ما زالت رائحة زواره القادمين من حيفا ويافا وعكا وبقية المدن الفلسطينية المحتلة عام 1948 عالقة على جدرانه الأربعة الصغيرة، وهي الشاهد الوحيد الذي ما زال يلتزم الصمت من دون أن يستطيع النطق حيال قهر وألم تكبده الآلاف من الفلسطينيين، في حقبة لا يستهان بها في هذا الزمن الذي سرق فيه محتل معالم فلسطين العربية من بحرها إلى نهرها.
"قهوة بدران" تلك الحكاية الفلسطينية العتيقة التي تتوسط حارة "القزازين" وسط البلدة القديمة في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، وبسنواته التي تتجاوز المائة وعشرة أعوام وربما أكثر من ذلك، لا يزال المقهى يحتفظ في مساحة صغيرة (50 متراً) بتاريخ الفلسطينيين وأصالتهم حتى يومنا هذا، وبالرغم من أن الوجوه تغيرت كثيراً، إلا أن رواده لا يزالون على الحال نفسه، متمسكين بذلك الزمن الذي كان فيه الأجداد حاضرين في الأفراح والأتراح وحقبة التهجير والتنكيل وعذابات الاحتلال.
كبار السن، وأولئك الشباب الراغبون في العودة إلى الماضي، هُم من أبرز زوار المكان، كما يقول محمد فرايج (60 عاماً) وهو الذي يدير المقهى منذ قرابة 20 عاماً، ويتحدث إلى "العربي الجديد" أثناء تحضيره أكواب القهوة لمسنين يلعبان "ورق الشدة" على طاولة صغيرة في الزاوية، ويضيف متحسراً على السنوات الطويلة التي مضت.
يستذكر فرايج، الراحل جميل بدران مؤسس القهوة، والذي كان يحدثه عن زواره من كافة أنحاء فلسطين، قبل أن تعرف القهوة الاحتلال الإسرائيلي، وعن زواره أيضاً، من بعض الدول العربية، لا سيما السعوديون الذين ما زال بعضهم يستذكره، ويسأل عن حاله حتى اليوم.
ويقول فرايج: "إن "قهوة بدران" تراث فلسطيني عربي، وأول مقهى في مدينة الخليل، وربما فلسطين وبلداتها القديمة، فقد كان من يتسامر فيها من كبار السن ووجهاء العشائر، إضافةً إلى مكان يتناقل فيه الناس أخبارهم وأحوالهم ويتابعون فيه أحوال الحروب وويلات التهجير، ويتبادل الناس فيه همومهم وأتراحهم وأحزانهم، ولا يزال، لكن بوتيرة أقل".
ومنذ قدوم الاحتلال الإسرائيلي إلى فلسطين واحتلاله مدينة الخليل عام 1967، بدأت البلدة القديمة التي يتوسطها المقهى تتعرض إلى حملات تهويد وتهجير وسيطرة من جيش الاحتلال ومستوطنيه، وباتت اليوم شاهداً على حقبة زمنية مارس فيها الاحتلال الإسرائيلي جرائم ضد الفلسطينيين، وسكان البلدة القديمة على مدار العقود الماضية.
"رائحة الأجداد ستبقى هنا على حالها، وفلسطين ستعود يوماً، وسيعود المجد إلى المقهى، سنحدث الأجيال عن تاريخنا، وسنبقى هنا في البلدة القديمة، متمسكين بها مهما فعل الاحتلال ومستوطنوه" يختم بدران حديثه ويعود من جديد إلى تفقد زبائنه وتلبية طلباتهم.
77 عاماً مرت من عمر المسن عبد الرؤوف الجعبري الذي يعيش بالقرب من المقهى، ويقول إن ضجيجه بالمسنين حين كان صغيراً لا يزال كما هو في المكان، ولو أن الزمان تغير، أصبح من روداها منذ أن ترك مهنته (الإسكافي) للحصول على بعض التسلية، ولقاء الأصدقاء، إذ يتسامرون من جهة، ويتبادلون الحديث من جهة أخرى، وهم يلعبون لعبتهم المفضلة، ورق الشدة أو طاولة الزهر.
أما أبو فارس (66 عاماً) فيأتي إلى المكان هنا باعتباره، كما يقول لـ "العربي الجديد"، من الآثار العربية، وتاريخاً وحضارة للفلسطينيين من أيام الأجداد، ويضيف أنه منذ سنوات طويلة يتردد على المقهى ليستذكر شيئاً من تاريخ فلسطين، وأولئك الناس الذين زاروها ورحلوا عنها وتركوا رائحتهم عالقة بين شقوق الذكريات.
تلك الجدران، لو تستطيع البكاء لذرفت الدموع شوقاً إلى ذكريات من رحلوا وكانوا قد تجالسوا في حضنها، ولبكت ألماً من مستوطنين لا تفهم ما يقولونه، وأغراباً أصبحوا رغماً عنها جيرانها.
"قهوة بدران" تلك الحكاية الفلسطينية العتيقة التي تتوسط حارة "القزازين" وسط البلدة القديمة في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، وبسنواته التي تتجاوز المائة وعشرة أعوام وربما أكثر من ذلك، لا يزال المقهى يحتفظ في مساحة صغيرة (50 متراً) بتاريخ الفلسطينيين وأصالتهم حتى يومنا هذا، وبالرغم من أن الوجوه تغيرت كثيراً، إلا أن رواده لا يزالون على الحال نفسه، متمسكين بذلك الزمن الذي كان فيه الأجداد حاضرين في الأفراح والأتراح وحقبة التهجير والتنكيل وعذابات الاحتلال.
كبار السن، وأولئك الشباب الراغبون في العودة إلى الماضي، هُم من أبرز زوار المكان، كما يقول محمد فرايج (60 عاماً) وهو الذي يدير المقهى منذ قرابة 20 عاماً، ويتحدث إلى "العربي الجديد" أثناء تحضيره أكواب القهوة لمسنين يلعبان "ورق الشدة" على طاولة صغيرة في الزاوية، ويضيف متحسراً على السنوات الطويلة التي مضت.
يستذكر فرايج، الراحل جميل بدران مؤسس القهوة، والذي كان يحدثه عن زواره من كافة أنحاء فلسطين، قبل أن تعرف القهوة الاحتلال الإسرائيلي، وعن زواره أيضاً، من بعض الدول العربية، لا سيما السعوديون الذين ما زال بعضهم يستذكره، ويسأل عن حاله حتى اليوم.
ويقول فرايج: "إن "قهوة بدران" تراث فلسطيني عربي، وأول مقهى في مدينة الخليل، وربما فلسطين وبلداتها القديمة، فقد كان من يتسامر فيها من كبار السن ووجهاء العشائر، إضافةً إلى مكان يتناقل فيه الناس أخبارهم وأحوالهم ويتابعون فيه أحوال الحروب وويلات التهجير، ويتبادل الناس فيه همومهم وأتراحهم وأحزانهم، ولا يزال، لكن بوتيرة أقل".
ومنذ قدوم الاحتلال الإسرائيلي إلى فلسطين واحتلاله مدينة الخليل عام 1967، بدأت البلدة القديمة التي يتوسطها المقهى تتعرض إلى حملات تهويد وتهجير وسيطرة من جيش الاحتلال ومستوطنيه، وباتت اليوم شاهداً على حقبة زمنية مارس فيها الاحتلال الإسرائيلي جرائم ضد الفلسطينيين، وسكان البلدة القديمة على مدار العقود الماضية.
"رائحة الأجداد ستبقى هنا على حالها، وفلسطين ستعود يوماً، وسيعود المجد إلى المقهى، سنحدث الأجيال عن تاريخنا، وسنبقى هنا في البلدة القديمة، متمسكين بها مهما فعل الاحتلال ومستوطنوه" يختم بدران حديثه ويعود من جديد إلى تفقد زبائنه وتلبية طلباتهم.
77 عاماً مرت من عمر المسن عبد الرؤوف الجعبري الذي يعيش بالقرب من المقهى، ويقول إن ضجيجه بالمسنين حين كان صغيراً لا يزال كما هو في المكان، ولو أن الزمان تغير، أصبح من روداها منذ أن ترك مهنته (الإسكافي) للحصول على بعض التسلية، ولقاء الأصدقاء، إذ يتسامرون من جهة، ويتبادلون الحديث من جهة أخرى، وهم يلعبون لعبتهم المفضلة، ورق الشدة أو طاولة الزهر.
أما أبو فارس (66 عاماً) فيأتي إلى المكان هنا باعتباره، كما يقول لـ "العربي الجديد"، من الآثار العربية، وتاريخاً وحضارة للفلسطينيين من أيام الأجداد، ويضيف أنه منذ سنوات طويلة يتردد على المقهى ليستذكر شيئاً من تاريخ فلسطين، وأولئك الناس الذين زاروها ورحلوا عنها وتركوا رائحتهم عالقة بين شقوق الذكريات.
تلك الجدران، لو تستطيع البكاء لذرفت الدموع شوقاً إلى ذكريات من رحلوا وكانوا قد تجالسوا في حضنها، ولبكت ألماً من مستوطنين لا تفهم ما يقولونه، وأغراباً أصبحوا رغماً عنها جيرانها.