شكّلت السيرة الذاتية بما تضمّنته من أحداث مؤلمة وغير عادية صورة أيقونية حول الفنانة المكسيكية فريدا كالو (1907 – 1954)، وربما أبرزت معارضها الاستعادية العديدة خلال الأعوام الأخيرة الاهتمام بمقتنياتها الشخصية من ملابس وعكاكيز وأحذية تذكّر بجاذبيتها رغم تركيب طرف صناعي، وما سبّبته لها علاقتها مع الفنان دييغو ريفيرا (1886-1957) من أذى نفسي.
"القلب: فريدا كاهلو في باريس" عنوان النسخة الإنكليزية من كتاب الباحث الفرنسي مارك بيتيتجين عن "منشورات أذر"، بترجمة أدريانا هنتر، الذي يكشف عن تفاصيل مرحلة من أكثر المراحل حراجة في حياة الفنانة والذي انعكس على لوحاتها التي رُسمت خلالها.
يعود الكتاب إلى عام 1938، حين غادرت كالو المكسيك لتقيم أول معرض فرديّ لها في نيويورك، حين جاءتها الضربة الأخيرة بعد سلسلة طيلة من الخيانات، ولكنها كانت الأكثر إيلاماً بالنسبة إليها، إذ علمت أن زوجها أقام علاقة مع شقيقتها الصغرى؛ كريستينا.
في أوائل عام 1939، سافرت من أمريكا نحو فرنسا يغمرها قلق واضطراب كبيران، وكانت تلك رحلتها الوحيدة إلى أوروبا، وبداية فترة فريدة من حياتها حيث رغبت أن تحقّق بالنجاح بمفردها، مضيئاً على لقاءاتها مع عدد من الفنانين؛ من بينهم: بابلو بيكاسو وأندريه بريتون ودورا مار ومارسيل دوشامب.
بدأ اهتمام المؤلّف برحلة كالو الفرنسية منذ طفولته حيث كان ينظر إلى لوحتها "القلب" المعلّقة على حائط في بيت عائلته، حتى عرف لاحقاً أنها إهداء منها إلى والده مايكل الذي كان جزءاً من الدوائر السريالية الباريسية في الثلاثينيات، ليتتبع تفاصيل كثيرة حول زمنها الباريسي.
يوضّح الكتاب كيف شعرت فريدا بخيبة أمل من الاستقبال الباهت لأعمالها الفنية في عاصمة الأنوار، آنذاك، حيث استضافها أندريه بريتون وعائلته في شقته التي كانت "ضيقة وقذرة"، بحسب وصف بيتيتجين، الذي يشير إلى استيائها من دفع بريتون لها إلى حلقته السريالية، حيث وجدت أنهم مثقفون بشكل مفرط، كما انزعجت لأن معرضها الذي كانت تنتظره في باريس، لن يقام كما تم إخبارها.
بعد أن قضت حياة بوهيمية برفقة أصدقائها الجدد، استفاقت فريدا بعد ظهر ذات يوم في أحد الفنادق الباريسية وإلى جانبها مايكل بيتيتجين، اللذين اربتطا بعلاقة عاطفية حينها، وقالت "أنا قبيحة، كارثة تمشي على قدمين، تتكشف حياتي وكأنني ما كان يجب أن أكون موجودًا أبداً".
يستخدم الكاتب قصة كالو الرومانسية مع والده، كنقطة انطلاق لإلقاء نظرة داخلية على تاريخ واحدة من أقوى لوحاتها الغامضة؛ "القلب"، الذي يرمز إلى اعتمادها العاطفي على محيطها منذ أصابتها بشلل الأطفال الذي نجت منه بطفولتها، مروراً بجميع التجارب المؤلمة التي عاشتها، لتجد أن شخصيتها المصابة بجروح خطيرة في القلب بمثابة المفتاح لفهم شخصياتها، والطريقة التي يمكن من خلالها تعريف نفسها للعالم.