12 ابريل 2019
الاختباء في جلباب أردوغان
عبد الرحمن الأشعاري (المغرب)
يحلو لبعض أتباع حزب العدالة والتنمية المغربي أن يعقدوا المقارنات، الواحدة تلو الأخرى، ويشبهوا حزبهم بحزب العدالة والتنمية التركي كلما سنحت لهم الظروف بذلك. وتكثر هذه المقارنات، وتتزايد حدتها في كل مرة يتم الحديث فيها، عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية، عن نجاح الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات، في حين أن أوجه الشبه تكاد تكون منعدمة، إلا فيما يخص الاسم، إذ الفرق بين الحزبين شاسع جدا، ولا يسمح بالمرة بعقد أية مقارنة، ليس فقط على مستوى البرامج، ولكن أيضا على مستوى السياق والخط السياسي وطريقة التعاطي مع الأحداث والقضايا المطروحة محليا ودوليا.
ويصل هذا التباهي إلى مداه، عندما يجري الحديث عن الاسم والرمز الانتخابي، بحيث يغرق أنصار "العدالة والتنمية" في المغرب في شرح معاني ودلالات هذا الاسم وهذا الرمز ودلالاتهما، وكيف أنهم كانوا السباقين في إطلاقهما على هيئتهم السياسية قبل أردوغان، الرئيس الحالي والفائز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وزعيم حزب العدالة والتنمية التركي، بل إن الأخير، حسب الرئيس السابق للحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، هو من تأثر بحزبه، وأخذه العجب العجاب به مأخذا بعيدا، ما جعله يطلق على هيئته السياسية الاسم نفسه (العدالة والتنمية)، ويعتمد الرمز الانتخابي ذاته (المصباح).
فخلافا لحزب العدالة والتنمية التركي الذي كانت ولادته طبيعية، بحيث خرج من رحم الساحة السياسية حزبا إسلاميا، ولم يكن شيئا آخر غير ذلك، إذ على الرغم من "تعدد واختلاف الأوعية التي غرف منها، تبقى الرافعة الكبرى التي رفعته إلى السلطة، هي قاعدة إسلامية، قد وعت بيقين أن التمادي بنفس السياسات والوجوه بزعامة مباشرة أو غير مباشرة، ليس من شأنه غير استمرار اشتباك غير قابل للتسوية"، فإن حزب العدالة والتنمية المغربي قام على أنقاض حزب الراحل عبد الكريم الخطيب، أحد أكبر رجالات الدولة المغربية، بعدما خضع في دهاليز وزارة الداخلية ومختبرات الأجهزة الاستخباراتية لعمليات التدجين والتهجين والتلقيح. وقبل ذلك، كان بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قد تكلف بجمع ما تبقى من الشبيبة الإسلامية، عن طريق شيطنة زعيمها ومؤسسها، عبد الكريم مطيع الحمداوي الحسني، واتهامه باتهامات مختلفة.
رهان حزب بنكيران على حزب رجب طيب أردوغان، لا ينبع أبدا من كون الحزبين متشابهين أو يشتغلان على نفس البرامج السياسية، بل ينبع من أسباب وخلفيات أخرى تدخل في إطار تلميع صورة الحزب واللعب على ما يمكن أن تقوم به النجاحات التي يحققها رجب طيب أردوغان في بلاد الأناضول من تأثير إيجابي على مستقبل أصحاب المصباح.
البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية المغربي ضعيف، إذا ما قورن بحزب أردوغان الذي ظل متيقظا، وعرف كيف ينال حب وعطف جميع مكونات الدولة التركية، إذ عمل مثلا على تغيير النظام الصحي تغييرا شاملا، عبر توفير أحد أفضل الأنظمة الصحية في أوروبا، وبأرخص التكاليف.
الفرق بين التجربتين السياسيتين واسع وشاسع جدا، حتى أن المتتبعين والمواكبين لقضايا وشؤون الحركات الإسلامية في العالم العربي، يرفضون إجراء مقارنات بين هاتين الهيئتين السياسيتين، على اعتبار أن الأول يشتغل على مستوى إقليمي ودولي، وينافس عمالقة الاقتصاد العالمي، بينما لم يستطع الثاني بعد أن يخرج من همزاته وغمزاته ولمزاته الداخلية.
لا يهمني في هذا المقام نجاح أردوغان من عدمه، فلدي عنه مؤاخذات كثيرة، أقلها ما قام به في أعقاب المحاولة الانقلابية الأخيرة، عندما زج عشرات الآلاف (حوالي 160 ألف شخص) من الأساتذة والقضاة والصحافيين في السجون. ولكن من المهم الوقوف عند إحدى الوسائل والآليات التي يعتمدها المتاجرون بقدسية الدين في المغرب في اللعب على كل الحبال، لتغليط الرأي العام الوطني، بحيث يوظفون مثل هذه المعطيات وغيرها في إطارها غير الصحيح، وبشكل يثير الدهشة والاستغراب، كما لو أنها تدخل في مسمّى إنجازاتهم.
ولا يمكن أن نقارن شخصا تحمل مسؤولية عمدة إسطنبول والوزارة الأولى ثم الرئاسة في دولة صنفت ضمن مجموعة العشرين الأقوى اقتصاديا في العالم، وحقق ما عجز كبار السياسيين في بلاده عن تحقيقه في مدة وجيزة جدا، بشخص لا يمتلك القدرة حتى على تسيير شخصيته التي يغلب عليها طابع المزاجية والعصبية وبالأحرى حكومة وحزب سياسي، بما يوقعه من خصومات لا تنتهي، حتى مع أقرب المقربين إليه، فليس للرجل علاقة جيدة مع عالم الأفكار تمكنه من بناء خطاب سياسي وفكري متوازن ومتماسك، فهو أقرب إلى نموذج السياسيين الانتهازيين الذين لا يقوون سوى على إثارة الجماهير وتعبئتهم وراء نزواته باعتماد أسلوب التهييج والتحريض، لا أقل ولا أكثر.
ويصل هذا التباهي إلى مداه، عندما يجري الحديث عن الاسم والرمز الانتخابي، بحيث يغرق أنصار "العدالة والتنمية" في المغرب في شرح معاني ودلالات هذا الاسم وهذا الرمز ودلالاتهما، وكيف أنهم كانوا السباقين في إطلاقهما على هيئتهم السياسية قبل أردوغان، الرئيس الحالي والفائز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وزعيم حزب العدالة والتنمية التركي، بل إن الأخير، حسب الرئيس السابق للحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، هو من تأثر بحزبه، وأخذه العجب العجاب به مأخذا بعيدا، ما جعله يطلق على هيئته السياسية الاسم نفسه (العدالة والتنمية)، ويعتمد الرمز الانتخابي ذاته (المصباح).
فخلافا لحزب العدالة والتنمية التركي الذي كانت ولادته طبيعية، بحيث خرج من رحم الساحة السياسية حزبا إسلاميا، ولم يكن شيئا آخر غير ذلك، إذ على الرغم من "تعدد واختلاف الأوعية التي غرف منها، تبقى الرافعة الكبرى التي رفعته إلى السلطة، هي قاعدة إسلامية، قد وعت بيقين أن التمادي بنفس السياسات والوجوه بزعامة مباشرة أو غير مباشرة، ليس من شأنه غير استمرار اشتباك غير قابل للتسوية"، فإن حزب العدالة والتنمية المغربي قام على أنقاض حزب الراحل عبد الكريم الخطيب، أحد أكبر رجالات الدولة المغربية، بعدما خضع في دهاليز وزارة الداخلية ومختبرات الأجهزة الاستخباراتية لعمليات التدجين والتهجين والتلقيح. وقبل ذلك، كان بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قد تكلف بجمع ما تبقى من الشبيبة الإسلامية، عن طريق شيطنة زعيمها ومؤسسها، عبد الكريم مطيع الحمداوي الحسني، واتهامه باتهامات مختلفة.
رهان حزب بنكيران على حزب رجب طيب أردوغان، لا ينبع أبدا من كون الحزبين متشابهين أو يشتغلان على نفس البرامج السياسية، بل ينبع من أسباب وخلفيات أخرى تدخل في إطار تلميع صورة الحزب واللعب على ما يمكن أن تقوم به النجاحات التي يحققها رجب طيب أردوغان في بلاد الأناضول من تأثير إيجابي على مستقبل أصحاب المصباح.
البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية المغربي ضعيف، إذا ما قورن بحزب أردوغان الذي ظل متيقظا، وعرف كيف ينال حب وعطف جميع مكونات الدولة التركية، إذ عمل مثلا على تغيير النظام الصحي تغييرا شاملا، عبر توفير أحد أفضل الأنظمة الصحية في أوروبا، وبأرخص التكاليف.
الفرق بين التجربتين السياسيتين واسع وشاسع جدا، حتى أن المتتبعين والمواكبين لقضايا وشؤون الحركات الإسلامية في العالم العربي، يرفضون إجراء مقارنات بين هاتين الهيئتين السياسيتين، على اعتبار أن الأول يشتغل على مستوى إقليمي ودولي، وينافس عمالقة الاقتصاد العالمي، بينما لم يستطع الثاني بعد أن يخرج من همزاته وغمزاته ولمزاته الداخلية.
لا يهمني في هذا المقام نجاح أردوغان من عدمه، فلدي عنه مؤاخذات كثيرة، أقلها ما قام به في أعقاب المحاولة الانقلابية الأخيرة، عندما زج عشرات الآلاف (حوالي 160 ألف شخص) من الأساتذة والقضاة والصحافيين في السجون. ولكن من المهم الوقوف عند إحدى الوسائل والآليات التي يعتمدها المتاجرون بقدسية الدين في المغرب في اللعب على كل الحبال، لتغليط الرأي العام الوطني، بحيث يوظفون مثل هذه المعطيات وغيرها في إطارها غير الصحيح، وبشكل يثير الدهشة والاستغراب، كما لو أنها تدخل في مسمّى إنجازاتهم.
ولا يمكن أن نقارن شخصا تحمل مسؤولية عمدة إسطنبول والوزارة الأولى ثم الرئاسة في دولة صنفت ضمن مجموعة العشرين الأقوى اقتصاديا في العالم، وحقق ما عجز كبار السياسيين في بلاده عن تحقيقه في مدة وجيزة جدا، بشخص لا يمتلك القدرة حتى على تسيير شخصيته التي يغلب عليها طابع المزاجية والعصبية وبالأحرى حكومة وحزب سياسي، بما يوقعه من خصومات لا تنتهي، حتى مع أقرب المقربين إليه، فليس للرجل علاقة جيدة مع عالم الأفكار تمكنه من بناء خطاب سياسي وفكري متوازن ومتماسك، فهو أقرب إلى نموذج السياسيين الانتهازيين الذين لا يقوون سوى على إثارة الجماهير وتعبئتهم وراء نزواته باعتماد أسلوب التهييج والتحريض، لا أقل ولا أكثر.
مقالات أخرى
18 مارس 2018
04 سبتمبر 2017
29 اغسطس 2017