أحداث الدبداب تُجدد سجال تجاوزات الأمن الجزائري

19 ديسمبر 2015
توتر بين المواطنين والأمن خلال مسيرة الغاز الصخري(بشير رمزي/الأناضول)
+ الخط -
تستعيد مدينة الدبداب في ولاية اليزي الجزائرية، والواقعة على الحدود مع ليبيا هدوءها ببطء بعد أسبوع ساخن، شهد مواجهات بين مجموعات شبابية وقوات الأمن الجزائرية، على خلفية مداهمات قامت بها الأخيرة لأحياء ومنازل مشتبه فيهم بتهريب السلاح والنشاطات الإجرامية.

اقرأ أيضاً: الجزائر: عصابات تهريب الجنوب تحتمي بأنابيب النفط

غير أن هذه الأحداث المثيرة، لم تمر دون إثارة جدل حول ما اعتبره ناشطون ممارسات وتجاوزات قامت بها قوات الدرك الجزائرية، أثناء المداهمات. وطالبوا السلطات العليا بفتح تحقيق حول هذه الممارسات، التي وصفها النائب في مجلس الأمة الجزائري عن ولاية إليزي، عباس بوعمامة، بـ"استفزازات غير مقبولة من قبل أفراد الدرك الجزائري، أثناء قيامهم بمهمة تفتيش ببلدة مريكسن في الدبداب الحدودية"، مشيراً إلى أن هذه الاستفزازات "كانت السبب وراء اندلاع مناوشات بينهم وبين بعض الشبان". 


ونشر ناشطون في المدينة صوراً قالوا إنها تعود لشبان اعتدت عليهم قوات الدرك من دون وجه حق، وناشدوا السلطات العليا التدخل لمنع تكرار سلوك كهذا من قبل الأجهزة الأمنية، فيما نشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تحذيرات من توتر الوضع في المنطقة الحدودية في حال استمرت الأجهزة الأمنية في معاملتها مع السكان بالطريقة نفسها.

لكن وزارة الدفاع الجزائرية سارعت إلى نفي هذه الاتهامات، مشددة على عدم ارتكاب قوات الدرك لأي تجاوزات في حق سكان مدينة الدبداب على الحدود بين الجزائر وليبيا، وذلك ردّاً على اتهامات عضو مجلس الأمة. وقال بيان لوزارة الدفاع الجزائرية إن قوات الدرك أقدمت على تفتيش بيوت بعض الأشخاص المعروفين بنشاطات التهريب ومن ذوي السوابق المعروفين في بلدة مريكسن بمنطقة الدبداب بولاية إليزي على الحدود الجزائرية الليبية في ظل احترام القوانين ودون أي تجاوزات".

وأوضح البيان أن العملية الأمنية تمكّنت من شل نشاطات المهربين وتضييق الخناق عليهم، ودافعت عن عمل القوات الأمنية التي قالت إنها قامت بتحقيقات بخصوص معاملة الدرك الجزائري للسكان في المنطقة. واستندت السلطات العسكرية الجزائرية إلى ما اعتبرته شهادات أعيان المدينة، الذين قدّموا تصريحات مكتوبة تدعم عمل قوات الأمن وتؤكّد أنّه لولا تدخل الأجهزة الأمنية لتعرضت أملاك المواطنين للتخريب والإتلاف من قبل المحتجين، مفنّدة وقوع إصابات في صفوف المحتجين.


وهذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها ناشطون قوات الأمن بارتكاب تجاوزات، إذ سبق أن وُجهت لهم تهم مماثلة أثناء أحداث منطقة غرداية جنوبي الجزائر، حيث نشر ناشطون حينها تسجيلات مصورة لعناصر شرطة، وهم يقتحمون محلات تجارية ويستولون على محتوياتها، وهو ما دفع المديرية العامة للأمن الجزائري إلى التدخل، وفتح تحقيقات ومعاقبة العناصر. كما تخللت الأحداث التي شهدتها منطقة عين صالح قبل عام ظروف مشابهة نتيجة حالة توتر بين قوات الأمن ومجموعات شبابية ناشطة، كانت تعارض مشروع استغلال الغاز الصخري، قبل أن تتدخل قيادات عسكرية لفض التوتر.

اقرأ أيضاً: غرداية جرس إنذار للجزائر... صدام التاريخ والجغرافيا وغياب الدولة

وحذّرت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، من أن هذه الأحداث توفر مناخاً لسوء العلاقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية، خصوصاً في منطقة حدودية حساسة تقع بجوار منطقة غدامس الليبية، وعلى مقربة من الحدود التي تتحرك فيها مجموعات مسلّحة، وهو أكثر ما يخيف المراقبين، ولا سيما أن المناطق الحدودية مع ليبيا غير مستقرة، والتواجد المسلح على الطرف الآخر من الحدود، يفرض، بحسبهم، تعزيز التماسك الاجتماعي والتعاون بين سكان هذه المناطق والأجهزة الأمنية، بدلاً من أن تستغل المجموعات الإرهابية وشبكات الجريمة وتهريب السلاح السكان لصالحها، ما من شأنه أن يشكل تهديداً أمنياً للجزائر.