"لا كاسا دي بابيل" و"بيلا تشاو"... أغنية يرددها الببغاء

01 أكتوبر 2019
محاولات لجذب الجمهور من خلال اسم المسلسل (Imdb)
+ الخط -
يبدو أن هوس العرب بالمسلسل الإسباني "لا كاسا دي بابيل" لا حدود له، فمنذ أن بدأ عرضه، قبل عامين، أنتج العرب عشرات الأعمال الفنية المستوحاة منه، كأغانٍ ومسرحيات وفيديوهات؛ ومن أوائل هذه الأعمال، مسرحية "لا كاسا ولا فنجان" السعودية، التي أعادت تصوير أحداث المسلسل بطريقة كوميدية؛ كما باتت الأزياء الموحدة الخاصة بالمسلسل من أكثر السلع انتشاراً في المتاجر العربية بهذه السنوات. وبعد بث الجزء الثالث من المسلسل قبل شهرين، ازداد عدد الأعمال المستوحاة من "لا كاسا دي بابل" بشكل كبير.

جميع الأعمال المستوحاة من "لا كاسا دي بابيل" لا ترتقي لمستواه (المتدني درامياً)؛ إذ لا يمكن وصفها سوى بأنها محاولات للفت الأنظار وجذب الجمهور من خلال الاستناد إلى اسم المسلسل، الذي بات "ترند" على المستوى العالمي. قد يكون أحد أبرز الآثار السلبية لتنامي شعبية مسلسل "لا كاسا دي بابيل" عربياً، هو ما حدث بالأغنية الإيطالية الشعبية "بيلا تشاو"، التي تم تبنيها كنشيد للمقاومة المناهضة للفاشية في إيطاليا في زمن الحرب العالمية الثانية، وتم تداولها بعد ذلك كترنيمة للحرية والمقاومة حول العالم.
هكذا، إلى أن جاء "لا كاسا دي بابيل" الذي استخدمها بسياق مماثل، ليضفي نكهة البطولة والثورة على عملية السطو التي تنفذها عصابة البروفيسور، صاحبة أقنعة دالي. استخدام المسلسل للأغنية، واقترانها به في العديد من الأوساط الثقافية الهشة، فرّغ الأغنية من معناها؛ ذلك ليس بسبب أحداث المسلسل وحسب، بل أيضاً بسبب الارتدادات الثقافية والتفاعلات الفنية التي جاءت بعد ذلك، إذ قام عدد كبير من الفنانين باستخدام لحن "بيلا تشاو" وارتداء قناع دالي في أغانٍ أنتجوها بسياق سطحي غير مرتبط بمفهوم الثورة والنضال الشعبي، بل متعارض معه ببعض الأحيان. وهو أمر يمكن التماسه بشكل كبير بالنتاجات العربية المقتبسة عن أغنية "بيلا تشاو".
أحد أبرز تلك الأمثلة أغنية "بيلا تشاو بالعربي" التي أطلقتها المغنية اللبنانية شيراز قبل أيام، وصورتها على طريقة الفيديو كليب؛ وبهذه الأغنية حولت شيراز "بيلا تشاو" لأغنية عاطفية رديئة، كلماتها مفككة ومفتعلة، والكليب الخاص بها مستمد من قصة المسلسل بعد أن تم تسطيحها واختزالها بلقطات استعراضية، تجعل من العمل برمته "بارودي" مسيئا للمسلسل الأصلي والأغنية، بل إنه يسيء للعرب أيضاً، بسبب استخدامه لأسماء العواصم العربية، كالقدس ودمشق وبيروت، بطريقة كاريكاتورية بمحاكاتها للمسلسل الأصلي.

كما تم استخدام أغنية "بيلا تشاو" في سورية بسياق مناقض لمدلولاتها الأصيلة. يبدو ذلك واضحاً بالأغنية التي نشرها الإعلامي الداعم لنظام الأسد، رفيق لطف، والتي ناجت الرئيس الأسد لمحاربة الفساد وإنقاذ البلاد من الأخطاء الفردية؛ لتقوم هذه النسخة بتحويل "بيلا تشاو" من أغنية معادية للفاشية إلى أغنية داعمة لنظام فاشي، كنظام الأسد.
بيد أن هناك بعض النسخ التي أصدرها العرب من أغنية "بيلا تشاو" يمكن وصفها بأنها جيدة نسبياً، مثل النسخة التي قدمتها الفلسطينية عزة زعرور، والتي قامت فيها بتقديم توزيع جديد للأغنية الإيطالية، بقيادة آلة العود الشرقية.
المساهمون