12 ابريل 2019
أخيرا.. تجاوب مع حراك الريف
عبد الرحمن الأشعاري (المغرب)
في اللقاء الخاص المباشر الذي جمعه، السبت 1 يوليو/ تموز 2017، بالقناتين العموميتين الأولى والثانية، اعترف رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، وبعد مرور ثمانية أشهر على حراك الريف، بمشروعية هذا الحراك، مشدّداً على ضرورة التجاوب مع مطالب سكان المنطقة. وقال بنبرة يختلط فيها الحزن بالأسى "الحل يمر عبر مدخلين، سياسي وتنموي"، وقال إنّ حكومته مستعدة للتجاوب مع كل مبادرات الحوار ومع نتائجها، وأيضا "التجاوب مع المطالب التنموية لسكان الإقليم، بإنجاز مشاريع تصل قيمتها إلى 9 مليارات درهم (قرابة مليار دولار)".
قبل هذا التصريح التلفزيوني المباشر، كانت الأحزاب المكونة لحكومة العثماني، أو ما تعرف بأحزاب الأغلبية، قد هاجمت هذا الحراك، واعتبرت الفاعلين فيه مجرّد مخرّبين وعملاء انفصاليين، يخدمون أجندات خارجية، ومن هؤلاء عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار (أحد أكبر أحزاب الأغلبية)، رشيد الطالبي العلمي، الذي قال إنّ الأوضاع في إقليم الحسيمة تطورت بشكل طبيعي، في البداية، لكنها سرعان ما بدأت تعرف "بعض الانحرافات قادتها مجموعة مسخرة من الخارج لم يفلح معها الحوار"، موضحا أنّ "كل العناصر تتبث أن أفراد هذه المجموعة منخرطين في مسلسل التمويل من الخارج من قبل خصوم الوحدة الترابية".
وهو ما يشير إلى أنّ هذه الحكومة تعيش حالة من التردّد والارتباك الشديدين، إذ دارت دورة كاملة، وانتقلت من النقيض إلى النقيض، وسيظهر ذلك جليا عندما سيحل عدد من أعضائها تباعا في عاصمة الريف، من أجل الاطلاع على سير المشاريع المندرجة وتنفيذها ضمن برنامج "الحسيمة منارة المتوسط"، الذي أطلقه الملك محمد السادس قبل سنتين، وظلّ متعثراً ولم يجد طريقه إلى التنفيذ.
أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الإثنين 3 يوليو/ تموز الجاري، تقريرامن 35 صفحة عن تعنيف نشطاء الحراك، أكد فيه وجود "حالات تعذيب"، في صفوف المعتقلين الـ34 ممن شملتهم الخبرة الطبية، مستعرضا "الدلائل المادية والنفسية، وشهادات المعتقلين المعنيين بالتقرير"، المنقسمين إلى قسمين، الأول، يهم معتقلي سجن عكاشة في مدينة الدارالبيضاء، ويضم 19 معتقلا، والثاني يهم المعتقلين في السجن المحلي للحسيمة، والبالغ عددهم 15 معتقلا.
الأكثر من ذلك، دعا تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ضمن توصياته، إلى فتح "تحقيق دقيق يشرف عليه أشخاص غير المرتبطين بهذا الملف، من أجل التحقق من أعمال التعذيب وضمان معاقبة المسؤولين عنه".
مؤسف حقا أن تحتاج الحكومة المغربية ثمانية أشهر حتى تفهم فقط ما يجري في منطقة الريف من أحداث، ومؤسف أن تتوارى عن الأنظار كل هذه المدة، إلا من عبارات التخوين والعمالة والانفصال في حق نشطاء الحراك، وهي تعلم أن بذمتها القيام بمشاريع كان ملك البلاد قد أطلقها في أكتوبر/ تشرين الأول من سنة 2015، إلا أنها بقيت حبرا على ورق.
أليس هذا الحراك محاكمة علنية وصريحة لديمقراطية الواجهة ولسياسة ومصداقية هذه الأحزاب التي تتفنّن في إدارة الحوار مع المواطن المغربي، عندما يتعلق الأمر بصوته، في حين يغيب هذا الحوار عندما يخرج هذا المواطن إلى الاحتجاج مطالبا بحقوقه؟ ألا نجني اليوم نتائج سياسة الريع والتهرّب من تفعيل قانون محاسبة ومساءلة المسؤولين المنصوص عليه في دستور 2011؟
كان على الجميع أن ينتظر حتى تتحقق هذه اللحظة، ليقف على مثل هذه الأسئلة وعلى غيرها، وصحيح كما قال ناصر الزفزافي في رسالته أخيرا أن الهدف من الحراك هو "تحويله إلى نور مبارك يضيء ظلمة الفساد، ويكشف وجهه الخبيث ولوبياته أمام الشعب وأمام الملك".
حل الأزمات الاجتماعية وغيرها من الأزمات في أي بلد وليس في المغرب وحده لا يمكنه أن يكون إلا في ظل نظام ديمقراطي حقيقي يضمن للمواطن حقوقه وكرامته ويضعه في المكانة التي يستحقها كمحور للعملية الديمقراطية برمتها، ويأخذه بآليات وأدوات الحوار بعيدا عن الهاجس الأمني الذي ثبت أنه لا يجدي نفعا، ذلك أن الدولة الديمقراطية هي التي تبني هيبتها على خدمة هذا المواطن واحترامه، فهيبة هذا المواطن من هيبة هذه الدولة والعكس صحيح.
قبل هذا التصريح التلفزيوني المباشر، كانت الأحزاب المكونة لحكومة العثماني، أو ما تعرف بأحزاب الأغلبية، قد هاجمت هذا الحراك، واعتبرت الفاعلين فيه مجرّد مخرّبين وعملاء انفصاليين، يخدمون أجندات خارجية، ومن هؤلاء عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار (أحد أكبر أحزاب الأغلبية)، رشيد الطالبي العلمي، الذي قال إنّ الأوضاع في إقليم الحسيمة تطورت بشكل طبيعي، في البداية، لكنها سرعان ما بدأت تعرف "بعض الانحرافات قادتها مجموعة مسخرة من الخارج لم يفلح معها الحوار"، موضحا أنّ "كل العناصر تتبث أن أفراد هذه المجموعة منخرطين في مسلسل التمويل من الخارج من قبل خصوم الوحدة الترابية".
وهو ما يشير إلى أنّ هذه الحكومة تعيش حالة من التردّد والارتباك الشديدين، إذ دارت دورة كاملة، وانتقلت من النقيض إلى النقيض، وسيظهر ذلك جليا عندما سيحل عدد من أعضائها تباعا في عاصمة الريف، من أجل الاطلاع على سير المشاريع المندرجة وتنفيذها ضمن برنامج "الحسيمة منارة المتوسط"، الذي أطلقه الملك محمد السادس قبل سنتين، وظلّ متعثراً ولم يجد طريقه إلى التنفيذ.
أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الإثنين 3 يوليو/ تموز الجاري، تقريرامن 35 صفحة عن تعنيف نشطاء الحراك، أكد فيه وجود "حالات تعذيب"، في صفوف المعتقلين الـ34 ممن شملتهم الخبرة الطبية، مستعرضا "الدلائل المادية والنفسية، وشهادات المعتقلين المعنيين بالتقرير"، المنقسمين إلى قسمين، الأول، يهم معتقلي سجن عكاشة في مدينة الدارالبيضاء، ويضم 19 معتقلا، والثاني يهم المعتقلين في السجن المحلي للحسيمة، والبالغ عددهم 15 معتقلا.
الأكثر من ذلك، دعا تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ضمن توصياته، إلى فتح "تحقيق دقيق يشرف عليه أشخاص غير المرتبطين بهذا الملف، من أجل التحقق من أعمال التعذيب وضمان معاقبة المسؤولين عنه".
مؤسف حقا أن تحتاج الحكومة المغربية ثمانية أشهر حتى تفهم فقط ما يجري في منطقة الريف من أحداث، ومؤسف أن تتوارى عن الأنظار كل هذه المدة، إلا من عبارات التخوين والعمالة والانفصال في حق نشطاء الحراك، وهي تعلم أن بذمتها القيام بمشاريع كان ملك البلاد قد أطلقها في أكتوبر/ تشرين الأول من سنة 2015، إلا أنها بقيت حبرا على ورق.
أليس هذا الحراك محاكمة علنية وصريحة لديمقراطية الواجهة ولسياسة ومصداقية هذه الأحزاب التي تتفنّن في إدارة الحوار مع المواطن المغربي، عندما يتعلق الأمر بصوته، في حين يغيب هذا الحوار عندما يخرج هذا المواطن إلى الاحتجاج مطالبا بحقوقه؟ ألا نجني اليوم نتائج سياسة الريع والتهرّب من تفعيل قانون محاسبة ومساءلة المسؤولين المنصوص عليه في دستور 2011؟
كان على الجميع أن ينتظر حتى تتحقق هذه اللحظة، ليقف على مثل هذه الأسئلة وعلى غيرها، وصحيح كما قال ناصر الزفزافي في رسالته أخيرا أن الهدف من الحراك هو "تحويله إلى نور مبارك يضيء ظلمة الفساد، ويكشف وجهه الخبيث ولوبياته أمام الشعب وأمام الملك".
حل الأزمات الاجتماعية وغيرها من الأزمات في أي بلد وليس في المغرب وحده لا يمكنه أن يكون إلا في ظل نظام ديمقراطي حقيقي يضمن للمواطن حقوقه وكرامته ويضعه في المكانة التي يستحقها كمحور للعملية الديمقراطية برمتها، ويأخذه بآليات وأدوات الحوار بعيدا عن الهاجس الأمني الذي ثبت أنه لا يجدي نفعا، ذلك أن الدولة الديمقراطية هي التي تبني هيبتها على خدمة هذا المواطن واحترامه، فهيبة هذا المواطن من هيبة هذه الدولة والعكس صحيح.
دلالات
مقالات أخرى
04 ابريل 2019
18 مارس 2018
04 سبتمبر 2017