تحت عنوان "الأداء في عالم ما بعد كورونا"، تحدّثت أربع فنانات معاصرات من العالم العربي في ندوة افتراضية نظّمتها رابطة "الفنانات العربيات الآن (أوان)" التي تأسّست في لندن في 2015، وتعنى بتقديم نتاج الفنانات المعاصرات من أصول عربية، واللواتي يعشن ويعملن في أوروبا والولايات المتحدة.
المشاركات هن اللبنانية الأميركية منية عقل التي تعيش بين بيروت ونيويورك، واللبنانية البريطانية تغريد شقير التي تعمل في تنظيم "مهرجان شباك" في لندن، والمغربية الأميركية عائشة جبور التي تعيش بين الدار البيضاء ونيويورك، والمغربية البريطانية ليلى آلج المقيمة في لندن والتي أدارت الحوار.
منية عقل تحدّثت عن فيلمها الذي تقوم بإخراجه خلال هذه الفترة، وتقول إن صناعته أشبه بالمشي على حافة بركان، "نحن نحاول إنجاز شيء وسط تحدّيات كبيرة بدءاً من أوضاع لبنان السياسية والاحتجاجات إلى جانب كورونا".
وتضيف "الفيلم عن عائلة تفقد إيمانها بالإنسانية وتقرر أن تعيش في عزلة عن العالم وتبني لنفسها بيئة مثالية تعتقد أنها الفردوس، وهي تعيش حالة خوف من الاختلاط مع الآخرين وقد جاءت كورونا لتجعلني أشعر أكثر بطبيعة هذه الشخصيات وخياراتها".
في لبنان، تكمل عقل "التراجيديا تحدث مع الانهيار الاقتصادي ونحن محاطون بانهيارات لأحلام كثيرة، وفي هذه الأجواء يبدو وكأن كوفيد-19 في خلفية الأحداث وليس الأساس فيها، بيروت كما لو أنها مليئة بالكآبة والألم وكل ما فعله كوفيد أنه دفع الأشياء إلى أقصاها".
أما تغريد شقير، فتناولت استخدام التكنولوجيا في العرض الأدائي وهي تقنية تستخدمها في أعمالها بالأساس، خاصة وأنها كانت تعمل مع فنانين من غزة، وكانت التكنولوجيا والتواصل الرقمي أساساً لهذا العمل. مشروعها "بيت في غزة ولندن" بدأ عام 2015، وكان مشروعاً رقمياً انطلق من الحاجة إلى كسر الحصار على الفنانين والجمهور في غزة.
في لبنان التراجيديا تحدث مع الانهيار الاقتصادي ونحن محاطون بانهيارات لأحلام كثيرة
تقول "في ذلك الوقت كنا نستخدم برامج مختلفة وكان زووم في بداياته، وليس كما ظهر متطورا ً ويلبي حاجات الناس خلال فترة الوباء الحالي. التكنولوجيا بالنسبة إليّ هي سياسية وجزء من الأنظمة الكولونيالية، حين حاولنا إدخال بعض الأجهزة إلى غزة صادرتها قوات الاحتلال، واليوم يتحدث الجميع عن ديمقراطية التكنولوجيا".
وتكمل "بينما نحن نركز على تداعيات كوفيد-19 في بريطانيا، علينا أن نتذكر أن الفنانين احتملوا الكثير من قبل هذا الوباء، خاصة في فلسطين؛ احتملوا الحصار والإغلاق وكل هذه الإجراءات التي تهدف إلى العزل من قبل كورونا بكثير". ولفتت إلى أنه حين يعقد مهرجان شباك المقبل سيكون موضوعه حالة اللايقين التي سادت وهيمنت على العالم خلال الفترة الماضية".
المخرجة والفنانة عائشة جبور تطرّقت إلى غياب الأدوار المكتوبة بشكل جيد للنساء في المسرح والسينما، فكتّاب السينما والسيناريو في المغرب ذكور وتأتي أدوار النساء قليلة ومحدودة، وكمخرجة في المغرب عملت مع مخرجات يحاولن أن يصنعن بيئة أفضل للمرأة المبدعة في السينما، ولكن مسألة الكتابة أساسية فمعظم الكتّاب رجال. وحول الفرق بين العمل في بيئة عربية وبيئة أميركية، تقول جبور "من الصعب أن تكوني فنانة في أي مكان".
كتّاب السينما والسيناريو في المغرب ذكور وتأتي أدوار النساء قليلة ومحدودة
وحول العمل في بيئة أجنبية، قالت ليلى ألج إنها "تأمل بعد كورونا أن يخرج الفنانون أقوى وقادرين على الارتباط بأي بيئة من خلال الفن"، بينما ذكرت شقير أنها تتلقى كممثلة عروضاً للعمل على أن يكون لديها "ملامح شرقية وبشرط أن تكون ذكية"، لأدوار كانت تصبّ في اتجاه معين وبأدوار تقليدية متوقعة.
واتفقت المشاركات على أنه بالنسبة إلى فرص التمثيل على سبيل المثال؛ فإن هناك شيئاً متوقّعاً من الفتاة العربية وأدواراً معينة مرسومة لها وتوقعات محدّدة لا يوجد مخرجون كثر يريدون كسرها في الثقافة الغربية.
اللافت أن حديث الفنانات الأربع لم يكن يصب في عنوان الندوة، فما جرى تقديمه هو عرض لتجاربهن السابقة والحالية دون وضع تصوّرات لعالم الفن الأدائي ما بعد كورونا، كما يوحي العنوان.