"هواجس عابرة" للبطء والملل

28 ابريل 2018
لقطة من العمل (فيسبوك)
+ الخط -
تسبّبت الأعمال السورية التي لم تستطع المشاركة في السباق الرمضاني الموسم الفائت بحالة من الجدل، فرجّح بعضهم الأمر إلى الضغط الكبير على المحطات وعدم استيعابها لتلك الأعمال، وآخرون أعادوه إلى عدم رغبة المحطات بعرض تلك الأعمال بداعي تسييس الدراما السورية في الفترة الأخيرة، كما أرجعه بعضهم إلى نظرية المؤامرة لإضعاف الدراما السورية! وإلى اليوم، لا يزال بعض تلك الأعمال معلقة من دون رغبة أي قناة بشرائها، وبعض تلك الأعمال استطاعت شق طريقها نحو القنوات الخاصة بعد انتهاء الموسم الرمضاني، كمسلسل "هواجس عابرة" الذي يُعرض حاليا على قناة "بي إن دراما".
سبق عرض المسلسل تصريحات نارية لمخرجه، مهند قطيش، الذي نسف تاريخ الكوميديا السورية، وصرح بأن ما يقدمه هو نقلة نوعية في الكوميديا السورية، وقال: "المشاهد ملّ من كوميديا التهريج والمبالغة، وهو بحاجة إلى الكوميديا المحترمة". إلا أن ما قدمه قطيش في "هواجس عابرة" لا يرتقي إلى الكوميديا أصلاً، فالعمل عبارة عن تهريج وافتعال في محاولة لإضحاك المشاهد، بمرافقه موسيقية متواضعة. كثيرة هي الأسباب التي تجعل "هواجس عابرة" أحد أسوأ الأعمال الكوميدية التي قدمتها الدراما السورية:

أغلب مشاهد العمل تصور على طريقة سيت كوم، وتدور أحداثه في مبنى يتضمن الطابق الأول منه محلات تجارية نتعرف فيها إلى العديد من الشخصيات، أما الطابق الثاني فهو شقة سكنية يقطنها زوجان. يتمحور العمل حول غيرة الزوج المرضية على زوجته ومحاولة عزلها عن محيطها. ورغم أن قطيش يعنون كل حلقة بشكل منفصل، ليوحي بأن لها موضوعاً محدداً، إلا أن الأحداث في معظم الحلقات لا ترتقي لتشكل لوحات، فهي تعاني بطئاً في الإيقاع وعقماً في الأفكار، وفي الوقت ذاته لا يحوي المسلسل قصة متكاملة من الممكن أن تحفز المشاهدين على الاستمرار بمتابعة العمل للنهاية.


لكل شخصية في المسلسل سمة واحدة فقط، تحاول أن تبرزها طيلة الوقت من دون أن تعيش أي صراع. فالشخصيات لا ترتقي لأن تكون أنماطاً كوميدية وليس لها ملامح ممكن أن تشكل أي عنصر جذب للجمهور، ولم يتمكن النجوم الذين شاركوا في العمل بإضافة أي شيء يذكر لهذه الشخصية المحدودة. حتى أنه من الممكن أن نعتبر أن شخصية "أروى" التي تجسدها كاريس بشار هي أسوأ شخصية تمثلها عبر مسيرتها.


تفاخر قطيش في تصريحاته بالرؤية البصرية الجديدة التي يقوم بتقديمها في هذا العمل، والتي تشكل بحسب تعبيره العامل الأساسي الأول في جذب المشاهد، ولكن في الواقع فإن المسلسل يعاني من بدائية تقنية، فيلجأ قطيش لموسيقى تصويرية مكررة، عزفت عنها الكوميديا السورية منذ بداية الألفية، كما أنه يستخدم تقنيات كالـ"سلو موشين" والتسريع والتبطيء، ويحسب نفسه بأنه يعيد اكتشاف تقنيات الكاميرا! ربما الشيء الوحيد الذي أضافه قطيش في مسلسله من الناحية التقنية، هو الطريقة التي قام بها بتصوير شارة العمل، حيث صورها على طريقة الفيديو كليب، يحاول فيه الممثلون الإيحاء للمشاهدين بأنهم هم من يؤدون الأغنية، والحقيقة أن أصوات الممثلين لم توضع على الشارة وإنما استعان المخرج بمغنين احترافيين في محاولة لجذب الجمهور.
المساهمون