أحزاب دينية عراقية تُعارض قانون العنف الأسري

25 اغسطس 2020
شاركن في الثورة العراقية (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
تُواصل الأحزاب الدينيّة حملتها الرافضة لإقرار قانون العنف الأسري في العراق من خلال البرلمان، بحجة أنه "لا يخدم المجتمع المحافظ والمتدين في البلاد، ويدفع المرأة للتسلّط على الرجل، ويتدخل في شؤون تربية الأطفال". كما دخلت الفصائل المسلحة على خط إعلان رفض القانون. كل هذه العوامل مجتمعة قد تعرقل التصويت لصالح القانون في مجلس النواب.
أخيراً، اتّهم زعيم مليشيا عصائب الحق المقرّبة من إيران، قيس الخزعلي، واشنطن بالعمل على إشاعة "الشذوذ الجنسي" بين الشباب في العراق، لافتاً إلى أن مشروع قانون العنف الأسري المتوقع إقراره في البرلمان "يدسّ السم في العسل". أضاف أن "واشنطن تجتهد في إعداد مشاريع من خلال السفارة الأميركية في العراق، وتخصص لها ملايين الدولارات بغية استهداف وضرب الهوية الثقافية العراقية وفرض قيم وسلوكيات منحرفة".
ويشير إلى أنّ قانون العنف الأسري المقرّرة مناقشته في البرلمان جيد، لكنّ فيه محاولة لدسّ السم بالعسل من خلال ذكر عبارات فضفاضة تُستخدم لضرب وتفكيك الأسرة والمجتمع العراقي. ويوضح أن بعض المواد في القانون تعدّ جريمة، لا سيما بالنسبة للمتضررين من قانون العنف الأسري، الذين قد يلجؤون إلى أماكن ليست بالضرورة تحت إشراف الدولة، بل ترعاها مؤسسات المجتمع المدني. والجزء الأكبر منها يعمل تحت رعاية المؤسسات الأميركية والسفارة الأميركية على حدّ قوله، داعياً البرلمان إلى "منع تمريره".  
ولدى الخزعلي كتلة تتألّف من 15 نائباً في البرلمان العراقي تحمل اسم "صادقون". كما أن مبدأ المحاصصة الحزبية في البلد مكّن المليشيا من نيل وزارة الثقافة في البلاد. وكان رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي قد أعلن في أغسطس/ آب الجاري إرسال قانون العنف الأسري إلى مجلس النواب، ويأمل التصويت عليه في حال استئناف جلساته المتوقفة بسبب تفشي فيروس كورونا.
الجريمة والعقاب
التحديثات الحية
ويحمي القانون، بحسب بنوده، الشرائح الضعيفة في المجتمع مثل الأطفال والنساء، ويعاقب الرجال الذين يمارسون العنف والضرب والقتل. ويأتي إقرار القانون بعد سنوات من مطالبات منظمات محلية ودولية، في ظل ارتفاع معدلات العنف الأسري، والتي زادت خلال الحجر المنزلي في إطار إجراءات الوقاية من كورونا خلال الأشهر الماضية. إلا أن القانون يثير جدالاً واسعاً بين الأحزاب الدينية التي حالت خلال السنوات الماضية دون إقراره وبدء العمل به.
ويعدّ حزب الفضيلة الإسلامي التابع للمرجع محمد اليعقوبي، من أشرس المعارضين لإقرار القانون، لافتاً إلى أنه "استنساخ لتجارب غربية تُنقل إلى واقعنا الاجتماعي، ويغفل عن الأسس الأخلاقية التي تستند إليها مجتمعاتنا المسلمة"، كما يقول رئيس كتلة الحزب في البرلمان عمّار طعمة.
ويذكر طعمة في بيان نقلته وسائل إعلام محلية عراقية، أن "قانون العنف الأسري فيه مضامين تُنذر بعواقب خطيرة على استقرار العائلة المسلمة العراقية". ويوضح أنه "بحسب هذا القانون، فإنّ أي خلاف أو إشكال ضمن العائلة يتحوّل إلى المحكمة". ويسأل: "هل تستقر العائلة إذا ما استبدلت مساعي الصلح والإصلاح الأسري بشكاوى ومراكز الشرطة؟".
في هذا السياق، يقول نائب عراقي رفض الكشف عن اسمه لـ "العربي الجديد"، إن "قانون العنف الأسري بات في ملعب مجلس النواب، وهناك رغبة واندفاع حقيقيان لدى الحكومة العراقية للعمل به من أجل منع أي ممارسات عنفية أو انتهاكات بحق الأطفال والنساء قد تحدث في المستقبل، كونه يتضمن جملة من العقوبات التي ستحد بكل تأكيد من ظاهرة العنف الأسري". ويبيّن أن "غالبية الكتل البرلمانية تؤيد التصويت لصالح القانون، لكن هناك جهات لم تفهم القانون وتظن أنه غريب عن المجتمع العراقي، وهذا خطأ بكل تأكيد. وسيعرض على أعضاء مجلس النواب مع بداية استئناف الجلسات المقبلة بهدف الاطلاع عليه"، لافتاً إلى أنه "سيحظى بالموافقة على الأغلب". 
من جهتها، تقول الناشطة النسوية في بغداد، علياء بدر، إن الكثير من أعضاء مجلس النواب، وبحسب رصد المنظمات والمصادر والتسريبات، يمارسون العنف الأسري في منازلهم. بالتالي، تجد بعض الأحزاب والكتل البرلمانية أن القانون ليس فقط تجاوزاً للسلطة الذكورية الحاكمة في البلاد، بل سيضرّ بمصالحهم الشخصية أيضاً، وقد يعاقبون بحسب القانون. وتؤكد لـ "العربي الجديد" أن "منظمات المجتمع المدني تطالب البرلمان بتمرير القانون والتصويت لصالحه كي يحظى العراق بقانون يخدم المرأة والطفل، ومن المعيب أصلاً أن يدخل العراق عام 2021 وهو من دون قانون يحمي المرأة".
الأرشيف
التحديثات الحية
وكان بيان مشترك صادر عن ممثلات المرأة في البرلمان والحكومة قد أوصى في وقت سابق بالإسراع في تشريع قانون الحماية من العنف الأسري وجعله من أولويات عمل مجلس النواب، والتوصية لرئاسة مجلس النواب بجعله في جدول أعمال أولى الجلسات.
ويوضح البيان أن "المجتمعات أصدرت توصية أخرى تتعلق بمناشدة السلطة القضائية إيلاء جرائم العنف الأسري أهمية قصوى، والعمل على عدم إفلات مرتكبيها من القصاص العادل". وتطالب الحكومة ووزارة الداخلية بـ"تقديم الدعم اللازم لمديرية حماية الأسرة والشرطة المجتمعية لتمكينها من القيام بواجباتها بالشكل الأمثل وبما يتلاءم مع التحديات الكبيرة".
وبحسب المسودة السابقة التي أرسلت إلى مجلس النواب العراقي في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، فإن القانون يحمي الأسرة، خصوصاً النساء والفتيات، من كافة أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، ويحدّ من انتشاره ويحمي منه، ويعاقب مرتكبيه، ويعوَض عن الضرر الناتج منه، ويوفّر الحماية للضحايا، ويقدّم الرعاية اللازمة لهم ويؤهلهم، ويحقق المصالحة الأسرية.