أحمد بن يسف.. مشاهد العامَين الأخيرَين

16 فبراير 2019
(من المعرض)
+ الخط -
اختار الفنان التشكيلي المغربي أحمد بن يسف (1945) ثيمتين أساسيتيْن في تجربته الممتدّة لأكثر من خمسين عاماً: وجوه المغاربة التي تحضر في بورتريهاته المنحازة إلى الفقراء والمهمّشين على وجه خصوص، وتضاريس الطبيعة والمدينة في المغرب.

حتى الأول من الشهر المقبل، يتواصل معرضه في "رواق الفن" في تطوان (شمالي الرباط) الذي افتتح في الأول من الشهر الماضي، ويضمّ ثلاثاً وأربعين لوحة أنجزها خلال العامَين الماضيَين، مواصلاً فيها توثيقه للإنسان والمكان اللذين لا يفارقان عمله، سواء أكان تعبيرياً أو واقعياً أو تجريدياً.

وُلد بن يسف في أحد الأحياء التاريخية بمدينة تطوان، التحق بـ"مدرسة الفنون الجميلة" فيها، ثم أكمل دراسته في "مدرسة إشبيلية" الإسبانية، وهناك تعلّم الالتزام بقواعد الفن وصرامته الأكاديمية التي لم يبتعد عنها يوماً.

من المعرضتمثّل ذاكرة الطفولة المصدر الأول للفنان؛ حيث تحضر على الدوام تلك المباني والشوارع القديمة والتفاصيل التي تتعلّق بالأحياء والحواري التي كانت جزءاً من حياته اليومية، لكنه يعود في كلّ مرة ليقرأها من جديد، وكأنها دائمة الحركة والتغيّر بشكل موازٍ لتطوّر وعيه التشكيلي وأدواته.

إلى جانب المكان، يحضر أيضاً في أعمال بن يسف وجه المرأة المغربية، مُركّزاً على ظروفها وموقعها الاجتماعي والطبقي. يُمكن ملاحظة ذلك من خلال أسماء بعض لوحاته: "الشغالة" (1987) و"الخادمة" (1989) و"المتسولة" (1991). تحضر المرأة على شكل بورتريهات لوجهٍ واحد، أو ضمن مجموعة من النساء تظهر فيها وجوه عديدة، مثل لوحته "العودة".

في الثمانينيات، زاره والده وابنه في إشبيلية حيث كان يدرس وهناك حطّ فوق كتفيهما الحمام؛ تلك الصورة التي ستظلّ تلازمه حتى اللحظة، فأضاف إلى لوحته رمزاً ظلّ يظهر بشكل مستمر، هو الحمامة التي تُشكّل بالنسبة إليه عنصراً جمالياً يقلّل من قسوة الأعمال التي كانت تصوّر أوضاع المقهورين؛ إذ إنّها تخفّف من الحمولة الدرامية التي تحتويها اللوحات.

ستسكن هذه الحمامة معظم أعماله، تقوم بأدوار متعدّدة؛ فهي تراقب هؤلاء المارة والمقيمين أحياناً، وتبدو أحياناً أخرى غارقة في المشهد باعتبارها جزءاً أساسياً وفاعلاً فيه، وقد تكون الموضوع نفسه، ولا يوجد في اللوحة سواها.

المساهمون