيعي أن تستفحل المشكلات ويزداد اضطراب القرار الداخلي والخارجي على حد سواء، مع ما قد يترتب على ذلك من تداعيات مكلفة تثير مخاوف غير مبالغ فيها.
والتخوف أن هذه العلل مرشحة لتتحول إلى ورقة يجري توظيفها في الحملة الانتخابية المتوقع أن تضرب الرقم القياسي في التشنج والخصومة الكاسرة، خصوصاً أنه ليست هناك جهود جادة، لا في الكونغرس، ولا من جانب البيت الأبيض للتخفيف من سلبياتها ومخاطرها، وبالذات في ما يتعلق بموضوع السلاح ومسألة ترحيل المهاجرين المقيمين بصورة غير قانونية، والتي أثارت إجراءات فصل عائلاتهم ضجة واسعة. هذا النزوع في بلد مكون من خليط ثقافي – عرقي واسع وموزع في سائر أرجائه، يشكل معضلة يتزايد خطرها بصورة مطّردة مع تسيّد خطابها.
مع كتابة هذه السطور، كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، عن إحباط عملية تحضير لتفجير معبد يهودي، أو حانة للمثليين في مدينة لاس فيغاس. المكان المستهدف يشير إلى تأثر المتهم بخطاب الفريق العنصري الأبيض الذي يستعدي هذه الجهات. ويحصل ذلك بعد أيام قليلة من المجزرتين وما أعقبهما من نقمة واسعة يبدو أنها لم تؤثر على مناخات العنف العنصري المستفحل هذه الأيام، والذي ينذر بعمليات أخطر، لفت "إف بي آي" إلى وجوب التيقظ لإحباطها. وما يضاعف القلق في هذا الخصوص، أن الرئيس ترامب لا يبدو في وارد التراجع في هذا العام الانتخابي عن خطابه الذي يلقى الصدى في صفوف قواعده الانتخابية الصلبة، والذي تستقوي به هذه الفئات التي تجاهر بتأييدها له، مع ما يعني ذلك من مجازفة محفوفة بمخاطر سياسية، وأمنية، واجتماعية، يحذر المراقبون من تبعات الاستخفاف بها.
وينسحب نفس التحذير على استخفافات ترامب وصفقاته الخارجية، في أكثر من ملف، وبالتحديد مهزلة "ورشة البحرين"، والاتفاق النووي الإيراني الذي يبحث الآن عن مخرج لمأزق انسحابه المتسرع منه. قبل أسبوعين، وجه دعوة عن طريق السناتور الجمهوري راند بول إلى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي كان في نيويورك، للاجتماع به في البيت الأبيض، لكنّ إيران رفضت اللقاء. وقبل أيام، تكررت المحاولة ولو بصيغة أخرى لكن من دون جدوى.
ويبدو أن الرئيس ترامب كان على علم، إذا لم يكن على موافقة، بالدعوة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى نظيره الإيراني للمشاركة في قمة الدول الصناعية السبع التي تستضيفها فرنسا هذا الشهر، بحيث تكون مدخلاً للقاء الرئيسين، يمهد لفتح الحوار الذي يسعى إليه الجانبان، والدليل أن البيت الأبيض لم يأتِ على ذكر مسعى ماكرون، إلا بعد أن انكشف رفض إيران له.
هذه المحطات الهابطة، المحلية والدولية، كانت تحصيلَ حاصلٍ للمقاربات الاعتباطية المبنية على حسابات ضيقة ومن غير التبصر بأكلافها، والأخطر أنه ليس من المتوقع أن يتم التراجع عنها، بل على العكس مضاعفة المراهنة عليها، خلال المتبقي من العهد "الترامبي".