أجرت "العربي الجديد" اللقاء الصحافي الأخير معه في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، والذي تأمّل خلاله رحلة ستين عاماً كشريط سينمائي لم يغادر فيه طفولته يوماً مخلصاً لها ولذاكرته في مسقط رأسه؛ قرية عين كارم المقدسية، إذ يقول "أُعدّ وجيلي مؤسّسين للمشهد التشكيلي الفلسطيني. لا يمكن إغفال الفنان إسماعيل شموط، الذي أوصل فلسطين إلى العالم، وإن كانت منهجية تعبيرنا مختلفة بشكل ظاهر"، متابعاً "كذلك كمال بُلاّطه وتمام الأكحل وعبد الحيّ مسلّم وغيرهم. حاول كل منا التعبير وفقاً لما يراه مناسباً له، غير أن إيصال صوت فلسطين كان هاجسنا الأكبر جميعاً".
في خمسينيات القرن الماضي، بدأ نعواش يرسم متأثّراً بالشخصيات التاريخية فكانت أول لوحة يرسمها هي لصلاح الدين الأيوبي، وقادته موهبته إلى التعرّف على فنان إيطالي مقيم في عمان اسمه آرماندو، اتخذ منزله استوديو لتعلّم الرسم، ومن هناك قرّر السفر لدراسة الفن في روما حيث تخرّج من أكاديميتها عام 1964.
بعد عودة قصيرة إلى عمّان قدّم خلالها عدّة أعمال مستوحاة من الواقع الفلسطيني، انتقل إلى باريس لتعلّم فن الغرافيك وحصل في عام 1970 على دبلوم عال بدرجة امتياز في "الطباعة الحجرية والحفر على الزنك"، كما تتلّمذ على يد الفنانين فرانكو جنتليني وجورج راييز ومارينو ماتساكوراتي، والأخير هو الذي ربط منهجيته بالفنان السويسري بول كلي، الذي تأثّر به في تلك المرحلة.
بعد إقامة طويلة نسبياً في فرنسا، حيث عمل محاضراً سنوات عدّة، بدأت تنضج تجربة نعواش وتظهر بصمته الخاصة في لوحته. يصف خلاصة تجربته لـ"العربي الجديد" بقوله "ثمة عوامل ثلاثة لا بد من توافرها لدى الفنان، أياً كانت المدرسة التي ينتمي إليها، وهي"الصدق والتلقائية والإحساس العالي"، ليخرج بأعمال فنية "لا تحتكم إلى معيار الناقد ولا توقعاته، ولا إملاءات أساتذة الفنون وقوالبهم الجاهزة، ولا حتى طموحات الفنان ورؤاه المسبقة.. لا بدّ أن تأتي النتيجة مفاجئة حتى للرسام نفسه".
لم تغادر صورة العائلة في القرية لوحاته والتي رآها أشكالاً ورموزاً تحيل إلى رؤيته للحياة وفلسطين والفن؛ عالم من نساء ورجال وأطفال وحيوانات ونجوم وشمس، وبنادق أيضاً، لتشكّل ذاكرةً طفل يصّر أن يتمسّك بلحظة لن تتكرّر.