دعا المشاركون في الفعالية التي تنظّمها "بلدية إسطنبول الكبرى" إلى إقامة مشروعات مشتركة، بهدف المساهمة في دمج خبراتهم في بنية الحياة الثقافية في تركيا، عبر مؤسسات تهتمّ بالمسرح والسينما والاعلام، حيث أشارت الروائية السورية ابتسام شاكوش، إلى أهمية أن تنقل الإصدارات العربية إلى اللغة التركية، وتعميم تجربة تاسيس مراكز ثقافية عربية في مختلف المدن التركية، لافتة إلى تجربتها إلى جانب مثقفين سوريين في افتتاح مركز ثقافي داخل مخيمات لجوء السوريين في تركيا.
من جهته، رأى الأكاديمي السوري، محمود السيد الدغيم، أنه "بعد مئة سنة على قطع جسور الوصل بين العرب والأتراك، لا بد من العمل بجدية واحترافية اليوم، ومنها فهرسة المخطوطات في تركيا ليتاح المجال للباحثين من الاطلاع عليها"، منوّهاً إلى "توقف مشروع "تويو تورك" عن الفهرسة وطباعة الكتب المستندة إلى المخطوطات القديمة، بعد طباعة 32 كتاباً، ومساهمته وفريقه بفهرسة مكتبة "توب كابيه" و"سليمان القانوني" في إسطنبول".
وتطرق الروائي السوري، مصطفى عبد الفتاح إلى ما يعانيه المثقفون العرب المقيمين في تركيا من صعوبات في النشر، أما الشاعر العراقي، عمر عناز فاقترح تفعيل الأدب العربي عبر أمسيات وأعمال شعرية ومسرحية مشتركة، واستضافة الكتّاب العرب على الشاشات التركية ليتجّه الأتراك نحو تذوق الشعر والأدب العربي".
وأشار رئيس "رابطة الأكاديميين العرب في تركيا"، الباحث خليل الحمداني إلى التشويه المتعمّد للتاريخ العثماني، ما يحتاج مراجعة وتقديم قراءات جديدة لإصدار أعمال عربية تركية مشتركة في هذا السياق، كما تحدّث عن "عدم وجود غطاء قانوني للجامعات العربية الخاصة التي يتم افتتاحها في المدن التركية".
ولفت الوزير المصري السابق صلاح عبد المقصود إلى احتضان تركيا للمثقفين بعد حملات التهجير والملاحقة في بلدان الربيع العربي"، بينما ناقش السياسي المصري أـيمن نور أثر العثمانيين في الثقافة العربية، ابتداءً من جريدة "الوقائع" المصرية التي تأسّست قبل 190 سنة، مروراً بالمؤثرات التركية التي أدخلها عبده الحمولي إلى الموسيقى العربية.
وكان الملتقى انطلق بهدف التعارف وتبادل الآراء في إطار السعي لإطلاق وتطوير مشاريع مشتركة، وإتاحة فرص التعاون المتبادل في مشاريع ثقافية من قبيل إعداد أعمال أدبية وشعرية وإطلاق مجلات وأعمال مسرحية وسينمائية، فضلاً عن خلق جسر ثقافي بين المثقفين العرب وبين الجامعات والمجالس العلمية والثقافية في إسطنبول، وباقي المدن التركية الكبرى.
وأشار رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، مولود أويصال إلى أن ما تمر به بلدان المنطقة اليوم، يوازي ما عانته أوروبا خلال الحربين العالميتيّن، بل ربما يزيد عليه، بعد أن أخذت حروب اليوم، أشكالاً حضارية وثقافية ومحاولات لطمس الهوية.
بدوره، تحدث النائب عن حزب "العدالة والتنمية" ياسين أقطاي حول معاناة شعوب البلدان العربية التي هبّت على أنظمتها الاستبدادية لنيل الحرية وكيف تمت مواجهتها بالقوة والقتل والتهجير، لتمنع عنها الحياة والحريات التي تنتظرها منذ مئة سنة، معبراً ما جرى من انقلاب على الديمقراطية بمصر وما يجري من قهر وقتل للشعوب كما يجري بسورية، هو عار على الإنسانية، ودليل لرغبة الدول التي تدعي الحضارة في المحافظة على أنظمة القمع والاستبداد.
ورأى نائب رئيس مجلس الأمناء لوقف "نشر العِلم التركي"، بلال أردوغان، أن "الملتقى يشكّل فرصة للتفكير واليحث عن حلول لما نواجه من أزمات كعرب وأتراك، وأن على النخب الثقافية مهام وأدوار في إنتاج المعرفة لمواجهة الحروب والأزمات التي تتعرَض لها بلدان المنطقة.
يختتم الملتقى اليوم عبر تقديم مقترحات وتوصيات يتابعها عن الجانب التركي، رئيس بلدية إسطنبول والنائب ياسين أقطاي، ليصار إلى مأسسة التعاون وإقامة مؤسسات علمية وثقافية عربية في تركيا، من شأنها نقل الثقافة والمعرفة وتوطيدهما، من وإلى الطرفين.