"وسط البلد" في مواجهة شبح الشيخوخة

02 يناير 2020
لا تستطيع مواكبة تغيّرات المشهد الغنائي المصري (فيسبوك)
+ الخط -
عادت فرقة "وسط البلد" المصرية إلى الساحة بأغنية منفردة جديدة بعنوان "تلاميذنا"، وذلك بعد إصدار أغنيتين قبلها، هما "أورا أورا أورا" بمناسبة كأس العالم لكرة القدم عام 2018، وأغنية "إنت حد" في إبريل/ نيسان 2019. أما آخر ألبوم للفرقة فكان "بنطلوني الجينز" عام 2017. لعلّ القاسم المشترك بين كل هذه الأعمال (الأغاني المنفردة أو الألبوم) هي محاولة الاقتراب من المشهد الغنائي الحالي، أي تصوير الأغاني ونشرها على "يوتيوب" لتحقق نسب مشاهد متوسطة. فماذا عن تجربة "تلاميذنا"؟

كتب كلمات الأغنية الجديدة حازم ويفي ــ الشاعر الأكثر كتابة لفرقة وسط البلد منذ انطلاقتها عام 1999 ــ وقد سبق أن وردت القصيدة المكتوبة باللغة العامية في ديوانه الأخير "حارة وحيطة وعربية"، المستوحى من الشارع، من الكلام المكتوب على الجدران والعربات واليافطات.

مع هذه الأغنية، تستكمل "وسط البلد" محاولاتها الحثيثة منذ عام 2018 للوصول إلى الموجة الجديدة الشبابية بكل الطرق الممكنة. يطارد الفرقة شبح الشيخوخة، تماماً كما تقول أغنيتها الجديدة "تلاميذنا افتكرونا عجزنا". لكن محاولة كسر هالة الشيخوخة هذه أخرجت لنا خلطة غريبة وركيكة، فتجمع الأغنية بشكل عجيب بين أضداد موسيقية أو سمعية: الغناء الشعبي، ثمّ غناء أدهم السعيد العائد إلى الفرقة بالفصحى، ثمّ الراب (الموضة الأكثر نجاحاً حالياً على الساحة الموسيقية) ثم استخدام موسيقى إلكترونية، فالأوتوتيون، فكلمات شعبية من الشارع.
قد تعتبر الأغنية تجريبية، لكنها تجربة ليست موفّقة. مثلاً، يغني هاني عادل (نجم الفرقة) الشعبي، وهو ما يبدو مزعجاً وغير مقنع نظراً إلى أن أداءه غربي، لا يتناسب مع الغناء الشعبي المصري. أما اللحن، فغير واضح الملامح بسبب زحمة الأنماط الموسيقية.




ببساطة، فإن فرقة "وسط البلد" مستمرة في خسارة جمهورها القديم، وغير قادرة على اكتساب جمهور جديد من الأجيال الأصغر الصاعدة والتي يستحوذ عليها الراب والمهرجانات. من الإشارات التي توضح أيضاً عدم الإتقان في العمل، عند البحث على كلمة "تلاميذنا" على "يوتيوب"، تظهر أغنية بالاسم نفسه للفنان الشعبي ياسر رماح التي صدرت عام 2015، ويتطابق مطلعها مع مطلع أغنية "وسط البلد"، أي عبارة "تلاميذنا افتكرونا عجزنا". هل هذا التشابه مجرد كسل من الفرقة المصرية الشهيرة التي لم تبحث حتى عما إذا كان الكلام سبق واستهلك؟ أم محاولة قطف نجاح الأغاني الشعبية التي سبق أن صدرت؟

المهمة صعبة بكل تأكيد على "وسط البلد"، خصوصاً في ظل تغيُّر المشهد الموسيقي المصري بشكل شبه كامل، لكن الأكيد أن تقديم شيء من روح وشكل الفرقة سيكون أنجح من محاولة مجاراة السوق بالأفراد أنفسهم وبالعقليات نفسها. وهو ما ينطبق على بقيّة الفرق التي عرفت بشكل أو بآخر كيف تحافظ على جمهورها ووجودها رغم كل ما شهدته الساحة المصرية سياسياً وفنياً. نذكر هنا مثلاً فرقة "نغم مصري"، التي تختفي وتعود بحفلات ناجحة، وحتى الفرق الأكثر شباباً، التي ظهرت قبل ثورة 25 يناير بقليل، مثل "كايروكي"، و"مسار إجباري".
دلالات
المساهمون