"هيومن رايتس" تطالب الأمم المتحدة بإدانة الانتهاكات المتزايدة بمصر

04 نوفمبر 2014
حملة قمعية لاحتواء الحركة الحقوقية في مصر (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -


طالبت، منظمة "هيومن رايتس ووتش"، غير الحكومية، اليوم الثلاثاء من وصفتهم حلفاء مصر بـ"استغلال استعراض البلاد أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، لإدانة أعظم تدهور تشهده حقوق الإنسان في تاريخ مصر الحديث في ظل الرئيس عبد الفتاح السيسي"، ودعت "الولايات المتحدة وغيرها من حلفاء مصر إلى إدانة التهديدات بإغلاق أبرز المنظمات غير الحكومية في البلاد".

وأكدت المنظمة الحقوقية في بيان من مكتبها في جنيف، أنه "يتعين على الدول الأعضاء أيضاً استغلال الاستعراض الدوري الشامل للوضع الحقوقي في مصر للضغط عليها، لإلغاء قانون من شأنه فعلياً حظر التظاهر السلمي، والإفراج عن آلاف الأشخاص المحتجزين لمجرد التعبير عن آراء سياسية".

ولفت البيان إلى أن "الحكومة المصرية قد حددت العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني موعداً نهائياً لتسجيل جميع المنظمات غير الحكومية، بموجب قانون شديد التقييد يرجع إلى عام 2002، أو مواجهة اتهامات جنائية".

وقال القائم بأعمال مدير مكتب جنيف في "هيومن رايتس ووتش"، فيليب دام، "لقد أخفقت واشنطن ولندن وباريس وعواصم أخرى في مواجهة انقلاب مصر الدرامي على حقوق الإنسان، وعليها أن توضح أن إسكات الجمعيات المستقلة سيضر بعلاقات مصر مع حلفائها".

وتشير المنظمة إلى أنه وفي غياب برلمان منتخب، قام السيسي بتعديل قانون العقوبات بمرسوم صادر في 21 سبتمبر/أيلول 2014، يغلظ العقوبة على تلقي تمويل أجنبي بقصد "ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية" إلى السجن المؤبد وغرامة قدرها 500 ألف جنيه مصري (ما يعادل 70 ألف دولار أميركي)، واحتمال الإعدام إذا كان متلقي التمويل موظفاً عاماً.

وقالت إن "النشطاء الحقوقيين المصريين الذين كانت تسمح لهم حتى الحكومات السلطوية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك بالعمل، يخشون أن تستغل السلطات هذا النص غامض الصياغة، لملاحقتهم وإغلاق منظماتهم، التي يتلقى معظمها تمويلاً من الخارج".

وأشارت إلى وجود تهديد بالملاحقة الجنائية لعدد من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، مما دفعهم إلى مغادرة البلاد، وقال بعضهم لـ"هيومن رايتس ووتش"، وفقاً للبيان، إن "مصادر مقربة من أجهزة الاستخبارات المصرية والنيابة العامة أبلغتهم أن السلطات أعدت تصاريح للقبض عليهم"، وأضافوا أنهم "تلقوا مكالمات هاتفية تنذرهم للتسجيل بموجب قانون سنة 2002، كما تلقى آخرون تهديدات بالعنف البدني".

ونقلت المنظمة عن أحد الأشخاص قوله إنه في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2014 وبعد ساعات من العودة من اجتماع للمناصرة في بلد أوروبي، عثر على رسالة مكتوبة فوق زجاج سيارته الأمامي تقول: "إنك ستموت اليوم"، مضيفاً أنه "اشتكى للشرطة التي لم تحرك ساكناً، وبعد أن غادر البلاد في رحلة أخرى، اتصل به ضابط من جهاز الأمن الوطني المصري وقال إنه يريد التحدث معه عند عودته".

وأوضح أن "ما نراه الآن هو حملة قمعية غير مسبوقة لاحتواء الحركة الحقوقية في مصر، وتصفية حركة حقوق الإنسان، ووضع الجميع تحت السيطرة المباشرة للدولة"، لافتاً إلى أن "أي مدافع عن حقوق الإنسان يبقى في البلاد ويتحدى النظام ويكشف الانتهاكات، سيصبح تحت التهديد".

وتعتقد منظمة "هيومن رايتس واتش" أن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد فوّت عدة فرص لإرسال رسالة جماعية قوية تحتج على الانتهاكات الجسيمة للحقوق في مصر، وتسبب تردد البعثات الغربية وغيرها في توصيل رسالة تفيد بأن حقوق الإنسان ليست ضمن الأولويات، مسايرة لرغبة إدارة السيسي، في عودة الأمور إلى سابق عهدها.

وبموجب عملية الاستعراض الدوري الشامل، تخضع الدولة العضو في الأمم المتحدة لتقييم سجلها الحقوقي كل 4 سنوات. وقد قام مجلس حقوق الإنسان باستعراضه الأخير لمصر في 2010، وينتظر أن يتبنى تقريره الجديد عن مصر في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2014.

ويعد هذا الاستعراض هو الأول منذ الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير 2011، كما يأتي في توقيت حرج بالنسبة لحماية الحريات الأساسية التي تآكلت على مدار السنوات الثلاث السابقة بحسب "هيومن رايتس ووتش".

ومنذ عزل الرئيس محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطياً في مصر، في يوليو/تموز 2013 بقيادة السيسي، فرضت السلطات المصرية قيوداً مشددة على أي مجال متاح للمعارضة تقريباً، واعتقلت السلطات آلاف الأشخاص لمجرد الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تضم مرسي، علاوة على نشطاء علمانيين ويساريين.

واستند بيان المنظمة إلى سجلات السلطات المصرية التي اعترفت هي نفسها، باعتقال ما لا يقل عن 22 ألف شخص منذ انقلاب يوليو/تموز 2013. أما المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي وثق الاعتقالات بالاسم والتاريخ، فقد أحصى 41 ألف معتقل.

وتشير "هيومن رايتس واتش"، إلى أن "الشرطة المصرية اعتقلت الكثيرين لمجرد الانتماء المزعوم أو التعاطف مع الإخوان المسلمين، وهم أكبر جماعات المعارضة في البلاد وأفضلها تنظيماً".

وقالت جماعة الإخوان للمنظمة إن "السلطات اعتقلت في تقديرهم نحو 29 ألف شخص، للاشتباه في ارتباطهم بالإخوان". كما اعتقلت الشرطة، وفق البيان، المئات من الآخرين لمخالفة قانون صادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 يجرم التجمعات المكونة من 10 أشخاص أو أكثر من دون موافقة مسبقة من السلطات، ويسمح لوزارة الداخلية بحظر المظاهرات بإرادتها المنفردة، وتفريق المظاهرات غير الحاصلة على تصريح بالقوة.

وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول 2014 حكمت إحدى محاكم القاهرة على 23 شخصاً بالسجن لمدة 3 سنوات لمظاهرة سلمية في 21 يونيو/حزيران كانت تتحدى ذلك القانون، وكانت بين المحكوم عليهم، يارا سلام، الباحثة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إحدى المنظمات الحقوقية البارزة.

وفي مناخ البلاد شديد الاستقطاب، مع تصنيف الحكومة لأي معارضة على أنها تهديد للأمن القومي، أخفق القضاء والنيابة في أحيان كثيرة في تعزيز معايير سلامة الإجراءات، فقد دأب القضاة على قبول أوامر الحبس الاحتياطي التي تقدمها النيابة من دون أدلة تذكر، وفي عدة مناسبات قام أفراد النيابة بإحالة قضايا تتضمن مدنيين إلى المحاكم العسكرية.

ولم تقم الحكومة بمحاسبة قوات الأمن على قتل ما يزيد على ألف متظاهر من معارضي عزل مرسي في يوليو/تموز أو أغسطس/آب 2013، في أسوأ عملية قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث.

وينتظر أن تعلن اللجنة الرسمية لتقصي حقائق 30 يونيو/حزيران المنسوبة إلى يوم تحرك المظاهرات الشعبية ضد مرسي في 2013 عن نتائجها على دفعتين، في 5 ثم في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بحسب تقرير لوكالة أنباء "الشرق الأوسط" المصرية الرسمية.

وتساءل فيليب دام: "كم من المدافعين عن حقوق الإنسان يتعين عليهم مغادرة البلاد أو الاستسلام للصمت حتى يقوم مجلس حقوق الإنسان بتنبيه مصر إلى ضرورة وقف هذه الحملة القمعية؟"، مؤكداً أنه "على الدول التي تقول إنها ملتزمة بحقوق الإنسان أن تحاسب مصر، وأن تمارس رقابة أشد بعد انتهاء الاستعراض الدوري".