"مهرجان بيروت للسينما": استمرارية ملتبسة

26 سبتمبر 2016
(من فيلم الافتتاح "الفتاة في القطار")
+ الخط -

يحاول "مهرجان بيروت الدولي للسينما"، في دورته السادسة عشرة، التي تُقام في العاصمة اللبنانية بين الخامس والثالث عشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، تأكيد مكانةٍ ثقافية له، في المشهد المحلّي والإقليمي، كونه لا يزال ملتزماً بهذه المنطقة في مسابقاته الرسمية الثلاث؛ الروائية الطويلة والروائية القصيرة والوثائقية، التي تغيب عنها، في الدورة الجديدة، مسابقة الأفلام الطويلة (من دون توضيح رسمي للسبب)، وفي مقارباته أحوال الفن السابع في جغرافيا تنبض، وإن بتفاوت ملحوظ في المستويات والكمّية، بغنى متنوّع في أمور العيش والانفعال.

فالمهرجان، الموسوم بارتباكاتٍ كثيرة سابقة، مُصرٌّ على خوض مغامرة البحث عن معنى آخر للصورة السينمائية، في مدينة متوسّطية لا تزال تعثر على منافذ لها تأخذها إلى الثقافة والفنون. ومنظّمو المهرجان يُدركون أن حضوراً يبلغ ستة عشر دورة لم يعد مجرّد نشاط عابر، بل أضحى حيّزاً لتبادلٍ يُفترض به أن ينمو ويتبلور وينضج، لتفعيل حوار يتّخذ من السينما شكلاً من أشكال النقاش، إلى جانب المُتع البصرية المختلفة.

ورغم أن كلَّ مراجعة نقدية لدورات كثيرة سابقة تكشف، من بين أمورٍ عديدة، تشابهاً في التنظيم، والاضطراب وعشوائية الاختيارات، وانعدام أي منطقٍ في تشكيل لجان التحكيم؛ إلاّ أن بعض الإيجابيات تتيح تعاطياً مختلفاً مع مهرجان يملك اسم مدينة، تزخر ـ على الأقلّ في الأعوام المنبثقة من النهاية الملتبسة للحرب الأهلية (1975 ـ 1990) ـ بنتاجات مرتكزة على جماليات اللغة البصرية، وعلى سجالٍ مفتوحٍ مع الأسئلة كلّها.

إيجابيات تقول، أولاً، بإصرارٍ على تنظيم دورات سنوية، رغم الظروف الخاصّة بالمهرجان نفسه، وهي ظروف معروفة لشدّة تبيانها في قراءات نقدية سابقة، أبرزها عدم وضوح هويته وأهدافه العملية ومعنى إقامته. وتقول، ثانياً، بتطورٍ ما في اختيارات موفّقة لأفلام لها صدى دولي. وتقول، ثالثاً، بعدم محاصرة متابعيه بأفلام شرق أوسطية، فإذا بالبانوراما الدولية تتحوّل إلى إطلالة جميلة على بعض أبرز العناوين المنتجة حديثاً.

والإيجابيات، إذ تُشكّل مدخلاً لمتابعة وقائع الدورة الجديدة، تساهم في إيجاد حوافز، ولو قليلة، لحضور أيامها، ومشاهدة أفلامها (أو بعضها على الأقلّ). وهذا كافٍ، لأن المهرجان لن يكون أكثر من واجهة سينمائية لأفلام ينتقل بعضها الأول إلى الصالات المحلية لاحقاً، ويعود بعضها الثاني إلى دياره وانتشاره العالمي، ويبقى بعضها الثالث في غياهب النسيان.

وإذ يرى نقادٌ وسينمائيون أن واجهة أيّ مهرجان سينمائيّ تنبثق من خياراته السينمائية للأفلام، فإن آلية تشكيل لجان التحكيم لن تكون أقلّ أهمية، إذ تقول، هي أيضاً، شيئاً عن صورة المهرجان ومعناه وسماته. فلـ "مهرجان بيروت الدولي للسينما" مسابقتان اثنتان ولجنة تحكيم واحدة مؤلّفة من ثلاثة أشخاص: الممثل والمخرج كارلوس شاهين، ومديرة الاتصال والإعلام في "الهيئة الملكية الأردنية للأفلام" ندى دوماني، والصحافي بيار أبي صعب.

يُقيم المهرجان دورة جديدة، ستكون متابعة وقائعه اليومية الركيزة الأساسية لكلّ نقاش نقدي لاحق.

المساهمون