أما أميركا دونالد ترامب، اليوم، فقد قتلت "عملية السلام"، وتخلّت عن دور الوسيط.
هذا ما يخلص إليه كاتب الرأي في صحيفة "واشنطن بوست"، ديفيد إغناتيوس، مشيراً إلى أنّ الولايات المتحدة، وتحت رئاسة ترامب، تخلّت عن دور الوساطة للآخرين، موضحاً أنّ فكرة ترامب عن أي خطة سلام تقوم على "أقصى قدر من الضغط".
ووصف إغناتيوس، في مقاله المنشور الثلاثاء، هذه الفكرة بأنّها "لا شك خاطئة"، لافتاً إلى أنّ "ترامب يعتقد أنّ بإمكانه ضرب الفلسطينيين (أو الإيرانيين) بالهراوة إلى صنع السلام بشروطه، بعد تجريدهم من المال والغذاء والرعاية الطبية وغيرها من أساسيات الحياة".
وتساءل الكاتب "بينما ننظر هذا الأسبوع إلى الصور القديمة لرؤساء الولايات المتحدة المبتهجين بتوسطهم بين الأعداء، ماذا كان يحدث في الشرق الأوسط اليوم؟"، مشيراً إلى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان يعقد اتفاقاً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتفادي كارثة في سورية".
ولفت إلى أنّ "روسيا الطفل المتنمر في الشرق الأوسط، لطالما كانت مصدر إزعاج للولايات المتحدة"، لكنّها تُعتبر اليوم قوة إقليمية مهيمنة، تتوسط في صفقات سلام، وقد تمثّل مشكلة أكثر خطورة"، أما أميركا، يتابع الكاتب، "فلا تبدو لاعباً أساسياً لا غنى عنه هذه الأيام، إذا كنت مصرياً أو فلسطينياً أو سورياً، أو حتى سعودياً أو إماراتياً أو عراقياً".
— David Ignatius (@IgnatiusPost) September 19, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— David Ignatius (@IgnatiusPost) September 19, 2018
|
وواصل الكاتب انتقاده لرؤية ترامب، قائلاً "لو كانت فكرة ترامب (أقصى قدر من الضغط) لتجلب السلام، لكان الإسرائيليون دفعوا الفلسطينيين نحو ذلك منذ عقود"، مشدداً على أنّه "اتضح في الحقيقة أنّه كلما أصبح الناس أكثر فقراً مادياً، فإنّهم يتشبثون بكرامتهم وغالباً ما يصبحون أقل تنازلاً".
وأسف إغناتيوس، لأنّ "الذكرى السنوية لمحطتي السلام هاتين، في سبتمبر/أيلول، تجبرنا على الركون للاعتقاد، كما يشير الواقع، إلى أنّ جهود جيل من الأميركيين والإسرائيليين والعرب لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وصلت إلى حد كبير، لنتيجة: صفر".
ورأى أنّ "عملية السلام، كما عرفناها، قد ماتت"، آسفاً لأنّ "الحديث عن حقوق الفلسطينيين هذه الأيام، بات عرضة للاحتقار، أو مجرد باعث على التثاؤب"، معتبراً أنّه "حتى العرب تعبوا من مطالبهم العنيدة".
وقدّر إغناتيوس، بأنّ "الفلسطينيين هم من أكبر الخاسرين في التاريخ الحديث"، ذاكراً أنّه "كصحافي غطّى قضايا الشرق الأوسط في السنوات التي كان فيها السلام الإسرائيلي الفلسطيني هاجساً دبلوماسياً، لديّ ذكريات كثيرة عن مدى انحسار السلام، حتى مع تقدّم الوساطة الأميركية".
واستذكر الكاتب أسبوعاً عاشه في مدينة حلحول بمحافظة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، عام 1982، مشيراً إلى أنّ ما علق في ذاكرته هو "مدى تمسّك الفلسطينيين بأرضهم، ومدى تضايقهم من المستوطنات الإسرائيلية التي تنتشر حولهم، وتحول بينهم وبين كروم العنب الغالية على قلوبهم".
وقال إغناتيوس، إنّ "رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، تحدّث معي مرات عديدة خلال تلك السنوات، عن رغبته التواصل مع الولايات المتحدة. أما إسرائيل، فليس كثيراً"، مضيفاً أنّ عرفات "سمح لمدير المخابرات الرئيسي لديه، بالحفاظ على اتصال سري مع وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه)، حتى بينما كان يحاول قتل الإسرائيليين"، بحسب الكاتب.
وأكد أنّ "عرفات أراد التوصل إلى اتفاق سلام، طالما أنّه يستطيع الصمود من أجل اتفاق أفضل"، مشدداً على أنّ "الفلسطينيين يستحقون الأفضل".
واستشهد إغناتيوس بقول مارتن إنديك سفير كلينتون لدى إسرائيل، ومبعوث الرئيس باراك أوباما للسلام، إنّ "السلام الذي عملت عليه لمدة 35 سنة لن يتحقق في حياتنا، لكنه سيتحقق في النهاية... لأنّه لا سبيل آخر".
وختم إغناتيوس بالقول "هذا هو إيمان صانعي السلام الأميركيين المستديمين، وربما مصيرهم الفاشل، فيما الأمل بأن يكون النجاح حليف خلفائهم"، مشدداً على أنّ "القوة الأميركية يجب أن تبقى متشابكة مع التطلع نحول عالم أفضل".