"فن": مجلة عادية أخرى

16 يناير 2018
هاني عباس/ من المجلة
+ الخط -
حين تصدر مجلة ثقافية في المنفى، فإن أسئلة المثقف والفنان في المهجر وتأملاته في الهوية واللغة والعمل الفني، وأزمته مع المجتمع المضيف وقضايا التمثيل والاندماج هي أمور من المتوقّع أن تتساجل حولها هذه المجلة على نحو عميق، لا سيما إن كانت تزعم أنها تنوي سدّ حاجة المثقف العربي إلى إسماع صوته في مجتمع جديد يجهله.

يمكن القول إن العدد الأول من مجلة "فن" الإلكترونية العربية الألمانية، جاء مستعجلاً فجرى تقديمه نيئاً من دون نكهة تميّزه، ستنتهي من المجلة دون أن تعرف ما ما هو سؤالها الفعلي والجوهري، وماذا تريد أن توصل للقارئ الألماني على وجه الخصوص؟

المجلة يرأس تحريرها الشاعر والكاتب الصحافي الفلسطيني السوري رامي العاشق، بينما تحرّر المجلة باللغة الألمانية الصحافية والمترجمة ليليان بيتان، ويشارك فيها 52 كاتباُ، وفناناً ومترجماً وصحافياً من تسعة بلدان، هي: سورية، وفلسطين، والأردن، ومصر، والعراق، ولبنان، وأرتريا، وفرنسا، وألمانيا، لكنك لن تشعر بهذا التنوّع والغنى وأنت تتصفحها.

أقسام المجلة هي الأبواب التقليدية والتي تتضمّن: أدب وسينما وفنون الأداء وفنون بصرية، إضافة إلى باب متنوع بعنوان "حياة"، والذي ضم أحد أفضل المواضيع فيها وهو استطلاع لافت أجراه الشاعر عارف حمزة بعنوان "هل ستموت اللغة العربية في المنفى؟".

يتضمّن العدد نصوصاً أدبية لكاظم خنجر، وسعاد لعبيز، ومروان البطوش، وشيخة حسين حليوي، كما تضمّ عرضين لكتاب "أنثى الماء" لـ أيمن سليمان الأحمد كتبه حيدر هوري، ورواية "لا ماء يرويها" لـ نجاة عبد الصمد قدّمه نيرمينة الرفاعي، إلى جانب عروض لأفلام سينما من بينها قراءة لفيلم "آخر أيام المدينة"، والفيلم الوثائقي "ذاكرة مالحة"، وفي باب الفنون البصرية لقاء مع النحّات السوري عاصم الباشا.

وفي حين نجد موضوعاً عن ريم بنا بوصفها "أيقونة الحرية" الفلسطينية، لا تتردّد المجلة في محاورة المسرحي السوري أيهم مجيد آغا الذي يعمل مع المخرجة الإسرائيلية يائيل رونين في برلين، دون حتى أن يتم سؤاله خلال المقابلة عن ذلك.

الالتفات إلى هذه الملاحظة هو التفات لأحد أبرز القضايا التي تخص المثقف العربي عموماً والمثقف العربي في المنفى على وجه الخصوص، لا سيما وأن إقبال الفنانين العرب في المهجر على التصالح مع فكرة العمل مع فنان أو جهة إسرائيلية في ازدياد، وما كان ينبغي على المجلة أن تخطو خطوتها الأولى متجاهلة المسألة.

لا توجد أسئلة معقدة في المجلة، لا توجد مواضيع إشكالية عن المنفى والوجود فيه والحياة بعيداً عن الوطن الأم، المواضيع ثقافية عامة وعادية ولا تحمل هوية بارزة لـ "فن"، لنأمل أن تكون هذه زلة العدد الأول، وأن الأعداد المقبلة ستحمل هوية أوضح. مع ذلك يجدر الالتفات إلى قوة المجلة بصرياً، بمساهمة فنانين عرب من بينهم: منير شعراني وريم يسوف وهاني عباس ورزان صباغ وآخرين.

دلالات
المساهمون