أجساد تفيض عن الموت

06 سبتمبر 2015
عائلة سورية في ألمانيا أمام مصير مفتوح(Getty)
+ الخط -
سؤالٌ بسيطٌ يطرحه ابني المولود في بلاد الغرب: أليس أولى بالعرب، على امتداد كل هذا الوطن العربي الكبير، أن يكون لهؤلاء الفارين من جحيم حرب سورية مكان بينهم وبكرامة؟
مشهد الإيلام يُعاد ليُتلى علينا، نحن عرب المهجر، بجثث عربية طرية، أطفال تطفو جثثهم على أرواحنا الهائمة، نساء عربيات يخنقن حتى الموت في شاحنة، بعد أن هربن من حاكم قالها صراحة: إما أقتلكم أو أحكمكم أبد الدهر...
كيف تجيب ولدك على سؤال بدهي، في زمن غربة أخرى، وأنت الذي كنت تفاخر حين تقول له: خذ نفساً عميقاً وكرر ورائي: أنا عربي؟

قد يكون المشهد بات مملا لبعضنا، مثلما هو صار ممجوجاً في سؤال عالمي عن "ضرورة
إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي...".

يقلقُ... يفزعُ... يشهقُ... بان كي مون... ومن ورائه أمم متحدة. الفزع من موت حيوان كاسد عجوز أو طائر أبو منجل أو لتفجير تمثال تاريخي... القلق سمة نفاق عشناه في غربتنا هذه ثلاثة عقود... ونسمع حتى يومنا تعريفنا بـ"الأجانب"...

محقٌ هو ذلك المراهق في سؤاله: أحواضر العرب كلها تغص بمائة ألف لاجئ ليغرق ويموت عشرة بالمائة منهم بعيدا عن حدود مساحاتنا الشاسعة؟

نعم ، على الغرب تقع مسؤوليات أخلاقية وسياسية، وعلى المنظمات الدولية عار هذا الموت وهي تتشدق عن كرم الدول، بينما تخنق قوانينها كل الطرقات، ليبقى منفذ التهريب والاتجار بالبشر ملاذا وحيدا... لكن، من البعيد يمكن للناظر أن يسأل سؤاله، محقا كان أم صيادا في ماء معكر في الأصل: ماذا تفعل حواضر العرب بالعرب؟ ربما السوريون صاروا أيضا زوائد، مثلما ينظر إليهم اليمين المتطرف غربا؟ فهل عند مؤسسات العرب يمينها المتطرف حتى تصير قيمة هؤلاء الفارين من جحيم الموت قيمة موت ليس إلا؟
المساهمون