دعا رئيس حزب "مصر القوية"، عبد المنعم أبو الفتوح إلى إجراء النظام "مصالحة حقيقة مع الطلاب والشباب"، ولم يستبعد انفجار الأوضاع بسبب سوء إدارة النظام للوضع العام. وطالب بعدم التضييق على أهالي سيناء، وحمّل الحكم العسكري مسؤولية كل ما يجري في المنطقة وفي مصر عموماً. كما رفض في حواره مع "العربي الجديد"، تلبية الدعوات الحوارية للنظام، في حال لم تكن على مستوى الحوار.
* هل مصر على أعتاب ثورة أو موجة ثورية جديدة؟
رأيي دائماً أن الثورات والانفجارات الشعبية تتسبب بها الأنظمة، وتقوم بها الشعوب، فالثورة عمل استثنائي، والذي يدفع إنساناً للقيام بعمل استثنائي هي الأوضاع التي فرضها عليه النظام، نتيجة سوء الإدارة والفشل.
* بشكل واضح هل قراءتك للمشهد الحالي تُنبئ بثورة جديدة أو انفجار شعبي؟
طبعاً ينبئ بذلك، ولكنني أؤكد أن الأمل ما زال موجوداً بوجود الإصلاح، وعلى النظام مراجعة نفسه، والعودة إلى المسار الديمقراطي الذي انتهكه، واحترام حقوق الإنسان، وإلغاء القوانين الاستثنائية التي صدرت، سواء في عهد الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور أو العهد الحالي، مثل قانون التظاهر، وفتح مدة الحبس الاحتياطي، وقانون المناقصات، الذي يحمي الفساد.
فالنظام يقوم واقعياً بحماية الفساد، في الوقت الذي نسمع منه كلاماً عكس ذلك. النظام لا يواجه الفساد، لا بل إن الفساد ازداد في الوقت الحالي، أكثر بكثير مما كان عليه أيام (الرئيس المخلوع حسني مبارك). نحن نريد أن تعود مئات المليارات التي نهبها رجال مبارك إلى أصحابها، ليس بالتأميم، لأن لا أحد يرضى بذلك، بل بالعدل وبالحق، بدلاً من أن تتسوّل الدولة من رجال الأعمال الذين نهبوا أموالنا.
كل هذه العوامل تؤدي إلى خلل في المنظومة، إضافة إلى وجود مناخ استثماري فاشل، بدءاً من السياسة المالية للنظام، ولكي يستثمر رجل الأعمال أكثر من 30 ألف دولار من أمواله، عليه الاستئذان من البنك المركزي. كما أن الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يدعو إلى الاستثمار في سيناء، نسي أن هناك قانوناً أصدره بنفسه في سيناء، عنوانه الرئيسي: منع الاستثمار هناك. فمن يريد الاستثمار هناك، لا بد أن يمر على 30 جهة في الدولة، إحداها دائماً ترفض المشروع، فهو قانون لوقف الاستثمار في سيناء.
* وُجهت إليك الدعوة من جانب السيسي لحضور حوار الرئيس مع رؤساء الأحزاب، ولكنكم رفضتم الحضور، فما هي الأسباب الحقيقية وراء ذلك؟
أنا لا أشارك إلا في الحوارات الجادة، ومن مقتضيات الحوار التحضير جيداً، وأن يكون لدى الحضور ترتيب له، وأن يكون المتحاور حاضراً في بيئة يستطيع أن يتحاور معهم فيها. كما يجب ألا يُفرض علينا أشخاص في الحوار، وحتى يكون جاداً، لا بد من ترتيب أجندته ومعرفتها، أما أن يكون الحوار دعوة إلى التصوير الإعلامي فقط، فهذا أمر لا أريده.
* هل هذا يعني أن العلاقة بينكم وبين النظام الحالي وصلت إلى مرحلة الصدام؟
هناك فارق بين القطيعة والصدام، فنحن متصادمان في الأفكار مع النظام، وتزداد مساحة صدامنا مع سياساته، ولكننا لسنا في قطيعة مع أحد، لا مع النظام الحالي ولا مع السابق، ولا حتى مع نظام مبارك. هناك فارق في ما يتعلق بالقطيعة التي تعني اتخاذي مبدأ القطيعة في أي موقف، ولكننا متصادمون مع مواقف النظام السياسية والأمنية والاقتصادية.
*ماذا بعد قرار الحزب بمقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة؟
المناخ الحالي ليس مناخا ديمقراطيا أو مناخ انتخابات ولكنْ مناخ يتسم بالقمع وعدم احترام الرأي الآخر واضطهاد للإعلاميين، فعندما تكون أجهزة القمع واصلة إلى هذا الحد وتدفع الإعلام دفعا إلى أن يكون له دور في إثارة الكراهية بين الناس، وتعميق انقسام المجتمع فكل هذا يمثل خطرا على الوطن.
المسألة لم تعد صراعاً سياسياً، وإنما مسألة وطن؛ طرفا الصراع المتمثل في السلطة الحالية، والتي يأتي على رأسها عبد الفتاح السيسي، أو الطرف الآخر الذي يمثله تيار الإسلام السياسي، وفيه جماعة الإخوان المسلمين، هذا الصراع ضحيته هو الوطن نفسه. في ظل هذا الوضع سواء الأمني أو السياسي أو الاقتصادي الذي يعاني فيه الناس، الذين تصوروا أن الاستقرار سيجلب لهم الرخاء، وأن هذا الاستقرار لن يكون إلا بإراقة الدماء وانتهاك حقوق الإنسان فوافقوا على ذلك، إذا بجميع الناس تعاني من الغلاء ويطلب منهم كل يوم الصبر على أساس أن الخير قادم، دون أن يكون كلام له أساس بحيث تصبر الناس استنادا على دراسة اقتصادية واضحة.
والسلطة الحالية بكلامها الذي ليس له علاقة بالواقع، تكمن خطورته في أن هذا سيوصل المجتمع لحالة من الإحباط واليأس والانفجار، فهذه الأجواء لا تنبئ بإجراء أي انتخابات برلمانية أو رئاسية، في ظل مصادرة حق الأحزاب في الحركة والتجمع والتظاهر، فكيف تكون الانتخابات ديمقراطية.
* في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي كنتم من أول المطالبين بانتخابات رئاسية مبكرة، فمتى ستطالبون السيسي بانتخابات رئاسية مبكرة؟
لن نتردد في ذلك، وأقول لمن يتصور أن تعاملنا أيام الرئيس مرسي كان مختلفاً عن تعاملنا الحالي، إننا لا نعبأ بمن يشتمنا من جمهور مرسي، ونحن نعذره في ظروفه السيئة التي يعيشها نتيجة القهر والظلم الواقع عليه. نحن ننقد النظام، ولن نتردد في أي وقت في الخروج والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، حينما نرى أنه لا سبيل إلا هذا، لأن تغيير الأنظمة ليس نزهة سياحية، لكن وقتها لن نتردد في القول: حان الوقت لتغيير عبد الفتاح السيسي.
* متى سيأتي ذلك الوقت؟
جزء كبير من المعطيات والأداء الحالي سلبي، ولكنني أكرر أن الأمل ما زال موجوداً، ونحن نحاول كقوى وطنية العمل من أجل تحقيق الإصلاح. لا شك في أن الإرهاب الأسود انفجر في وجوهنا جميعاً، وهذا الإرهاب لم يكن موجوداً أيام مرسي، وهو العنصر الوحيد الذي تغيّر عن فترة الرئيس السابق. ومن وجهة نظري فإن أداء النظام الحالي فاشل أيضاً، إلا أن معطى الإرهاب الجديد يحتاج إلى أخذه في عين الاعتبار.
* أليس الإرهاب الحالي هو نتاج فشل سياسات نظام السيسي؟
أنا أفرّق بين أمرين، وهما أعمال الثأر التي يقوم بها بعض المصريين الذين ظُلموا في السجون والمعتقلات وفي الاعتصامات. وهذه أعمال ثأرية تحدث في كافة المدن، وأفرّق بين الإرهاب الذي يحدث في سيناء، والذي تقوم به جماعات مثل "داعش" وجماعات التكفير السلفي التي تكفّر النظام الحالي وتكفّر نظام مرسي، وتكفّرنا جميعاً، والتي فجّرت مديريات أمن القاهرة والدقهلية وقتلت الجنود في سيناء.
هذا هو الإرهاب الذي أتحدث عنه، وأنا ضد خلط الأوراق واستغلال الإرهاب الذي تقوم به تلك المجموعات في ضرب المعارضين السياسيين، فيصبح الإخوان و6 إبريل، والاشتراكيون الثوريون وحزب الدستور إرهابيين. فخلط الأوراق هو نوع من العبث حينما يتعلق الأمر بمصلحة الوطن.
فالإرهاب بمعناه الذي أشرت إليه يختلف عن العبث الصبياني الخاص بضرب ضابط أو إلقاء قنابل هيكلية، والذي أنا ضده ولست معه أيضاً. ففي النهاية يجب أن نعود إلى التوافق الوطني لمواجهة الإرهاب، وهذا التوافق يحاول بعضهم منعه في الوقت الحالي.
* هل تعتقد أن هذه الجماعات مخترقة من أي من أطراف الهيمنة التي تشير إليها؟
من واقع خبرتي ومعرفتي من أيام وجودي في أفغانستان، بحكم عملي الإغاثي والإنساني، فإن التجمعات الجهادية والتكفيرية التي تستخدم السلاح هي جماعات مخترقة ومستغلة ومستثمرة. وتستثمر في تحقيق أمور عدة، أهمها تشويه الإسلام كدين، لوقف عمليات الديمقراطية والتنمية في المنطقة العربية التي تعتبر قلب العالم.
لا شك في أن الديمقراطية خطر على المصالح الغربية، والقول إن الولايات المتحدة تريد صناعة الديمقراطية في العالم العربي قول كاذب، فالولايات المتحدة ساعدت بالفعل على الديمقراطية في أميركا اللاتينية وأفريقيا، لكنها لن تساعد على تحقيق الديمقراطية في المنطقة العربية، بل ستوقِف العملية الديمقراطية، وهذا ما تفعله وما زالت.
* قلت إنه ما زال هناك أمل لحلّ الأزمة السياسية الراهنة في مصر، فهل ترى أن هناك إرادة متوفرة لدى النظام في الأساس للوصول لحل؟
إذا غابت هذه الإرادة ستستمر الأزمة، وسندفع نحن المصريين الثمن، وأرى أن هناك قدراً من الكبر والغطرسة لدى طرفي الصراع يحول دون ذلك. والحديث عن الأمل ليس كلاماً رومانسياً، ولكنني شعرت بأنه بعد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، أصبح لدى الطرفين رغبة في مراجعة أدائهم.
هذه الرغبة في المراجعة هي التي تدفعني إلى القول إن هناك أملاً، ولكننا نحتاج من النظام أن يمهّد لحالة التوافق بالمصالحة مع الشباب والطلاب، وإعادة النظر في عمليات القمع التي يقوم بها، وعمليات القتل العشوائي التي تتم، ومراجعة البيئة الأمنية في جهاز الشرطة التي جعلت ضابطاً يقتل شيماء الصباغ، وسندس رضا أبو بكر، ويطلق الرصاص من دون ضوابط لأنه متأكد من عدم محاسبته.
فمنذ أن تسلّم النظام الحالي لم يحاسب أحدا في مقتل آلاف القتلى، وسقوط آلاف الجرحى وسجن الآلاف ظلماً. كما لم تتمّ إعادة النظر في التعامل مع القوى السياسية والمجتمعية، والدولة باتت تنقضّ على الجمعيات التي تعمل في أعمال الخير والعلاج، مثل الجمعية الطبية الإسلامية التي تعالج مليوني مريض سنوياً بأسعار زهيدة، وتقوم بتأميمها تحت ادّعاء مكافحة الإرهاب، وهو كلام كاذب ومزيف. كما أن الإتيان ببعض المناصرين إلى مسرحٍ وأخذ بعض الصور معهم، كما يفعل السيسي، لا يعني أن الشعب يقف معه. فهذا ليس توافقاً حقيقياً.
* من الذي يقف وراء منع حدوث التوافق الوطني من وجهة نظرك؟
المستفيدون من ذلك يتمثلون في قوى العداء لمصر، وبعض قوى الهيمنة الدولية، وإسرائيل، فأي شيء من دوره جعل مصر وطنا قويا سيقف ضده هؤلاء، لا شك أن هؤلاء هم العدو الحقيقي، وأعتبر أن ما يحدث في سيناء، هو امتداد لعمل صهيوني إسرائيلي بالدرجة الأولى.
وأعتقد أنّ الكذابين الذين يريدون اتهام "حماس"، كل هذا الهدف منه خلط الأوراق لخدمة أهواء سياسية موجودة عند نظام الحكم الحالي، وامتداد لما كان يقوم به نظام مبارك الحقير، فهذا عمل صهيوني بالدرجة الأولى من حيث التدريب ومن حيث العتاد، فعندما يقال إن 100 فرد يضربون 11 مكانا ثم يتبخرون دون القبض على واحد فقط منهم.
* هل تتفق مع المخاوف من حالة حرب أهلية في مصر في ظل الانقسام الشديد والعنف الذي تغذيه وسائل الإعلام؟
أعتقد أن المصريين لم يدخلوا في حرب أهلية، ولم يكونوا على أبواب حرب أهلية في 30 يونيو/حزيران 2013 أو 3 يوليو/تموز 2013، كما تم الترويج لذلك. فالحرب الأهلية لها مفهوم لن يتوفر في مصر، ولكن من الممكن أن جزءاً مما يحدث في سيناء، فيه بوادر حرب أهلية، نتيجة القمع الذي يجري هناك، وجعل بعض أبناء سيناء ينضم إلى تلك التنظيمات. لست مع التهويل بحرب أهلية، وإن كنت أؤكد في نفس الوقت أن ما يحدث الآن خطر على الوطن.
* وهل تعتقد أن الإخوان في المقابل على استعداد للقبول بحوار سياسي، وهل هذا الطرح من وجهة نظرك ما زال قائماً؟
في حالة الخصومة بين أي طرفين، وأياً كان الطرف الظالم والطرف المظلوم، ليس أمام أحد إلا الدخول في مفاوضات وفي حوار. هذه هي تجارب البشرية كلها، فالجيش الأيرلندي كان جيشاً مسلحاً، لكنه دخل في مفاوضات مع الحكومة البريطانية وأنهى الصدام. في حالة مصر، يتطلّب هذا جدّية، والمسؤول من وجهة نظري في المقام الأول عن هذا، هو النظام الحاكم، القادر على الدعوة للحوار إنقاذاً للبلد.
* هل تعتقد أن هناك صراع أجهزة داخل النظام السيسي؟
يتحكّم الجيش والمؤسسة العسكرية في مصر منذ عام 1952، وتحكّم أيضاً أيام مرسي، وحتى هذه اللحظة لم تتخلّ المؤسسة العسكرية عن دورها، وأتمنى أن تتخلى عنه لمصلحة الجيش والبلد. وإذا كان هناك بعض المناوشات داخل بعض الأجهزة فلا يعني ذلك أن هناك صراع أجهزة.
ففي ظل وجود رئيس منتخب (مرسي)، ظلّت المؤسسة العسكرية هي المسيطرة والمتحكمة في الرئيس نفسه، حتى إنه لم يستطع أن يخرج في جنازة شهداء سيناء الـ 16 في أول عهده، وظلّ حبيساً في قصره، بناء على تعليمات المؤسسة العسكرية، في الوقت الذي حضر فيه القائد العام للجيش. وأؤكد أن المؤسسة العسكرية هي المسؤولة عما يحدث الآن في مصر، وعبد الفتاح السيسي أحد أعضائها.
* مؤخرا الدكتور البرادعي قال إنه تم استخدامه كستار من جانب المؤسسة العسكرية، هل تعتقد أن المؤسسة قد تتنازل عما لديها من امتيازات من أجل الوصول للديمقراطية؟
إذا استمر هذا الأداء لن يكون في البلد امتيازات لأحد، لا للمؤسسة العسكرية أو الدينية أو غيرها، وبالتالي ثقتي بالجيش المصري أنه إذا أحد قاده في الاتجاه الخطأ فلا بد أن ينتبه وأن يكون همّه العودة لأصالته وهدفه الرئيسي وهو مصلحة الوطن، وليس امتيازاته ومصالحه.
والدكتور البرادعي عندما دخل في سياق يتنافى مع أفكاره ومبادئه، فهو رجل ليبرالي كيف له أن يسمح بالانقلاب على النتائج الديمقراطية ولكن حينما انتبه اعترف بخطاه وعاد، وبالتالي هو ما يجعلنا نأمل في كل وطني شريف سواء داخل الجيش أو خارج الجيش أن ينتبه من غفلته.
فنحن في غفلة، على سبيل المثال في 11 فبراير 2011، وأنا كنت من الناس الذين كانوا في غفلة شديدة جدا وفرحنا بسقوط مبارك، ولم ننتبه أن مبارك سلم لنظامه الحكم، على الرغم من أننا كنا نهتف الشعب يريد إسقاط النظام.
* هناك بعض المتغيرات الإقليمية التي طرأت على المنطقة، وفي مقدمتها تغير النظام السعودي بوفاة الملك عبد الله وتسلّم الملك سلمان الذي قام بتغييرات واسعة، هل تعتقد أنه سيكون له تأثير على الأوضاع في مصر؟
لا شك في أن ما يحدث حولنا يؤثر علينا، سواء في السودان أو في ليبيا، وأتمنى على الملك الجديد أن يسترد عافية السياسة السعودية التي لم تدخل على مدار تاريخها في محاور، مع أطراف ضد أطراف أخرى داخل كل دولة.
* هل ترى أن هناك أملا في تصحيح العلاقات مع محور قطر وتركيا؟
دخول معركة مع قطر امتداد للعبط السياسي الذي يتسم به النظام الحالي، عيب أن تدخل مصر معركة مع دولة مثل قطر، مع احترامنا الكامل للجميع، وعيب أن يكون أحد إنجازات النظام المصري الحالي أنه أغلق قناة فضائية. وبالنسبة لتركيا فمن الغباء السياسي ألا يكون هناك علاقة قوية بين مصر وتركيا، وبين مصر والسعودية، وبين مصر وإيران، هذه دول محورية لا يتصور أي نظام حكم في مصر ألا يكون هناك علاقة قوية معها، ومن مصلحة مصر أن تكون العلاقات قوية نتجاوز فيها المماحكات السياسية التي للأسف الشديد يقودها بعض الإعلاميين ويستجيب لهم النظام الحاكم في مصر، فعندما تكون مصلحة مصر مع دولة فأنا معها وهذا لمصلحة مصر، وليس على حسابها.
* السيسي قال في أكثر من مناسبة إن مليارا و600 مليون مسلمين تاعبين العالم بالكامل كيف ترى خطابا مثل هذا؟
هذا من المفاهيم الخاطئة عند السيسي، فأن يخرج ويقول ذلك، فهل هؤلاء المسلمون هم من فجّروا قنابل هيروشيما وناجازاكي في اليابان، وهل هم من ارتكبوا مجازر في أوروبا وقادوا الحربين العالمية الأولى والثانية، وهل هم من قادوا عمليات الاستعمار في دول العالم الثالث.
عندما يقول السيسي هذا الكلام فهذا يدل على عدم وعي، أما أن تتحدث عن التنظيمات الإرهابية، فهي في الأساس ليست لها علاقة بالدين الإسلامي، فهي موجودة في العالم كله سواء من اتشح منها بوشاح الإسلام أو المسيحية، وهل التنظيمات الإرهابية التي يقصدها هي الأقوى أم ما يقوم به نتنياهو وضربه للفلسطينيين في غزة، وضربه للبنانيين، هل المسلمون هم من احتلوا أرض ألبانيا وطردوا أهلها، وهذا لا يعني أننا لا نتكلم عن عيوبنا وأخطائنا ولكن نضعها في حجمها الطبيعي ولكن أن نحوّل مليارا و600 مليون إلى أن يكونوا "تاعبين" العالم كله كيف هذا، فما يقوله السيسي استدعاء لمقولات استعداء الغرب للمسلمين دون أن يقصد، فهو بذلك يستدعي عداء العالم للمسلمين، على الرغم من أن الغرب هم من يعتدون علينا وينهبون ثروتنا، ويعتدون على مقدستنا بدعم المستعمر الصهيوني.
* في ما يتعلق بأزمة سيناء الآن كيف ترى أساليب حل المشكلة؟
للأسف الحديث عن سيناء كلام لا يتم تنفيذه، فالرئيس يتحدث ولا يتم تنفيذ الأمر على الأرض. لا توجد تنمية في سيناء، لا بل إن أحد موانع الاستثمار في سيناء، هو القانون الخاص بالاستثمار هناك، كما أن معاملة أهل سيناء معاملة تمييزية، تُعدّ أحد الأسباب المؤدية إلى الإرهاب. فمن حق أهل سيناء تملّك أراضيهم، وعملية التعامل معهم على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، هي عملية خطرة على البلاد. ويجب تحصين أجهزة المعلومات التي أثبتت فشلها في سيناء.
فأين هي هذه الأجهزة من هذا الكمّ من العمليات التي جرت هناك؟ فجهاز الأمن الناجح هو الذي يمنع الجرائم ولا يحمل نعوش أولادنا. ما يحدث في سيناء الآن هو دفع لأبنائها للانضمام إلى "داعش" بالعدوان عليهم والاعتقالات العشوائية، فالسيسي يقول كلاماً جيداً بمطالبة قواته بعدم ظلم المواطنين، ولكن الواقع غير ذلك. للأسف إن الدولة بسوء إدارتها الأمنية تصنع الإرهاب في مصر وتوجِد له بيئة حاضنة.