وحصل أردوغان على نحو 52 بالمئة من الأصوات، بينما حصل المرشح المشترك عن حزب "الشعب الجمهوري"، وحزب "الحركة القومية"، أكمل الدين إحسان أوغلو، على نحو 38.5 بالمئة، أما مرشح حزب "الشعوب الديمقراطية"، صلاح الدين دميرتاش، فحصل على 9.7 بالمئة.
وبعدما هنأ أوغلو رئيس الجمهورية الجديد، وأقر دميرتاش بانتصار أردوغان، خرج الأخير من شرفة المقر الرئيسي لحزب "العدالة والتنمية"، في العاصمة أنقرة، وألقى خطاباً شكر فيه مؤيديه، مؤكّداً على أن فوزه لا يعني أن "هناك مغلوب أو خاسر".
ولم يكتفِ أردوغان بالإعلان عن أن انتصاره هو انتصار للأمة التركية بأكملها، بل تجاوز ذلك إلى اعتبار أن فوزه بمنصب رئيس الجمهورية هو أيضاً للمظلومين في مدن سورية والعراق ولبنان وفلسطين، بل وأبعد من هذا هو انتصار للشعوب من كابول عاصمة أفغانستان وحتى البوسنة والهرسك.
وأعاد أردوغان، خلال خطاب النصر، الحديث الذي كان يردده أثناء الحملة الانتخابية حول إنجازاته الاقتصادية، مؤكداً على الهوية التركية التعددية الجديدة التي يسعى إليها، وعلى سعيه لإنهاء عملية التسوية مع حزب "العمال الكردستاني"، والوصول إلى السلام، وعلى كونه رئيساً لجميع المواطنين الأتراك.
في المقابل، لم يفت أردوغان مهاجمة المعارضة، خاصة في ما يخص موضوع الدستور الجديد، إذ اتهمها بعرقلته، على الرغم من التنازلات التي قدمها حزبه، كونه صاحب كتلة نيابية يتجاوز عدد أعضائها تعداد نواب باقي أحزاب المعارضة مجتمعة.
وتميّز خطاب النصر بالتواضع، لكنه حمل مفاجآت تمثلت بعدم الهجوم على "الكيان الموازي"، الاسم الذي يعتمده أردوغان لجماعة "خدمة"، بقيادة فتح الله غولن.
وأبدى أردوغان، عبر خطابه، رغبة بالمصالحة معه، داعياً مؤيدي "الخدمة" إلى فتح صفحة جديدة، بعيداً عن المؤمرات، وذلك بعد معركة استمرت لأكثر من عامين.
وبالمقارنة مع الانتخابات البرلمانية، التي جرت في الثلاثين من مارس/ آذار الماضي، رفع أردوغان نسبة الأصوات التي حصل عليها، بنسبة 43 بالمئة.
وبالنظر إلى عدد الأصوات، لم يضف أردوغان أكثر من ربع مليون صوت، إذ حصل على 20.758 مليون صوت، في الوقت الذي حصل فيه الحزب على 20.520 مليون في الانتخابات السابقة، ما يشير إلى انخفاض في نسبة المشاركة، التي لم تتجاوز 74 بالمئة، مقارنة بـ88 بالمئة نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية.
أما إحسان أوغلو، الذي أثار ترشيحه خلافاً كبيراً في قاعدة الحزبين المعارضين، فلم يحصل سوى على 38 بالمئة، أي ما يقارب 15 مليون صوت، بخسارة قدرها خمسة ملايين ناخب، كانوا قد صوتوا للحزبين المعارضين معاً، واللذين حصلا في الانتخابات المحلية على 43 بالمئة.
وبحسب محللين، فإن خسارة المعارضة لخمسة ملايين ناخب تعود إلى أسباب عديدة، أولها عدم مشاركة جزء من قاعدتها العلمانية والقومية في الانتخابات، لعدم رضاها عن ترشيح المحافظ إحسان أوغلو للرئاسة، وعدم رغبتها بالتصويت لأي من المرشحين الآخرين. كما أن قسماً كبيراً من الناخبين يقضون العطلة الصيفية بعيداً عن مكان إقامتهم ما منعهم من التصويت، وأيضاً بسبب الحملة الانتخابية لدميرتاش، التي ساهمت بتقديمه كمرشح تركي أكثر منه مرشحاً كردياً، مشكلاً حلاً للكثير من الناخبين اليساريين والعلمانيين.
ومن ناحية أخرى، تمكن أردوغان من سحب الأصوات من حزب "الحركة القومية"، في ولايات ساحل البحر الأسود، علماً أن أكثر نسب المشاركة كانت في ولايات ساحل بحر مرمرة ومن ثم وسط الأناضول ومن ثم إسطنبول.
وبحسب الكثير من المحللين، فإن المنتصر غير المتوقع هو صلاح الدين دميرتاش، مقارنة بنتائج الانتخابات المحلية، في حين لم يحصل كل من حزب "السلام والديمقراطية"، وحزب "الشعوب الديمقراطية" مجتمعين، على أكثر من 6.61 بالمئة من الأصوات، ليحصل دميرتاش على ما يقارب العشرة بالمئة من الأصوات، ويضيف مليون صوت إلى الرقم الذي حصل عليه ممثلو الحركة القومية الكردية في الانتخابات المحلية.
وبالنظر إلى الولايات التي حقّق فيها المرشحون الأغلبية، فلا تغيير كبيراً بالنسبة لدميرتاش، إذ حافظ فيها حزب "الشعوب الديمقراطية" على السيطرة على الولايات الجنوبية الشرقية، ذات الأغلبية الكردية، إضافة إلى ولاية تونجلي، باستثناء ولاية تبليس التي خسرها لصالح أردوغان هذه المرة.
أما أحزاب المعارضة، فقد خسرت جميع الولايات التي كانت قد حصلت عليها في ساحل البحر الأسود لصالح أردوغان في الانتخابات المحلية السابقة، باستثناء أنطاليا التي أخذتها من الأخير، مبقية سيطرتها على ولايات ساحل بحر مرمرة والبحر الأبيض، ليسيطر أردوغان على باقي الولايات التركية أي 53 ولاية من أصل 81 ولاية.