"نيويورك تايمز": هكذا يُمنح أنصار ترامب أولوية على الآخرين خلال أزمة كورونا

07 مايو 2020
كوشنر شكّل فريقه خلال الأزمة بتكليف من ترامب (Getty)
+ الخط -
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، في تحقيق استقصائي لها، عن معاملة تفضيلية وسوء إدارة يرقيان إلى حد الفساد، لدى فريق من "المتطوعين" شكّله جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بتكليف مباشر من هذا الأخير، بغرض سدّ العجز في المعدّات الوقائية وأجهزة التنفس اللازمة لمكافحة وباء فيروس كورونا المتفشي في البلاد بنسب قياسية.


وتسرد الصحيفة أنّ طبيبًا من ساوث كارولاينا، يملك شبكة علاقات واسعة مع مصنّعي الكمامات الواقية في الصين وغيرها، تواصل مع إدارة الطوارئ الفيدرالية عارضًا مساعدته، وبدلًا من من أن تستجيب الأخيرة لطلبه، عمدت إلى تحويل المعلومات التي قدّمها إلى فريق من نحو 12 "متطوّعًا" شابًّا، تم توظيفهم من قبل كوشنر، وأشرف عليهم مساعد سابق لزوجته، إيفانكا ترامب.

وأوضحت الصحيفة أن أعضاء الفريق المذكور كانوا معدومي الخبرة تقريبًا بمقاييس المشتريات الحكومية، وبالتعاطي مع المعدّات الطبية، فضلًا عن مسؤولهم المباشر، كوشنر. نقص الخبرة هذا، وعدم القدرة على تحديد الصفقة الأمثل، أفضيا في إحدى الحالات، وفق معلومات الصحيفة، إلى التعاقد مع مصنّع في وادي السليكون لتوفير ألف جهاز تنفس مقابل 69 مليون دولار، وهو ما لم يحصل حتى اللحظة، في حين لا يزال المسؤولون يحاولون استعادة الأموال.

غير أن الأخطر من ذلك، وفق الصحيفة، هو أن أعضاء الفريق أُبلغوا بمنح الأولوية في المعاملات لحلفاء الرئيس ترامب، وفق جدول بيانات أطلق عليه اسم "تحديث كبار الشخصيات"، وكان من بين هؤلاء، بحسب وثائق ورسائل بريد إلكتروني اطلعت عليها "نيويورك تايمز"، أعضاء جمهوريون في الكونغرس.
وتسرد الصحيفة عدّة وقائع سجّلت فيها معاملة تفضيلية حتى لمناصري ترامب، من ضمنها، مثلًا، أن طبيب أسنان من بنسلفانيا، كان قد ظهر مرة في تجمع انتخابي لترامب، ذكر اسم الرئيس حينما كان يحثّ أعضاء الفريق على شراء وحدات اختبار من مساعديه.


وفي حالة أخرى، كما تستطرد الصحيفة، لجأت المذيعة في "فوكس نيوز"، جانين بيرو، وهي مناصرة متعصّبة لترامب، إلى التواصل مع أعضاء فريق كوشنر ومسؤولين في وكالة الطوارئ حيث تم إرسال 100 ألف قناع إلى مستشفى كانت تفضّله.

على النحو ذاته أيضًا، تذكر الصحيفة أنه حينما راسلت تانيا غوريتز، التي تدير الآن جمعية "نساء من أجل ترامب"، الفريق المذكور تطلب أقنعة واقية، تمّت جدولة طلبها ضمن طلبات كبار أعيان ترامب لدى 3 وكالات فيدرالية، بما في ذلك لدى أكبر مسؤولي ترامب بشأن حالة التأهب الصحية العامة، روبرت كادليك.

ويضيف هذا الكشف مزيدًا من الجدل حول شخصيّة كوشنر وحدود أدواره وصلاحياته داخل الإدارة الأميركية، إذ يمسك هذا الأخير بمعظم الملفّات الحساسة داخل الإدارة الأميركية، وأهمّها ملف السلام في الشرق الأوسط. إلّا أن ظهوره ضمن فريق الأزمة الوبائيّة بالذات كان قد أثار استياءً في الأوساط الأميركية، كما كتبت صحيفة "واشنطن بوست" الشهر الماضي، عازية ذلك إلى "افتقاره الواضح للمؤهلات".
وكانت كاتبة العمود في صحيفة "نيويورك تايمز"، ميشيل غولدبرغ، قد عبّرت عن حالة الاستياء تلك في مقالة رأي لاذعة بعنوان "جاريد كوشنر سيقتلنا جميعاً"، وصفت فيها دور كوشنر الحالي بأنه "تميُّز تم رفعه إلى مستوى الاعتلال الاجتماعي". وكتبت غولدبرغ: "لقد نجح كوشنر في ثلاثة أشياء بالضبط في حياته، لقد ولد لوالدين مناسبين، وتزوج جيدًا، وتعلم كيفية التأثير على والد زوجته. معظم مساعيه الأخرى - أكبر صفقة عقارية، وتورطه في ملكية الصحف، ومحاولته التوسط في اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين - كانت فاشلة".
غير أن حالة الفريق الذي يديره كوشنر لتوفير الاحتياجات الطبية، كما يستخلص تحقيق "نيويورك تايمز"، تقدّم نموذجًا لفهم أسلوب ترامب في الحكم إجمالًا، حيث يتم تغليب العلاقات الشخصية والولاءات على الخبرات الحكومية، بينما تثمّن المصالح الخاصة وتمنح مزايا استثنائية ومعاملة مختلفة. وتنقل الصحيفة عن نائب مدير وكالة الطوارئ الفيدرالية السابق، تيم مانينغ، قوله في هذا الإطار: "هناك مقولة قديمة في إدارة الطوارئ: الكوارث هي الوقت غير المناسب لتبادل الكروت التجارية".