رغم أن عهد المجلات الثقافية التي تقدم الشعراء ولّى، لكن الاحتفاء بهذا الإصدار في مقهى "قهوة وكتب" الذي جرى مؤخراً يشير إلى حالة من التعطش والحنين، ويعبر إطلاق هذه المجلة عن حاجة الشباب، جيل الوسائط الاجتماعية الرقمية، إلى ما يشبه الاعتراف الورقي.
رئيس تحرير المجلة، محمود جمعة، اعتبر أن هناك حالة من "مجانية النشر بدأت منذ عام 2003، وأن ثمة ضياعاً كبيراً للأدب الحقيقي رافقه غياب للمعايير النقدية".
الحاجة إلى المجلة، في رأي جمعة، تأتي مع الحاجة إلى منصة بعيدة عن التنازع السياسي والثقافي والطائفي، الذي جعل من المجلات والمواقع سلسلة من المنابر المحتكرة من هذه الجماعة أو تلك "الشلّة".
وفي حين تحدّث مثقفون خلال إطلاق المجلة عن فكرة "الجيل السادس من الشعراء العراقيين"، إلا أن مقولة الجيل بحد ذاتها فسدت تقريباً، فمنذ نهاية التسعينيات اختفى مفهوم الجيل الشعري حتى من النقد العربي، وهذا نتيجة حتمية لاتساع رقعة النشر على الإنترنت وتعدّد التجارب وتنوّع خلفياتها وتشعّب هوياتها، وظهور أشكال جديدة من الشعر الإلكتروني.
يقول بيان المجلة إنها "إيمان بالصوت الجماعي في الفعل الثقافي، ولا تدعو إلى شيء بقدر ما توثق وتقدم تجارب شعرية"، مضيفاً أن المجلة "محاولة لكسر نمط المؤسسة في تصدير الشعر بعد أن سار جنباً إلى جنب مع الأيديولوجيا والروابط الاجتماعية".
الدافع لإصدار مجلة، ليس النشر، وفقاً للقائمين عليها، لا سيما وقد تعدّدت بواباته ونوافذه ومنابره الإلكترونية. لكن الدافع الأساس هو تمثيل جماعة الشعراء الشباب المهمشين "بمطبوع يعبّر عن هويتها ومشروعها الشعري ورؤيتها النقدية، فهي لا تكتفي بالمعاينة بل تنظر لجوهر الشعر لتعبّر عن رؤية جيل أو مجموعة".
يتابع بيان المطبوعة "إنّ الثقافة العربيّة والعراقيّة على وجهٍ أخصّ هي ثقافة شعريّة، إذ يشكّل الشّعرُ الجانبَ الأكبر منها، ووفقاً لهذه التّراكمات الكميّة التي أنتجت تجاربَ نوعيّة صار للشّعر العراقيّ مكانة كبيرة خصوصاً في مرحلة ما بعد السياب، رافق ذلك الصّراعات الإيدلوجية التي أنتجت شعراً يمكن أن نقول إنّه ذو طابع إيديولوجي في الغالب".
انطلقت "مسقى" كردّ فعل على "الميديا والإشهارية والمجّانية التي اتّسمت بها الحياة وليس الشعر وحده"، حيث يشرف مجموعة من الشباب على اختيار النصوص والمواد، بدعم من دار "سطور".
تأتي المجلة في ستة أبواب؛ "نصوص"، "مقالات"، "ترجمات"، "حوار"، "نافذة"، "من الأمس"، وتضمّن العدد الأول مجموعة نصوص لـ علي عمار، ومهند يعقوب، ووائل السلطان وآخرين، إلى جانب ترجمة لمجموعة من قصائد الإيراني حسين بناهي، ومقال بعنوان "سر اهتمامنا بكتابة الشعر وقراءته" لريتشارد برافورد، إلى جانب حوار مع الشاعر والمترجم شاكر لعيبي.