"مهرجان المسرح العربي"... سورية غائبة عن الخشبة

18 يناير 2019
من فعاليا المهرجان العربي للمسرح (فيسبوك)
+ الخط -
منذ بداية انطلاقها عام 2008، تعمل الهيئة العربية للمسرح على جذب الأعمال الثقافية على نطاق عربي واسع، واحتوائها كافة الأعمال والنصوص المسرحية لفرق شبابية من مختلف البلدان العربية، تتيح لهم نشر إبداعاتهم ونشاطاتهم وفسح المجال لإظهار كينوناتهم الفكرية، عبر تنظيم مسابقات تحفيزية تنموية تتوجها فعاليات فنية تقام مرة كل عام، تحت عنوان "اليوم العربي للمسرح" لدعم المهرجانات المسرحية المحلية والعربية. إلى جانب تلك المسابقات، وتنفيذاً لأحد أهدافها الأساسية، تقوم الهيئة بتنظيم مهرجانات وطنية مسرحية في البلدان العربية التي تشهد ركوداً فنياً، سببه إما الأوضاع السياسية الراهنة، أو عدم توفر الإمكانات المادّية والمعنوية، بهدف إحياء وإنعاش الإبداع الفني المحلي من جهة، وتوثيق العلاقات الثقافية ومدّ جسورها، في محاولة للمّ شمل المسرحيين على المستوى الإقليمي من جهة أخرى.
تصدرت مصر وتونس خلال إحدى عشرة دورة قائمة تلك المهرجانات  من حيث الاستضافة، يليهما كل من المغرب والجزائر والكويت والبحرين والأردن وفلسطين ولبنان واليمن. أمام غياب دول عربية أخرى، وعلى رأسها سورية، التي لا تقل شأناً من حيث تاريخها الثقافي العريق ومسارحها التي استقطبت مسرحيين وفنانين عرباً لهم بصمتهم البارزة على جبين الثقافة العربية. عُرِف عن دمشق دورها الرائد في مجالات المسرح والفنون، كما يعود الفضل إليها في انتشار الحركة المسرحية، التي بدأت على يد مارون النقاش، ثم الراحل أبو خليل القباني أول مؤسس لمسرح عربي عام 1871، فُتِحَت على يده نافذة الفنون المسرحية على مصراعيها، لتنتشر في مصر وكافة الدول العربية بعد وفاته. ليجيء من بعده أسماء أثرت الفن المسرحي السوري وأطلقت العنان لخشبته، أمثال إسكندر فرح، ومصطفى الحلّاج، ورفيق الصبّان، وفواز الساجر، وسعد الله ونوس، وممدوح عدوان ووليد إخلاصي. ليكون نقطة جذب لكثير من المسرحيين العرب على مدار قرن ونصف من الزمن.



رصدت الحركة الثقافية السورية خلال العقدين الأخيرين لها حضوراً عربياً طفيفاً، قبل بدء الثورة في 2011، وخصوصاً بعد تلاشي آثار الحرب العراقية الكويتية تسعينيات القرن العشرين، التي كان لها الأثر الكبير في توتر العلاقات الثقافية بينها وبين بقية البلدان العربية. حدث هذا كله بعدما كانت سورية الحاضن الأكبر للمسرح العربي بفعالياتها ومهرجاناتها الثقافية؛ إذ لعب مهرجان دمشق المسرحي الدور الأبرز كمنبر أول ووحيد سبعينيات القرن العشرين، الذي ما لبث أن انكفأ على نفسه مع بدء الأحداث الدامية قبل ثمانية أعوام. لتصبح المسارح السورية العريقة آخر اهتمامات الهيئة العربية للمسرح، في فتح باب المشاركة لتقف إلى صف بقية المهرجانات الوطنية المحلية المدعومة من الهيئة، رغم أن بعض الدول العربية السالفة الذكر لا تزال تشهد حالة من الصراع السياسي داخل بلدانها.
من الشروط التي أقرتها اللائحة التنظيمية للهيئة في حق الاستضافة، توافر البنية التحتية في البلد المستضيف وتأمين كافة المستلزمات من قاعات تدريب ومسارح للعرض، إلى جانب الرعاية الأمنية والفكرية للمشتركين، وهو ما لا تستطيع المؤسسات والجهات الثقافية السورية أمام تشرذم الوضع السياسي استيعابه. الجدير بالذكر أن بعض الكتّاب السوريين في مجمل مشاركاتهم بمسابقة المهرجان العربي للمسرح المنعقدة خارج القطر السوري، قد استطاعوا نيل المراكز الأولى على مدى خمس سنوات متتالية. منهم أحمد إسماعيل، وائل قدّور، آنا عكّاش، ضاهر عطية، طلال نصر الدين، مهند العاقوس وإبراهيم الحساوي. إلا أن غيابهم في الثلاث سنوات الأخيرة من عمر المسابقة العربية كان لافتاً، أمام التصاعد الملحوظ للحركة السينمائية السورية في الملتقيات والمهرجانات العربية والأوروبية في الآونة الأخيرة.

المساهمون