"فولكسفاغن" بحاجة إلى معجزة لاستعادة سمعتها

2CA83E7B-EE56-4367-A7F1-2798831341F6
موسى مهدي
صحافي بريطاني من أصل سوداني؛ محرّر في قسم الاقتصاد في "العربي الجديد".
01 أكتوبر 2015
A593DDFF-8D35-454B-9DF8-6A1AB8D68E81
+ الخط -


ربما تكون شركة فولكسفاغن، ثاني أكبر شركة إنتاج سيارات حول العالم، بحاجة إلى معجزة لاستعادة سمعتها، وربما تكون صناعة السيارات المزوّدة بمحركات الديزل ككل دخلت في نفق مظلم ومكلف بعد هذه الفضيحة التي هزّت صناعة السيارات والثقة في ما تقدمه من معلومات.
 
فالجشع وحب التفوّق هو الذي أوقع فولكسفاغن، في هذه الفضيحة، التي لا تزال تتفاعل وتزلزل عرش الشركة وموديلات الديزل في أنحاء العالم.

وفضيحة فولكسفاغن شبيهة بفضيحة شركة أنرون التي كانت من أكبر شركات الغاز المسال في العالم قبل أن تدخل نفق الإفلاس ويختفي اسمها نهائياً في بداية القرن الجاري بسبب الاحتيال.
فهذه الفضيحة تعد غنيمة ضخمة لشركات المحاماة الكبرى في أميركا التي ستدافع بشراسة عن كل مواطن أو ولاية أو مدينة ترفع قضايا تعويض ضد الشركة الألمانية.

وحتى صباح أمس، فقدت القيمة الدفترية للشركة حوالي 40% من قيمتها، أي أن سهم الشركة انخفض منذ يوم 18 سبتمبر/ أيلول وحتى الآن بقيمة 40% في التعاملات الصباحية في فرانكفورت إلى 97.7 يورو.

وبذلك تكون فولكسفاغن قد خسرت 22.3 مليار يورو (حوالي 25.5 مليار دولار).
وتضاف إلى هذه الخسائر إلى الكلف التي ستتكبدها الشركة خلال الشهور المقبلة، حيث إنها ستبدأ في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري استرجاع حوالي 11 مليون سيارة من أنحاء العالم، من طُرُز سيارات الديزل التي صممت محركاتها بالبرنامج الذكي أو "البرنامج الغشاش"، الذي يخدع أجهزة فحص سلطات البيئة والحركة في أنحاء العالم.

وستتراكم هذه الخسائر حينما تضاف إليها الغرامة المتوقعة في أميركا والمقدّرة بحوالي 18 مليار دولار.

وحسب معلومات أميركية، استقتها "العربي الجديد" من مصادر خاصة، فإن الشركة ستتعرض لغرامات منفصلة عن الغرامة الفيدرالية المقدرة بحوالي 18 مليار دولار، في الولايات الخمسين بأميركا.

كما يعد فريق من المحامين في أميركا لتولي الدعاوى الخاصة بالأضرار التي تعرّض لها المواطنون من التلوث الذي تطلقه عوادم سيارات الديزل التي تنتجها شركة فولكسفاغن وفروعها المختلفة.

وحتى الآن أعلنت شركة فولكسفاغن أنها ستسترجع سيارات الديزل المصممة بالبرنامج الذكي، لإجراء تعديلات عليها.

من بين هذه السيارات 5 ملايين سيارة فولكسفاغن من طرز الديزل و2.1 مليون سيارة من طرز أودي و1.2 مليون سيارة من طرز سكودا و1.8 مليون سيارة من طرز سيارات الفان.
 
وإذا افترضنا أن استرجاع كل سيارة من هذه السيارات لإصلاح عملية الغش سيكلف الشركة 100 دولار، وهو تقدير منخفض جداً، فإن ذلك سيعني أن الشركة ستخسر حوالي 11 مليار دولار.

ويشير تقرير مصرف "بي إن بي باريبا" الفرنسي إلى أن كلفة تصميم سيارة الديزل لكي تتوافق مع قوانين خفض تلوث البيئة، يبلغ 1300 يورو. ولكن بعد هذه الفضيحة وتشديد الإجراءات، سترتفع الكلفة بمبالغ تراوح بين 200 إلى 300 يورو.

ولكن السؤال المطروح الآن، ما الذي ستفعله الشركة بعد تعطيل هذا البرنامج الذكي، ما الذي ستُدخله لجعل سياراتها من طرز الديزل متوافقة مع قوانين التلوث البيئي في أميركا أو في أوروبا أو غيرها، وخاصة أن الاختبارات التي أجراها الفريق الهندسي الأميركي، أثبتت أن محركات الديزل التي تستخدمها السيارات التابعة لشركة فولكسفاغن الأم أو فروعها تفوق

المعدل المسموح به من التلوث بحوالي 40 ضعفاً.

اقرأ أيضاً: "فولكسفاغن" تنوي استدعاء 11 مليون سيارة لإصلاحها

وهذا يعني أن خسائر الشركة ستتضاعف خلال الشهور المقبلة. وسيواصل المستثمرون الهروب ليس فقط من أسهمها ولكن كذلك من سنداتها.

ورغم أن شركة فولكسفاغن شركة غنية، حيث بلغت مبيعاتها في العام الماضي 2014، حوالي 225 مليار دولار، وحتى قبل هذه الفضيحة، كانت الشركة تستدين بسعر فائدة يقدّر بحوالي 0.75% من السوق، وكان المستثمرون يشترون سنداتها كأحد "الملاذات الآمنة" لحماية ثرواتهم في أوقات الاضطراب. ولكن منذ إنتشار هذه الفضيحة ارتفعت كلفة التمويل.

وحسب تقديرات في حي المال البريطاني، فإن معدل الفائدةعلى سنداتها بلغ أكثر من 2.25%، حيث ارتفعت كلفة التأمين وأرتفع حجم السندات المعروضة للبيع. وهنالك مخاوف أن تقرر مؤسسات التصنيف الدولية خفض تصنيف فولكسفاغن الممتاز، خاصة بعد أن علّق البنك المركزي الأوروبي شراء سنداتها، ضمن برنامج " التحفيز الكمي".

سيارات الديزل

لم تقف فضيحة فولكسفاغن على الشركة وفروعها فقط، ولكنها ألقت بظلالها على شركات السيارات في أنحاء العالم، حيث هرب المستثمرون من أسهم شركات السيارات التي سجلت انخفاضاً حاداً في كل من بورصات طوكيو و لندن وفرانكفورت، كما انعكست الفضيحة كذلك على تجارة وقود الديزل، الذي سجل المعروض منه زيادة ملحوظة وربما تكون وأنخفضت في لندن أسهم شركات بي إم دبليو ورينو وبيجو وتويوتا، قبل أن تعود للتحسّن في التعاملات التي جرت صباح أمس.

ويرى خبراء في صناعة السيارات، أن هذه الفضيحة ربما تقتل صناعة السيارات المزودة بمحركات الديزل، حيث بدأت سلطات البيئة والحركة في أنحاء العالم تشديد اختبارات سيارات الديزل التي رفعت حصتها خلال السنوات الماضية من سوق السيارات بنسبة 53% في أوروبا وبنسب مشابهة في أميركا.

كيف كشفت الخدعة

مشروع بحثي كلفته 50 ألف دولار فقط ويتكوّن من خمسة باحثين يقودهم جون جيرمان، الباحث بجامعة ويست فيرجينيا، اكتشف خدعة البرنامج الذكي الذي ينظم محركات سيارات فولكسفاغن التي تعمل بالديزل.

هذا البرنامج الذكي الذي ينظّم عمل المحرك يتعرف على نوعية قيادة السيارة، فإذا كانت

السيارة تتم قيادتها لأسباب الاختبار، فإنه يبدأ العمل فوراً لوزن الغازات الملوثة للبيئة التي تنطلق من العادم، حيث يجعلها متوافقة أو أقل من معدل التلوث المسموح به.

أما إذا كانت السيارة تتم قيادتها في الحالات العادية، فإنه لا يتدخل ويترك السيارة تنفث من الغازات الملوثة المعدل الحقيقي للتلوث. ووجدت السلطات الأميركية، في أعقاب نتائج البحث الذي أجراه الفريق الهندسي بقيادة الباحث جيرمان، أن نتائج التلوث التي تعطيها سيارات فولكسفاغن تختلف في الشارع عن الاختبار.

وأجرى الفريق البحثي اختباره على ثلاثة طرز من سيارات الديزل، وهي فولكسفاغن وجيتا وبي إم دبليو 5.

واكتشف الفريق أن نتائج بي إم دبليو متطابقة مع المعلومات التي تروج لها وتعلن عنها في البيئة. أما بالنسبة لسيارات فولكسفاغن، فكانت النتائج غير متطابقة.


اقرأ أيضاً:
40 مليار دولار كلفة فضيحة فولكسفاغن الألمانية
"أودي" تعلن تأثر 2.1 مليون سيارة بفضيحة انبعاثات فولكسفاغن

ذات صلة

الصورة

سياسة

مُنع وزير المال اليوناني الأسبق يانيس فاروفاكيس من دخول ألمانيا لحضور مؤتمر مؤيد للفلسطينيين في برلين
الصورة
مظاهرة في برلين بعد منع مؤتمر فلسطين 13 إبريل 2024

سياسة

خرجت مظاهرة، ظهر السبت، في برلين احتجاجاً على قيام الشرطة الألمانيّة بمنع انعقاد مؤتمر فلسطين، أمس الجمعة، إضافة لمنع الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة
الصورة

منوعات

أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون في جنوب غربي ألمانيا، فصل المذيعة هيلين فارس من عملها بسبب دعوتها إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية.
الصورة
جلسة لمحكمة العدل الدولية بدعوى نيكاراغوا ضد ألمانيا-العربي الجديد

سياسة

انتهت الجلسة الأولى من جلسات المحكمة الدولية، التي بدأت صباح اليوم الاثنين، بشأن طلب التدابير المؤقتة الذي قدمته نيكاراغوا ضد ألمانيا.
المساهمون